الجانب المظلم للضم: تبييض العقارات الفلسطينية المسروقة

حجم الخط

بقلم: عكيفا الدار



في ظل الضجة السياسية والنقاش الاستراتيجي لبند الضم في الاتفاق الائتلافي، فانه يتم صرف الانتباه، الآن، عن أحد الخطط الكبرى للسطو على الأراضي الخاصة الفلسطينية منذ العام 1967. خلف الحماس الايديولوجي والدافع الامني ظاهريا يختفي مخطط لتبييض العقارات المسروقة. فرض القانون الإسرائيلي على مناطق ج وغور الاردن بشكل عام سينقل الى دولة إسرائيل مناطق ضخمة مسجلة بصورة قانونية على اسم عشرات آلاف الفلسطينيين.
أصحاب الأراضي، الذين تم طردهم أو هربوا الى الأردن في حرب 1967 وتم إسكانهم في مخيمات للاجئين، والكثير من المهجّرين الذين يقدر عددهم بـ 100 – 300 ألف هم لاجئو 1948 الذين تركوا وراءهم اراضي وبيوتا في حيفا ويافا والقدس، سيحول فرض القانون الإسرائيلي في مناطق «ج» بين عشية وضحاها أملاكهم وأملاك ورثتهم إلى «ممتلكات متروكة». أي سيصبح من ممتلكات الدولة المحتلة الضامة.
في العام 2014 قررت المحكمة العليا، بتشكيلة سبعة قضاة، أن ضم شرقي القدس يُمكّن من فرض قانون اموال العائبين على ممتلكات فلسطينيين هربوا أو طردوا الى الضفة الغربية. لذلك، فإن ضم مناطق في الضفة سيحول بالتالي تلقائيا أراضي المهجرين الى ممتلكات متروكة. وحسب أمر القائد العسكري (58) من العام 1967 والذي يسري على الضفة، فان مكانة «اللاجئين الجدد» تختلف عن مكانة إخوتهم القدامى الذين تم الاعلان عن ممتلكاتهم «متروكة» وتم تعليمها بـ «ممنوع دخول العرب».
ينص الأمر على أنه «اذا عاد من كان صاحبا أو من كان يضع اليد قانونيا على الممتلكات المتروكة الى المنطقة وأثبت ملكيته للعقار المتروك أو حقه فيه، حسب الحالة، ينقل المسؤول العقار أو ما يساويه اليه أو الى من يأتي بعده». حتى ذلك الحين كانت الاراضي موجودة في أيدي المسؤول عن الممتلكات الحكومية في الادارة المدنية،  ولم يكن مسموحاً تخصيصها لغاية الاستيطان. الى جانب أمر القائد العسكري فان مجلس الامن الدولي أمر إسرائيل في تموز 1967 أن تسمح لسكان المناطق، الذين هربوا في الحرب، بالعودة الى بيوتهم، في اتفاق السلام مع مصر وفي اتفاقات «اوسلو» تعهدت إسرائيل نفسها بايجاد حل لمشكلة المهجرين.
لا هذا ولا ذاك، حسب رأي البروفيسور في القانون، ايال بنفنستي، فان فرض القانون الإسرائيلي في مناطق «يهودا» و»السامرة» لن يصمد امام القانون الدولي، بل إنه يناقض مبدأ الديمقراطية. وحسب قوله، أي تطبيق لصلاحيات الحكومة الإسرائيلية على فلسطيني، خلافا لتطبيق صلاحيات القائد العسكري النابعة من القانون الدولي، يمكن أن تعتبر مساً غير مسموح به بالحق في الاحترام، لأنها لا تطلب موافقته على سلطتها. يذكر بنفنستي بأنه بعد الثورة الفرنسية عندما بدأ الجيش الفرنسي بالسيطرة على مناطق وراء الحدود، حرص على اجراء استفتاء عام في المناطق الجديدة، من خلال الادراك بأنه يجب عدم فرض الانتماء لدولة ديمقراطية على من لم يعط موافقته على سيادتها.
ولكن في كل ما يتعلق بمشروع الاستيطان فان القانون الدولي وكذلك القواعد الديمقراطية تعتبر مجرد توصيات في افضل الحالات. حكومات إسرائيل على اجيالها أوصلت الاستباحات الى مرحلة الكمال في كل ما يتعلق بالاراضي المهجورة في منطقة غور الاردن. التقرير السنوي لمراقب الدولة، في العام 2005، يكشف أنه في نهاية الستينيات وفي السبعينيات خصص للمستوطنات الإسرائيلية ومواقع الجيش الإسرائيلي في الغور آلاف الدونمات التي كانت بملكية المهجرين. وعند اغلاق ستة مواقع عسكرية أمر رئيس الحكومة، ارئيل شارون، باعطاء الأراضي «المحررة» للمستوطنات المجاورة.
وأشار المراقب الى أن المستشار القانوني لمنطقة «يهودا» و»السامرة» حذر قبل سنتين من ذلك بأن استخدام هذه المناطق غير قانوني، وحذر من عملية «متسلسلة» ستعرض للخطر جميع أراضي المستوطنات ذات العلاقة». حسب قوله، لم تبلغ الجهات الاستيطانية مالكي البيوت وقسائم الاراضي وايضا بنوك الاسكان التي منحتهم قروضا، بأن الامر يتعلق بسرقة فعلية للأراضي.
في حالة واحدة على الاقل، تمت سرقة الأرض بمساعدة ضابطين فاسدين في الادارة المدنية، ساعدا محتالين على السيطرة على اراضي مهجرين من خلال تزوير الوثائق. ولسوء حظهم فان وارث صاحب الأرض، الذي كان وزيرا في الحكومة الاردنية، اكتشف أن الارض تم بيعها ووصلت الى شركة «همنوتا» – الذراع الطويلة والملتوية للكيرن كييمت في المناطق المحتلة.
الضابطان تم تقديمهما للمحاكمة، وخرجا منها بصفقة رخيصة. ومن اجل منع «اخفاقات مشابهة» تم في الادارة المدنية اعداد قائمة سوداء تشمل نحو 2000 فلسطيني تم إعطاء أراضيهم في الغور للمستوطنين (أو كتعويض لفلسطينيين صودرت اراضيهم لصالح جيرانهم اليهود).
خوفا من مطالبة المهجر بحقه حسب القانون الإسرائيلي السائد في «المناطق»، فان طلبات المهجرين لاجتياز نهر الاردن في اطار جمع شمل العائلات أو حتى لزيارات قصيرة، تم رفضها بذريعة ثابتة هي «اعتبارات أمنية». فرض القانون الإسرائيلي في غور الاردن هو صفقة العقارات الافضل منذ سن قانون أملاك الغائبين قبل سبعين سنة. وبجرة قانون ضم واحد فان حكومة «الليكود – «أزرق أبيض» – «العمل» ستحل أيضا مشكلة السلام، وستُبيض السطو الاكبر على الأراضي منذ قيام الدولة.

 عن «هآرتس»