قبل أن نتورّط: الضم القشة التي قد تقصم ظهر إسرائيل

حجم الخط

بقلم: العميد احتياط راحيل دولف*


يخيل أثناء أيام «كورونا» أن مسألة الضم ليست في صالح إسرائيل، ولا يتوقف أحد لإعطاء الرأي في مسألة لماذا أحتاج الضم، الآن، وما هي مخاطره. وبالتالي من المهم فتح عيون الزعماء والجمهور؛ إذ إن المسؤولين والمواطنين الإسرائيليين يقفون على مسافة خطوة من تخوف حقيقي بمثولهم أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. الضم، أي بسط القانون الإسرائيلي على مناطق أو مستوطنات في «يهودا» و»السامرة»، قد يكون القشة التي ستكسر ظهر البعير. هكذا سينشأ مبرر لإجراءات قانونية دولية يتم الامتناع عنها منذ أكثر من 50 سنة من السيطرة في المنطقة.
المادة 49 (6) من ميثاق جنيف الرابع، بشأن حماية المدنيين في أيام الحرب، تقول إن «القوة لا تبعد ولا تنقل أجزاء من سكانها المدنيين الى أرض احتلتها».
وقد تبنى ميثاق روما هذه المادة أيضا، حيث عُرّفت هذه الخطوة بأنها جريمة حرب. صحيح ان إسرائيل لم توقع على الميثاق، ولكن ليس هكذا يحسم الأمر من ناحية الساحة الدولية. منذ العام 1967 تحتفظ إسرائيل بمناطق «يهودا» و»السامرة»، وتدعي أنها ليست أرضا محتلة (الحجج مع وضد معروفة)، أما عمليا، فالمداولات في الالتماسات التي رفعت الى المحكمة العليا، وأساسا في الـ 15 سنة الأخيرة، يمكن اجمالها بالقول ان إسرائيل لا تعترف بانطباق الميثاق ولكنها تعمل بالتأكيد بموجبه. فمثلا، في الالتماس إلى العليا حول بيت سوريك في العام 2004، قضى رئيس المحكمة العليا، أهرون باراك، والقاضيان الياهو مصا وميشآل حشين بأن «نقطة انطلاق كل الاطراف كانت ان إسرائيل تحتفظ بهذه المنطقة باستيلاء قتالي». بدأت المدعية العامة في المحكمة في لاهاي في السنوات الاخيرة فحصا أوليا حول صلاحيتها للبحث في سلوك الإسرائيليين والفلسطينيين في «يهودا» و»السامرة».
وضمن الشبهات بارتكاب جرائم حرب، كانت مسألة المستوطنات. في ضوء التخوف من أن تأمر بفتح تحقيق، سارع المستشار القانوني مندلبليت الى نشر فتوى، في كانون الاول الماضي، ومن ضمن الادعاءات القانونية الدائمة بأنه ليس للمحكمة صلاحيات قضائية في هذا الشأن، قال إنه «في إسرائيل ادعاءات قانونية سارية المفعول بالنسبة للاراضي التي يدعي الفلسطينيون منح المحكمة الصلاحيات بشأنها.
لقد اتفقت إسرائيل والفلسطينيون، بدعم من الاسرة الدولية على حل الخلافات فيما بينهم بشأن مستقبل المناطق في اطار المفاوضات... وها هم الفلسطينيون بتوجههم الى المحكمة ويسعون الى تحطيم الاطار المتفق عليه بين الطرفين، ودفع المحكمة الى الحسم في مسائل سياسية ينبغي أن تتضح في المفاوضات وليس في اجراء قانون جنائي».
هكذا، بينما احدى يدي الحكومة تدافع ضد تحقيق محكمة الجنايات بوعدها بأن الموضوع موضع خلاف وسيحل بالتوافق بين الطرفين، تأتي يدها الاخرى وتعلن عن ضم من طرف واحد، وهكذا تسحب ما تبقى من الحجة القانونية التي لا تزال في صالح دولة إسرائيل. من بين المخاطر الاقتصادية والأمنية الكامنة في الضم أحادي الجانب، ذكر الخوف من أن خطوة كهذه ستعرض للخطر اتفاق السلام مع الأردن والتعاون الأمني معه، وكذا امكانية انهيار السلطة الفلسطينية، بما له من آثار. في هذه اللحظة تنشغل إسرائيل والعالم في أزمة «كورونا»، وهي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، والتي لن تستمر الى الأبد، وفي اليوم التالي من شأن إسرائيل أن تجد نفسها في مواجهة دولية حادة. هكذا مثلا يمكن لبسط القانون أن يمس مسا شديدا بشركات إسرائيلية. فحسب القانون الإسرائيلي فانها ستلزم بالعمل في «يهودا» و»السامرة» ما أن تعلنا كجزء من الدولة، ولكن حسب قوانين دول التصدير او الاستيراد لهذه الشركات، فانها ستكون اخترقت القانون، وستفرض عليها العقوبات او سيمنع عملها هناك تماما. يكفي أن نفهم معاني استبعاد بنك إسرائيل عن النشاط في دول رائدة في اوروبا.
يجدر بالحكومة والكنيست قبل ان تورطا مواطني إسرائيل بقرار محمل بالمصائر يتمثل بضم من طرف واحد أن تبحثا بعمق، من خلال دراسة جذرية، عموم آثار هذه الفعلة المتسرعة، وأن تعرضا استنتاجاتهما على الجمهور الغفير بشفافية كاملة، بما في ذلك استراتيجية الخروج وانقاذ الذات من جملة الاضرار المرتقبة

عن «معاريف»

*الرقيبة العسكرية الرئيسة السابقة وعضو حركة «قادة من أجل أمن إسرائيل».