إيران تخفض رأسها مؤقتاً في سورية

حجم الخط

بقلم: أليكس فيشمان



لقد كان الإعلان، أول من أمس، عن انسحاب الإيرانيين من سورية، تماماً مثل إعلان وزير الدفاع، نفتالي بينيت، عن تطوير مضاد لـ «كورونا»، بمثابة ذر للرماد في العيون. مثل شركة وجدت مؤشرات إلى النفط ولكنها أعلنت عن كشف بئر ربحي.
في حالة شركة النفط، ستفتح سلطة الأوراق المالية ضدها تحقيقاً على إيقاع ضرر اقتصادي بالجمهور. ولكن عندما يتبنى سياسيون في أواخر ولاياتهم إنجازات لم تتحقق حقاً بعد، فإن الضرر اللاحق بالجمهور يكون أكبر بكثير. هنا يدور الحديث عن خلق أجواء خطيرة من انكسار الإرادة من شأنها أن تؤدي إلى عدم اكتراث وتبني مفاهيم مغلوطة. ليس واضحاً هل ومتى يؤدي الإنجاز العلمي بالمعهد في نس – تسيونا إلى اللقاح المنشود. بالمقابل، من الواضح تماماً أن ضعف التواجد الإيراني في سورية ليس موضوعاً جديداً. فهو يتواصل منذ أكثر من سنة، إذ يتضمن الفصل الأخير، الحالي، إخراجاً للمعسكرات والمنشآت، تخفيفها، ونقلها إلى شمال شرقي سورية.
استثمرت إسرائيل أكثر من مليار شيكل في السنوات الثلاث الأخيرة في حرب سرية في سورية، لحمل الإيرانيين اليوم إلى وضع لم يحققوا فيه إلا نحو 10 في المئة من مخططاتهم بخلق جبهة عسكرية هناك. في نيسان، بعد شهر من التوقف، استأنفت إسرائيل – حسب مصادر أجنبية – الجهد العسكري لاقتلاع البنى التحتية الإيرانية في سورية، كجزء من الفكر الإستراتيجي الذي يقول: إن الخصم الإيراني يوجد في ضائقة. والفكرة هي إجبار الإيرانيين على إعادة التفكير بمخططاتهم العسكرية في الدولة، في ظل استغلال حقيقة أن اللاعبين الآخرين في الساحة منشغلون بمواضيع «كورونا». إن فرضية العمل تقول: إن الإيرانيين في وضعهم الحالي سيكونون أكثر حذراً في ردودهم كي لا يوفروا لإسرائيل مبرراً لحشد جهد عسكري وضرب بناهم التحتية وشبكات الصواريخ المضادة للطائرات السورية التي يعاد بناؤها.
إسرائيل هي الأخرى في عصر «كورونا» تعمل تحت الاضطرارات. فالدولة بحاجة إلى سنتين هادئتين على الأقل تسمح للاقتصاد بالعودة إلى النمو الكامل. أشهر من النار الصاروخية في الشمال تشل الاقتصاد هي الأمر الأخير الذي تحتاجه الآن. وبالتالي، بدلاً من التبجحات تحتاج إسرائيل إلى وزير دفاع ورئيس أركان يمسكان معاً دفة إدارة المخاطر: العمل على مواصلة تآكل القوة الإيرانية في سورية دون خلق أوضاع تجر المنطقة إلى مواجهة متجددة سواء في الساحة السورية – اللبنانية أم في الساحة الفلسطينية. الإيرانيون لم يرحلوا بعد إلى أي مكان. وتقول تقويمات الوضع: إنهم سيخفضون الرأس مؤقتاً في الساحة السورية، التي هي أقل أهمية لهم في هذه اللحظة، حتى تشرين الثاني. وعندها سيرون من سينتخب للرئاسة الأميركية، ويعيدون احتساب المسار من جديد. نهج قصير النظر، يلخص منذ الآن العصر الإيراني في سورية، هو تذكير بأن مناصب حساسة – لا سيما تلك التي تنطوي على حياة الناس واستخدام القوة – لا يمكنها أن تكون محطة انتقالية سياسية مؤقتة.

عن «يديعوت»