بقلم: سيفر بلوتسكر
معالجة وباء «كورونا» وإصدار التقارير عن المعركة لصده مصابان بالسياسة ومتأثران بها، في معظم الدول وفي معظم المستويات. فالحكومات تجد أسبابا للثناء على ذاتها، والمعارضات تجد أساسا للتنديد.
تبلّغ الهيئات الإعلامية، التي تتمنى تغيير الحكم، بكثافة عن القصورات والتفاقم؛ أما الهيئات الاعلامية المؤيدة للحكومات فتبشر بتراجع الوباء وبالنجاح في صده. وفي عقدة التضاربات يكون صعباً على المرء أن يعرف أين تنتهي الحقائق وتبدأ الدعاية.
أصبح فقدان الموضوعية عادياً، ليس فقط في الانظمة الاستبدادية مثلما في روسيا، وفي الهند، وفي هنغاريا.
ففي الديمقراطيات أيضا تقع الحقيقة الاحصائية – العلمية غير مرة ضحية للرأي العام المنقسم. في الولايات المتحدة، كل تقرير عن «كورونا» ملون بالسياسة. الديمقراطيون يقولون بوفاة 67 الف شخص، وتنبأ الرئيس ترامب وإدارته بمصيبة على مستوى تاريخي، أما الجمهوريون فيتهمون الصين، ويشيرون إلى الإصابة العالية في إيطاليا وفي اسبانيا، ويتنبؤون بصد التفشي.
لكل طرف إحصاءاته، التي تزرع الارتباك. إن الخصومة السياسية بين حكام الولايات ورؤساء البلديات، حتى من الحزب نفسه، تفاقم المشكلة.
وقد كانت هي السبب للخبر عن الحجم المأساوي لـ «كورونا» في نيويورك. وبسبب الانتخابات العامة، في تشرين الثاني 2020، فإن كل قرار للتسهيل أو عدم التسهيل في الحجر يحاكمه الرأي العام الأميركي بمعايير سياسية.
في بولندا قرر الحزب الحاكم المحافظ – القومي «القانون والعدل» أن يجري، الأسبوع القادم، انتخابات للرئاسة بالبريد، رغم وباء «كورونا» وعدم الإعداد لتنفيذ المهمة بشكل آمن، نزيه، وسري.
ودعا سياسيون وشخصيات عامة رائدة إلى مقاطعتها، ولكن الحزب لا يتنازل لأن لمرشحه، الرئيس القائم آندجي دودا، فرصة طيبة للفوز من الجولة الأولى.
وفي السويد تؤيد حكومة الأغلبية الاشتراكية - الديمقراطية بالذات سياسة الامتناع عن الحجر المتشدد والسماح بالنشاط الاقتصادي، الاجتماعي، والتعليمي شبه الكامل. ويعرض الناطقون بلسانها معطيات تبين، بزعمهم، أن السويد لم تُصب أكثر من دول اوروبا؛ لأنها اتبعت حجرا كهذا. أما المعارضة فتتهم الحكومة بالتسيب وتشير إلى معدل الوفيات العالي (عشرة أضعاف إسرائيل) ومعدل المتشافين المتدني.
وعندنا؟ عندنا سياسة «كورونا» تجد تعبيرها أساسا في نهج الحكومة من بؤر الإصابة في أوساط السكان الأصوليين والبدو.
والذين كانوا ولا يزالون السبب لعدم أفول الوباء. والمقصود أحياء معينة، محددة ومعروفة، برأي الخبراء وحده العزل وتنفيذ التعليمات بلا هوادة كالتباعد الاجتماعي، يمكنه أن يقمع المرض في أوساطهم. لا تطبق التوصيات المهنية لاعتبارات سياسية، وعليه فعدد المصابين الجدد في إسرائيل لا يزال يبلغ أكثر من مئة في اليوم.
وخطر التفشّي المتجدد سيصبح مؤكداً إذا سمحت الحكومة باحتفالات يقوم بها المئات في جبل ميرون بمناسبة «خراب الهيكل» الذي يسمى «لاغ بعومر». هذه الاحتفالات ليست لأغراض دينية، بل نوع من الثقافة الجماهيرية.
بالمقابل، ولحظنا، فإن الخلافات التي يبلغ عنها الإعلام بين الموظفية العليا في وزارات الصحة، المالية، والتعليم، ليست سياسية.
فهي مهنية صرفة، نتيجة لحقيقة انه على رأس الوزارات يقف وزراء أنهوا عمليا ولاياتهم، وبالتالي فإن القوة الحقيقية انتقلت إلى المديرين العامين والموظفين الكبار. لهم تعود الانجازات ولهم تعود الاخفاقات.
سيتغير ميزان القوى هذا جذرياً عندما ستتشكل حكومة جديدة. والاستنتاج السياسي الواجب هو أنه إذا كان «أزرق أبيض» معنيا بوزارة الصحة، فسيكون من الصواب من ناحيته أن يعين وزيرا للصحة شخصية سياسية معروفة وباعثة على الثقة تتمكن من التصدير لسياسيين آخرين والتأثير على قرارات الحكومة، لا عالما ولا بروفيسورا في الطب.
ومن الأفضل أن يبقى حاليا المدير العام الحالي، موشيه بار سيمان توف، في منصبه، حيث يتخذ لدى الجمهور صورة شخصية الادارة القومية ذات المصداقية والنقية من الاعتبارات السياسية.
يمكن أن نعزو بيقين قسماً مهماً من نجاح إسرائيل في مكافحة «كورونا» إلى ضعف القيادة السياسية، وقوة القيادة المهنية.
خسارة بعض الشيء أن يكون هذا النجاح لا يذكر في تقارير وسائل الإعلام العالمية. يحتمل أن تكون هذه أيضا سياسة.
عن «يديعوت»