في معنى المصالحة من جديد

حجم الخط

بقلم د. ناجى صادق شراب

 

 يتجدد الحدث دائما عن المصالحة بإعتبارها المكون الرئيس للغة الوطنية الفلسطينية ، ولا يجرؤ أي من القوتين الرئيسيتين فتح وحماس التخلي عنها لأن شرعيتهما ووجودهما مرتبط بهافلا شرعية لأهما ولا لأى فصيل بالإنقسام , ومن المفارقة السياسية ان التمسك بشرعية المصالحة هو الخيار الوحيد لشرعية أي منهمان فالبديل لذلك بكل صوره يعنى فقدان شرعيتهما، وفقدان هويتهما الوطنية الفلسطينية.المصالحة تفرضها الآن مخاطرحقيقيه ليست فقط مرتبطه بصفقة القرن التى ما زالت إدارة الرئيس ترامب مستمره في تنفيذها وآخرها تحويل هوية اهل القدس التاريخيين على أرضهم من أصحب أرض وحق في الحياة إلى مجرد مقيمين عابرون، بمعنى انه يمكن ترحيلهم لأى سبب من ألأسباب ،والهدف إكتمال دائرة التهويد الكامله للقدس، والأمر لا يتوقف على ذلك بل بمنح الضوء الأخضر المعلن بحق إسرائيل بضم ما تبقى من أراض فلسطينية في الغور وشمال البحر الميت، وضم كل الكتل الإستيطانية ، يعنى قتل مشروع الدولة الفلسطينية والتى أساسها منطقة القلب في الضفة الغربية ، فكل دولة لها قلب واحد ، وقلب فلسطين الضفة الغربية ، وعندما يتم إنتزاع هذا القلب فإنه معرض للموت السريرى الدائم ولا مانع لإسرائيل تثبيت ألإنقسامة بدولة فلسطين في غزه اى واحد في المائة بدولة محاطه بكل مكان من إسرائيل يمكن إحتوائها في أي وقت، وتأتى حتمية المصالحة ألآن بعد تشكيل إسرائيل حكومتها ال35 وهدفها ألأساس تنفيذ صفقة القرن اى إكتمال عملية الضم، وترك ما تبقى للفلسطينيين أن يقبلوا به أو لا يقبلوا به فهذا خيارهم ، ومن ناحية ثانية خلقت الكورونا وضعا عربيا ودوليا غير مواتى لصالح القضية الفلسطينية سياسيا وإقتصاديا، فالدول العربية ستخرج ولديها أولويات داخلية كبيره تشغلها عن فلسطين، وإقليميا لم تعد إيران ولا تركيا قوتان صاعدتان معترف بهما بل ستواجه كل منهما مشاكل كبيره تتعلق بالإقتصاد والحكم، ودوليا ستسود نظريات جديده للقوة ,قد يخرج العالم أكثر توحشا، وليس مستبعدا ان تتراجع أمريكا عن صدارتها للقوة، وجاء افنهيار الأخير للنفط ليفقد كثير من الدول قدراتها الاقتصادية وتراجع سلم الدعم الإقليمى والدولى وكل هذا يعنى أمرا واحدا تفكيك كل مكونات القضية الفلسطينية من محدداتها الأساسية ، وترك الفلسطينيين يبحثون عن خياراتهم ، وأهدافهم وأولوياتهم ، ولهذا معنى واحد ان لابديل امامنا إلا أن نتحول لمتغير رئيس فاعل ومؤثر وله قراره القوى ، الذى يحسب حسابه، وان نثبت وجودنا كمتغير رئيس في القرار الإسرائيلي ، بمعنى ان على إسرائيل ان تفكر اكثر من مرة عندما تريد أن تأخذ قرارا بشأن تقرير مصير فلسطين، وهذا هو المعنى الرئيس للمصالحة إستعادة القرار الفلسطيني لأن يقرر مصيره ، لا ان يقرره غيرهم.ألإنقسام وإستمراره معناه الإستجابة لكل التحولات السياسيه التي تطال القضية الفلسطينية من تفكيك وإذابة، وهذا خيار مرفوض شعبيا ، ويتعارض مع الهوية الفطرية للشعب الفلسطينى . المصالحة معناها اليوم إستعادة القوة الفلسطينية بكل مضامينها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والدولية والقانونية في الداخل والخارج ،لا هدرها بالإنقسام.المصالحة ليست إعادة توزيع للغنائم وهى أصلا غير موجوده وأى غنائم غير غنائم السلطه والمناصب، وليست مجرد إعادة الانتخابات وإختيار رئيس جديد وسلطة تشريعية جديده، المصالحة اليوم اعمق وأبعد من ذلك بكثير الحفاظ على هوية ووحدة الشعب الفلسطينيى في الداخل والخارج، فالإنقسام ليس قاصرا على فتح وحماس وسلطة هنا وهناك ،ومناصب زائله باصحابها، بل تثبيت لتواجد الشعب الفلسطيني وهو العنصر الأقوى في القضية الفلسطينية والصراع الفلسطينى الإسرائيلي ، وطالما هناك شعب واحد هناك قضية ، وطالما هناك قضية فلا بد من الحل الذى يحفظ لهذا الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره والذى يتجسد بالدولة الفلسطينية والقدس عاصمة لها، ليس بالضرورة ان يتم الحل اليوم لكن المهم ان يتم ترسيخ مقومات الحل اليوم ,هذه المقومات لن تتم بدون المصالحة ، بعبارة أخرى وهذا أحد المعان المهمة للمصالحة إذا لم تتحقق المصالحة اليوم نكون قد فقدنا مقومات اى حل سياسى يحفظ للشعب الفلسطيني هويته وحقه التاريخى ودولته.المصالحة اليوم ليست كالمصالحة بالأمس ،فعالم ما بعد كورونا إمام أن نكون وإما ألا نكون، وكيف لنا أن نواجه هذا العالم بغزه الصغيرة ، ام بالضفة الغربية المجزأة إلى كانتونات منعزله تتحكم فيها إسرائيل، عالم ما بعد الكورونا عالم سيحكمه ألأقوى وألأنفع والأقدر على البقاء. وهل الإنقسام يحقق لنا البقاء ، امامنا خياران إما خيار الإبتلاع والإحتواء في أجسام وكينونات سياسيه أخرى ، وإما الحفاظ على هويتنا بلفظ كل خيارات الإحتواء والتبعية.والتبعية والإحتواء في قلب إسرائيل المصالحة تعنى بناء جسما سياسيا قويا لديه المناعة السياسية والمناعة البشرية القادره على مواجهة اى فيروسات للضم والإبتلاع، نحن اليوم أما خيار الكورونا الذى سيطبق علينا في مرحلة ما بعد الكورونا، خيار الإختناق التنفسى، أن تتحكم إسرائيل بأجهزة التنفس الصناعى لديها ، وتتحكم بمقدر ألأوكسيجين الذى يدخل ويخرج ، وتحدد لدينا متى نعيش ومتى نموت. هذا هو الخيار ألأصعب خيار الحياة والموت. القيادات كلها التي نسمع صوتها اليوم زائله وهى في طريها لذلك، والذى يبقى هو الشعب الموحد الواحد.تاريخيا عرف الشعب الفلشطينى انه شعب واحد، حتى الفلسطيني الذى يعيش في كل معاناة المخيمات بقى متمسكا بهويته الفلسطينية، ،والفلسطينى الذى يعيش في الخارج ورغم رفاهية الحياة ظل متمسكا بهذا الهوية ، وهذا مصور قوة الشعب الفلسطيني الذى تمنت في يوم من ألأيام غولدا مائير ان تستيقظ من النوم وتراه قد أختفى ، او أمنية رابين ان يرى غزه ويبتلعها البحر. سر قوة الشعب الفلسطيني في وحدة شعبه، المعنى الحقيقى للمصالحة ان نعيد هذه الوحده والحفاظ عليها ، والحفاظ عليها ليس بالشعارات، بل برؤية إسنراتيجية وببناء القوة ، وكيف نبنى نظاما سياسيا قويا، وإقتصادا قويا ونظاما تعليميا يواكب الثورات العلمية وبنظام صحى قوى يحفظ حياة الشعب، وبالسؤال والإجابة علية كيف نحافظ على بقاء الشعب على أرضه ، ولا ندفعه للهجرة ، بالمصالحة نعم يمكن تحقيق هذه ألأهداف.ماذا ننتظر بعد تشكيل إسرائيل حكومة الضم؟