ألمانيا وسويسرا تتوسطان سراً وجنرال مصري ينضمّ إليهما

صفقة تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل «تُطبخ» على نار هادئة

حجم الخط

بقلم: رونين بيرغمان



في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل و"حماس" شق الطريق إلى صفقة قد تؤدي إلى تحرير هشام السيد وأبرام منغيستو، المواطنَين الإسرائيليَّين المحتجزين لدى "حماس"، وإعادة جثمانَي الجنديَّين الإسرائيليَّين، هدار غولدن وأورون شاؤول، انكشفت معلومات مهمة عن الدور الدولي في الاتصالات، وهو دور قد يشهد على فرص نجاحها المحتملة.
مصدر رفيع المستوى للغاية في السلك الدبلوماسي السويسري هو واحد من أربعة وسطاء دوليين رفيعي المستوى ينشغلون في الأشهر الأخيرة بكد في حملات مكوكية بين غزة، تل أبيب، القدس، والقاهرة، في محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل شاملة بين "حماس" وإسرائيل. هذا ما كشفته مجلة "دي زايت" الألمانية المعتبرة في عددها، هذا الأسبوع، والذي نشر على الإنترنت أمس وفي النسخة الورقية اليوم.
إلى جانب الدبلوماسي السويسري يتوسط في الصفقة رجلا استخبارات كبيران جداً عن الاستخبارات الألمانية وجنرال مصري كان شريكاً في الماضي في المفاوضات التي أنضجت الصفقة بشأن جلعاد شاليت.
في تقرير صحافي واسع يطرح هولغر شتارك، نائب المحرر الرئيس للمجلة ورئيس فريق التحقيقات فيها، تفاصيل جديدة وحصرية عن المفاوضات الجارية بسرية شديدة. يعد شتارك الصحافي الألماني ذا العلاقات الوثيقة للغاية مع أجهزة الاستخبارات في بلاده، ونشر في الماضي كتبا عديدة حول العلاقات بين "BND"، الموازي لـ "الموساد"، والاستخبارات الإسرائيلية، وكذا عن الوساطة الألمانية بين إسرائيل والحركات الإرهابية الجهادية في الشرق الأوسط في مواضيع الأسرى والمفقودين في العقدين الأخيرين.
في تقرير صحافي صدر أمس يروي شتارك على لسان زهافا شاؤول أنه أثناء زيارتها إلى برلين في كانون الأول 2017، وفي اللقاءات التي رتبها لها الجيش الإسرائيلي والسفارة الإسرائيلية، طلبت تدخل الألمان في الموضوع، مثلما فعلوا مرات عديدة في الماضي. بعد ثلاثة أشهر من ذلك، في آذار 2018، وصل إلى إسرائيل هايكو ماس، الذي كان تسلم منصبه وزيراً للخارجية الألمانية. ماس، الذي عندما كان وزير العدل طوّر علاقات وثيقة مع سلسلة مسؤولين كبار في إسرائيل، بينهم وزيرة العدل السابقة، أيليت شاكيد، تحدث مرات عديدة عن أهمية الالتزام الألماني والتزامه تجاه إسرائيل، "بسبب أوشفيتس".
وحسب مصادر شتارك، في اللقاء المغلق لرئيس الوزراء نتنياهو في القدس مع ماس، تم اتفاق بينهما على أن تأخذ ألمانيا على عاتقها دوراً نشيطاً من تلك النقطة في المفاوضات أيضاً لإعادة جثماني شاؤول وغولدن، إلى جانب إعادة المواطنَين اللذين على قيد الحياة من غزة.
بعد اللقاء أمرت المستشارة أنجيلا ميركل رئيس الـ "BND"، برونو كال، أن يأخذ على عاتقه عملية الوساطة. كلّف كال بالمهمة اثنين من المسؤولين الكبار. بحث الرجلان عن مسار للوصول إلى "حماس"، عن أحد ما يعرف جيداً كبار رجالات المنظمة، لا سيما زعيمها في القطاع، يحيى السنوار، الذي بخلاف إسماعيل هنية ضالع عميقاً في مواضيع النشاط العسكري والمفاوضات في قضية الأسرى والمفقودين.
بشكل مفاجئ ربما، تبين أن دبلوماسياً سويسرياً كبيراً يتخذ من الشرق الأوسط مقراً هو الرجل المناسب والذي يقيم منذ سنوات طويلة علاقات مع "حماس". من المهم الإشارة في هذا السياق إلى أن سويسرا أدت دوراً مركزياً في الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران بعد اغتيال قاسم سليماني وإطلاق الصواريخ الإيرانية على قواعد أميركية في العراق في كانون الثاني، وهي مفاوضات أدت إلى توافقات وتهدئة ومنعت على ما يبدو اشتعالاً وقتالاً واسعاً بين الطرفين.
للألمانيين والسويسري انضم جنرال مصري كان شريكاً في المفاوضات التي أدت إلى صفقة شاليت. ويكشف شتارك النقاب كيف أنه في تلك المفاوضات "حوّل" الجنرالات المصريون من كان يقف في حينه على رأس الذراع العسكرية لـ"حماس"، أحمد الجعبري، إلى الاعتدال والحداثة. فقد اشتروا له ملابس غربية وأخذوه لأول مرة في حياته إلى فلم سينمائي في قلب القاهرة إلى أن نجحوا في حمله على الموافقة على التنازل في بضع نقاط مركزية، تمهيداً لبلورة الصفقة.
ويتوسط الأربعة منذئذ بين إسرائيل وبين "حماس". وهم يتنقلون بين المدن المختلفة ويحاولون الوصول إلى توافقات. في الأيام الأخيرة يبدو أن الطرفين اقتربا. دافيد ميدان، القائد الكبير السابق في "الموساد" والذي كان وسيطاً عن إسرائيل في المفاوضات التي أدت إلى التوقيع على صفقة شاليت، قال لـ "دي زايت": "يبدو أنه توجد في هذه اللحظة إمكانية حقيقية لصفقة بين "حماس" وإسرائيل لتحرير كل الأسرى والمفقودين. وكأن النجوم لمعت في السماء بشكل يشير إلى التوقيت الأفضل للصفقة في السنوات الخمس الأخيرة. توجد إرادة لدى "حماس"، وتوجد إرادة لدى إسرائيل، والفوارق ليست كبيرة جداً. "حماس"، من جهتها، دخلت في حالة ضغط بسبب وباء كورونا والخوف من أنه عند انفجار الوباء من شأنها أن تبقى بلا معدات طبية مناسبة".
ومع ذلك، يرغب مسؤولون في الاستخبارات الألمانية في أن يكونوا حذرين مقابل التفاؤل الذي وجد تعبيراً له في عدة منشورات في إسرائيل أيضاً، ويعتقدون أنه لا تزال هناك فوارق كبيرة بين الطرفين. مهما يكن من أمر، في كانون الثاني من هذا العام، حسب "دي زايت" زارت زهافا شاؤول برلين، مرة أخرى، لتشكر رؤساء الحكم والاستخبارات هناك على جهودهم لإتمام الصفقة.

عن "يديعوت"