أطلقت سلطة النقد اليوم الأربعاء، برنامج "استدامة" لإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بحجم 300 مليون دولار، على أن يبدأ بتلقي طلبات القروض اعتبارًا من الأحد المقبل، علمًا بأن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها سلطة النقد أحد إجراءات التيسير الكمي، التي عادة ما تلجأ إليها البنوك المركزية لإنعاش الاقتصاد.
وقال محافظ سلطة النقد عزام الشوا خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر سلطة النقد: "ستضخ سلطة النقد في البرنامج 210 ملايين دولار من مواردها الذاتية.
وأضاف أن سلطة النقد تدرس مع الحكومة حشد المبلغ المتبقي (90 مليون دولار) من مصادر أخرى. ويستهدف البرنامج إعانة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تجاوز أزمتها بفعل تفشي فيروس "كورونا".
وذكر: "كنا أمام خيارين، إما الانتظار إلى حين اكتمال المبلغ لإطلاق البرنامج فعلياً، وإما البدء بالمتوفر وبالتوازي العمل على حشد المبلغ المتبقي، لكن تداعيات الجائحة تزداد يوما بعد يوم، لهذا اخترنا ان نبدأ فورا"، مبينا أن "توسيع البرنامج أمر وارد، وسيتم تنفيذ البرنامج عبر البنوك العاملة في فلسطين، بفائدة 3% متناقصة، وعلى فترة سداد لا تتجاوز 36 شهرا".
وأوضح أن البرنامج سيمكن المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الاستدانة منخفضة التكلفة لاستمرار عملها وزيادة قدرتها التشغيلية والحفاظ على استدامتها في ظل الظروف الحالية، مشيرًا إلى ن البرنامج "جاء عقب دراسة تفصيلية قامت بها سلطة النقد لتقدير حجم الضرر المتوقع أن يلحق بالاقتصاد، وتأثير الجائحة على الناتج المحلي الإجمالي، خصوصا أن الأزمة الصحية تحولت بشكل سريع إلى أزمة اقتصادية متدحرجة ومتفاقمة".
ونوّه إلى أن استمرار الأوضاع الحالية من شأنه أن يشكل تهديدا وجوديا للعديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن انهيار هذا القطاع من شأنه الإضرار بشكل كبير بالناتج المحلي الإجمالي، وقد يشكل تعثر قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مخاطر نظامية على الاقتصاد الوطني وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وتُشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة حوالي 98% من المشاريع في فلسطين. وقال الشوا إن "الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد حديث ويعتمد بشكل كلي على نشاط هذه المشاريع، وإن استدامتها تتطلب توفير سيولة فورية بأسعار فوائد رمزية لا تتعدى 3% متناقصة، وفترة سداد 36 شهرا".
وبموجب الدراسة وبيانات الحكومة عن المشاريع المتضررة من الجائحة، حددت سلطة النقد السقوف العليا لاقتراض هذه المشاريع، وشروطه، إذ حددت سقف الاقتراض للمشاريع التي تشغل من 1-4 عمال بعشرة آلاف دولار، لتمويل النفقات التشغيلية ولفترة سداد 36 شهرا، والمشاريع التي تشغل من 5-9 عمال 50 الف دولار لتمويل النفقات التشغيلية، وبفترة سداد 36 شهرا، وسقف المشاريع التي تشغل 10-25 عاملا بـ150 الف دولار لتمويل النفقات التشغيلية ورأس المال العامل بفترة سداد 36 شهرا.
أما المشاريع التي يتجاوز عدد عمالها 25 عاملا فحددت سلطة النقد سقف اقتراضها من البرنامج ب250 الف دولار، لتمويل النفقات التشغيلية ورأس المال العامل والمشاريع تحت التنفيذ، وبفترة سداد 36 شهرا.
وشدّد الشوا، على أن سلطة النقد أصدرت، اليوم الاربعاء، تعليمات للبنوك تتضمن الاجراءات التنفيذية للبرنامج، "وبناء عليه، بإمكان المشاريع المتضررة من الأزمة التوجه إلى المصارف وتقديم طلبات التمويل العاجل، حيث سيبدأ استقبال الطلبات اعتبارا من صباح الاحد المقبل، وسوف تشرف سلطة النقد بشكل مباشر على اجراءات تطبيق التعليمات ومدى توافق طلبات التمويل مع الشروط التي وضعتها، وستعمل على فحص دقة بيانات الطلبات من خلال أنظمتها المصرفية".
ونون إلى أن "هذه هي أول مرة تتدخل سلطة النقد بشكل مباشر من خلال استخدام إحدى أدوات السياسة النقدية بضخ سيولة مباشرة في السوق، وهو اجراء تطبقه كافة البنوك المركزية منذ ما يزيد عن قرن لتحفيز الأسواق في حالات الكساد والأزمات الاقتصادية، ضمن ما يسمى بالتيسير الكمي".
وأشار إلى أن "سلطة النقد لن تتوانى عن القيام بدورها في اتخاذ كافة الإجراءات التي تؤدي إلى استدامة القطاعات الاقتصادية المختلفة وتشجيع النمو الاقتصادي، بهدف تجنب عواقب عمليات تسريح غير منظمة للعمال، والحفاظ على خلق فرص عمل مستدامة وتخفيض معدلات البطالة".