أعلن محافظ سلطة النقد عزام الشوا، إطلاق برنامج "استدامة" الخاص بتوفير التمويل للمشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التي تأثرت اقتصادياً بسبب جائحة كورونا، بحجم 300 مليون دولار، والتي ستساهم سلطة النقد بمبلغ 210 مليون دولار منها، وسيتم تنفيذه من خلال المصارف ومؤسسات الإقراض المختصة.
وأوضح الشوا في تصريح وصل وكالة "خبر" يوم الأربعاء، أنّ البرنامج سيتيح للمنشآت المتضررة وتشمل المشاريع التي تديرها نساء، الحصول على التمويل منخفض التكلفة لتجاوز الأزمة الحالية والحفاظ على استدامة عمليات هذه المشاريع وزيادة قدرتها على الحفاظ على العمالة المحلية.
وأشار إلى أنّ البرنامج يأتي في أعقاب دراسة تفصيلية قامت بها سلطة النقد لتقدير حجم الضرر المتوقع أنّ يلحق بالاقتصاد الوطني وتأثير الجائحة على الناتج المحلي الإجمالي.
وبيّن أنّ الأزمة الصحية تحولت بشكل سريع إلى أزمة اقتصادية متدحرجة ومتفاقمة، وأنّ استمرار الأوضاع الحالية من شأنه أنّ يُشكل تهديداً وجودياً للعديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن انهيار هذا القطاع من شأنه الإضرار بشكل كبير بالناتج الإجمالي المحلي، وقد يشكل تعثر قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مخاطر نظامية على الاقتصاد الوطني وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين.
وأكّد الشوا على أنّ أكثر من 98% من المشاريع في فلسطين هي مشاريع صغيرة ومتوسطة، وأنّ الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد حديث ويعتمد بشكل كلي على نشاط هذه المشاريع والمنشآت، وأن استدامة عمليات تلك المشاريع تتطلب توفير السيولة الفورية بأسعار فوائد رمزية، لا تتعدى 3% متناقص وفترة سداد 36 شهر، وذلك للمساهمة في استمرار عمل تلك المشاريع وزيادة قدرتها التشغيلية والحفاظ على استدامتها في ظل الظروف الحالية.
ونوّه إلى أنّه أصدر اليوم تعليمات للمصارف بالإجراءات التنفيذية للبرنامج، مُبيّناً أنّه بإمكان كافة المشاريع المتضررة من الأزمة التوجه للمصارف وتقديم طلبات التمويل العاجل، حيث سيتم البدء باستقبال الطلبات اعتبارًا من صباح الأحد القادم.
وشدّد الشوا على أنّ سلطة النقد ستشرف بشكلٍ مباشر على إجراءات تطبيق التعليمات ومدى توافق طلبات التمويل مع الشروط التي وضعتها ، وستعمل على فحص دقة بيانات تلك الطلبات من خلال أنظمتها المصرفية.
وأضاف: "هذه أول مرة تتدخل فيها سلطة النقد بشكل مباشر من خلال استخدام إحدى أهم أدوات السياسة النقدية من خلال ضخ سيولة بشكل مباشر في السوق، وهو إجراء تطبقه كافة البنوك المركزية منذ ما يزيد عن القرن لتحفيز الأسواق في حالات الكساد والأزمات الاقتصادية ضمن ما يسمى التيسير الكمي، وأن سلطة النقد لن تتوانى عن القيام بدورها في اتخاذ كافة الإجراءات التي تؤدي إلى استدامة عمل القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتشجيع النمو الاقتصادي بهدف تجنب عواقب عمليات تسريح غير منظمة للعمال والحفاظ على خلق فرص عمل مستدامة وتخفيض معدلات البطالة".
كما لفت إلى أنّ سلطة النقد كانت سباقة في اتخاذ إجراءات حكيمة خلال الأزمة خاصة عندما قامت بتأجيل الأقساط للأشهر الأربعة من شهر آذار ولغاية شهر حزيران، وأن هذه الخطوة أدت إلى ضخ ما يزيد عن 1.5 مليار دولار في السوق، وهدفت إلى توفير السيولة في ظل الأزمة من ناحية منح الأفراد والأسر والمؤسسات الفرصة بتأجيل تسديد الأقساط التي كانت ستستحق خلال فترة الإغلاقات وحظر التنقل.
وأكّد على أنّه سيتم متابعة تحديث قائمة المستفيدين من البرنامج ووضع معايير لقياس نتائجه وتحسين شروطه والتفكير في استدامته في ضوء التطورات على أرض الواقع، وأنه تم توجيه المصارف إلى ضرورة توجيه الائتمان للقطاعات الإنتاجية.
وفي ختام حديثه قال الشوا: "إنّ سلطة النقد تُراقب تأثير منح الائتمان على تطور حجم وإنتاجية القطاعات الاقتصادية المختلفة ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي"، مُوضحاً أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى زيادة إنتاجية بعض القطاعات الاقتصادية لتلبية الطلب المحلي بما يؤدي لمواءمة العرض مع حجم الطلب في السوق المحلي.
يُذكر أنّ سلطة النقد أصدرت في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي تعليمات بتخفيض حجم التوظيفات الخارجية للمصارف من ناحية، وتشجيع الاستثمار في السوق المحلي، وأعلنت عن منح حوافز للمصارف التي ترغب بالاستثمار في شركات ناشئة خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والزراعة، وتشجيع المشاريع الريادية وغيرها.