هل يصلح غانتس، حقاً، لقيادة إسرائيل؟!

حجم الخط

بقلم: يحيعام فايتس


أنهى بني غانتس، الذي هو رئيس الأركان العشرون، وظيفته في كانون الثاني 2015. وفي كانون الأول 2018 قبل انتخابات الكنيست الـ 21 أعلن بصورة احتفالية تشكيل حزب جديد اسمه "منعة لإسرائيل".
كانت أقواله، خلال احتفال إطلاق الحزب، غامضة للغاية. أعلن غانتس أنه من ناحيته فإن دولة إسرائيل هي الأهم، وخارج عائلته الخاصة أطلق في الجو كل أنواع شعارات "يوم الاستقلال" على نمط "سأقود الدولة على ضوء الحلم الصهيوني الذي وجد تعبيره في وثيقة الاستقلال".
ورغم القذارة والتفاهة التي بثها، فإن غانتس استقبل من قبل الجمهور بسرور لسببين: الأول هو أن غانتس كان رئيس الأركان الوحيد الذي سمح بالاعتماد عليه في الساحة السياسية، فموشيه يعلون، الذي أقام حزبا جديدا، وبعده بقليل اعتبر بضاعة سياسية مستعملة بعد أن اضطر إلى الاستقالة من وظيفته كوزير للدفاع، وحاول دان حلوتس الدخول إلى السياسة، لكنه تراجع بشكل مخجل؛ وحاول إيهود باراك العودة إلى السياسة لكنه فشل؛ ونظر غابي اشكنازي إلى الساحة السياسية من مقاعد الجمهور.
السبب الثاني هو أنه لسبب ما تولد الشعور بأن غانتس يستطيع مواجهة المسمار الذي ليس له رأس، رئيس الحكومة الخالد بنيامين نتنياهو.
هكذا، فان الكثيرين أيدوه كمرشح لرئاسة الحكومة، رغم أنه لم تكن لديه أي تجربة سياسية وحكومية. العملية المثيرة للغضب والمحزنة منذ ذلك الحين معروفة. تشكيل قائمة "أزرق - أبيض"، ويئير لبيد الذي منحه الأسبقية، وثلاث حملات انتخابية زائدة ومتعبة، وخيانات منحته إمكانية الحصول على موطئ قدم في قدس الأقداس، قلعة بلفور.
اتفاق التناوب، الذي يمكن أن يوصله إلى بر الأمان، هو الثاني في تاريخ السياسة الإسرائيلية. الاتفاق الاول تم التوقيع عليه في العام 1984 والذي تقرر فيه أن اسحق شامير سيستبدل شمعون بيريس. ولكن هناك فرقا كبيرا بين الاتفاقين. في اتفاق 1984 لم تكن هناك غارة من التشريعات الأساسية من أجل ضمانه. كان يكفي التوقيع على اتفاق ائتلافي كما هو مقبول: بعد سنتين، في تشرين الأول 1986، قدم بيريس استقالته من منصب رئيس الحكومة، وقام شامير على الفور بتشكيل حكومة برئاسته.
كانت العملية بسيطة جدا؛ لأن العالم السياسي في الثمانينيات لم يكن عالم رجال العصابات والمجرمين والمتهمين المستعدين لتحطيم الأدوات من أجل الهرب من رعب المحاكمة.
وقّع غانتس على الاتفاق الائتلافي مع الشخص الذي يمكن تسميته "نحمان فركش السياسة" (نحمان فركش كان معروفا في الستينيات بهروبه من السجن).
إلى جانب هذه الأمور يجب طرح سؤال مصيري بالنسبة له ولنا: هل بني غانتس قادر على مواجهة الحمل الثقيل لرئاسة الحكومة؟ الإجابة حسب رأيي هي إجابة قاطعة: لا، ولا. وهاكم تبريرات ذلك: ثمة رئيسا أركان وصلا الى مكتب رئيس الحكومة دون تجربة مناسبة. الأول هو اسحق رابين، الذي وصل إلى هذا المنصب في العام 1974 مع تجربة عسكرية ودبلوماسية كبيرة. ولكن من ناحية سياسية كان مبتدئا. فترته القصيرة في المنصب (ثلاث سنوات) شكلت حلقة انتقال من جيل الآباء والأمهات (غولدا مائير) في "مباي" إلى انقلاب وسلطة أب جديد – مناحيم بيغن. فشل حكومة رابين كان شرطا رئيسا لهذا الانقلاب.
رئيس الأركان الثاني هو إيهود باراك، الذي انتخب لرئاسة الحكومة في العام 1999 مع تجربة سياسية قليلة، ودون أن يستوعب القواعد السياسية الأساسية، وكانت ولايته التي كانت قصيرة جدا – سنة ونصف السنة – فشلا مطلقا.
لقد حطم حكومته وحزبه، حزب العمل، بسرعة فائقة. باراك أدى إلى نقل صولجان السلطة الى أب آخر، هو ارئيل شارون.
كان رابين وباراك رئيسي أركان بارزين ومرشحين طبيعيين للمنصب. في حين أن غانتس وصل إلى المنصب بالصدفة ودون أي خيار، وإذا فشل فيمكن الافتراض بأن وظيفته كرئيس حكومة لن تكون موفقة على أقل تقدير، فإن نشاطاته في الفترة القصيرة التي عمل فيها كسياسي تدل على أن تقديراته وعملية اتخاذ القرارات لديه معطوبة.
دخل غانتس السياسة من أجل تحقيق أهداف واضحة، لكن فعلياً قام بتحقيق أهداف معاكسة تماما. لقد جاء إلى السياسة من أجل تطهير الأجواء الجنائية المسممة التي نشأت خلال حكم نتنياهو، وإنشاء مناخ عام جديد – معقول، متواضع وموضوعي، لا يقدس الأنا والمصالح الشخصية.
ولكن خطواته الأخيرة تؤدي إلى تحصين مكانة نتنياهو، والمبادئ الإجرامية التي أعلن أنه سيحاربها. ورغم ذلك هناك شك في أن نتنياهو، الذي يتحدث بلا توقف عن "حماية الديمقراطية"، يفهم بأنه يقضي على ما بقي من الديمقراطية ويدوس عليها بصورة منهجية.
وهناك وجه آخر يلقي بظلال ثقيلة على تقديرات غانتس. هل هو لا يفهم أن قرار ضم جزء من الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى خراب بيتنا؟ إن هذا القرار سيحول إسرائيل إلى دولة مجذوبة، على نمط جنوب إفريقيا في فترة الابرتهايد.
هكذا ينتج أن غانتس مستعد للتضحية بكل شيء من أجل الوصول إلى الحكم، حتى لو كان حكما موهوما. لقد تحول إلى عبد لنظام مجنون وفاسد. ومن غير الواضح إذا كان غانتس نفسه يدرك ذلك.

عن "هآرتس"