بقلم: اوري مسغاف
قبل شهرين، وجدت إسرائيل نفسها في وضع طوارئ: استمرار حكم الفرد، بقيادة بنيامين نتنياهو، تعرض لخطر حقيقي. وضعه السياسي والقانوني بدا كأنه وصل الى طريق مسدود. مشروع حياة المتهم من بلفور، «الشخص الفريد» نفسه الذي استمر في منصبه اكثر من دافيد بن غوريون، أوشك على الانهيار. كان التهديد واضحا، وكان مطلوباً وسائل استثنائية من أجل التغلب عليه.
لم يكن هناك مناص، مرض معدٍ جدا وليس قاتلا جدا تم استغلاله من أجل تحويل إسرائيل الى دولة استبداد «كورونا». المحاكم تم اغلاقها، والكنيست تم تحييدها. الحكومة الانتقالية و»الكابنت» تم افراغهما من أي مضمون، وتم شل الاقتصاد، وتم إرسال الجيش و»الشاباك» والشرطة لاحلال النظام، من اجل تعقب المواطنين والتجسس عليهم. هيئة الأمن القومي والاستخبارات العسكرية طلب منها مناقشة احباط «عصيان مدني». صودرت وسائل الاعلام لصالح صناعة الترهيب، بما في ذلك خطاب يومي للحاكم الوطني.
بعد ذلك بدأت الغارة الحقيقية: كل «النخب» الموهومة تم الانتصار عليها واحدة بعد الاخرى. في البداية، تم تجنيد وسائل اعلام، كان هذا أمرا سهلا. معظمها تحولت حيوانات منذ زمن. ومنذ سنوات اصبحت في جيب نتنياهو المتحكم بمصيرها ومستقبلها. بعد ذلك تم اخضاع النظام السياسي تحت التهديد الفارغ بانتخابات رابعة الذي تم تضخيمه لابعاد تصل الى النووي الايراني أو حدوث كارثة ثانية. هكذا، بخيانة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الدولة، تمت سرقة 1.5 مليون صوت لمصوتين ارادوا استبدال نتنياهو لصالح تتويجه.
بقيت فقط العقبة القانونية التي ظهرت دراماتيكية، لكنها تبددت بسهولة. في البداية برأي جبان للمستشار القانوني للحكومة، وبعد يومين من ذلك المداولات في المحكمة العليا، هناك تبين أن قضاة المحكمة العليا مهما كانوا علماء وخبراء فهم مجرد مجموعة تكنوقراط. وكل اعمال الشغب وصرخات الغضب لليمين حول «النشاط»، و»مقاربة موسعة»، و»تدخل في الساحة السياسية» كانت زائدة – أو بالعكس، حققت هدفها في الوقت المناسب. يصعب التفكير بمقاربة اضيق مما كانت عليه هذا الاسبوع في قاعة الرخام، هذا الاسبوع.
رفض القضاة في الأساس النقاش. ليس في التشريع الذي بدأ أو الذي لم يبدأ، وليس في المجال القيمي أو المجال المعياري، ليس في المناسب أو في غير المناسب. ومثل قصيدة ابراهام حلفي: «أنا اقلص نفسي الى درجة نقطة مجهولة من اجل عدم ازعاج الملوك أو الملكات».
بالنسبة لمن أظهروا الحسرة أو على الاقل فرضوا على انفسهم مقاربة ضئيلة جدا بالنسبة لمهمتهم وسلطتهم، كان هناك تشتت في صورتهم الذاتية. معظم الوقت اظهر القضاة تواضعا كبيرا بالنسبة للقوة وتساميا لا بأس به تجاه البشر. جزء منهم أكثر من التوبيخ، بالأساس ضد الملتمسين. نغمتهم احيانا كانت مستهزئة واحيانا مضخمة، وكانوا تقريبا دائما نافدي الصبر. لماذا في الحقيقة؟.
القضاة هم من خدام الجمهور، ويحظون بأجر عال ومكانة رفيعة مقابل خدماتهم. الملتمسون ممثلون، حسب رأيهم، لمصلحة الجمهور والمصلحة العامة. من هنا يأتي حقهم في المثول امام المحكمة. لماذا يُغضب الى هذا الحد اذا قاموا ايضا بطرح اسئلة قيمية واخلاقية؟ هل حقا هذا فظيع الى هذا الحد اذا ذهبوا الى الخطب أو السياسة أو اظهروا من اعماق قلوبهم خوفا من تغيير انظمة العالم؟ ربما خلف الغضب ونفاد الصبر يختفي شيء آخر، ربما فهم اعضاء التشكيلة في اعماق قلوبهم بأنهم شركاء في الاستسلام الكبير، وهم يفرغون العار والاحباط على من جلبوا هذا الامر الى بابهم، حيث إنهم ايضا أُصيبوا بالشلل أمام الفيل، الذي يوجد في الغرفة، وساهموا بنصيبهم في تشريع ما لا يمكن تصوره: في دولة إسرائيل هناك متهم بمخالفات جنائية خطيرة يمكنه ومسموح له تشكيل حكومة جديدة والوقوف على رأسها. استر حيوت محقة في صراخها بأن «لن تسقط أي قلعة» لأنه لم تكن هناك أي قلعة كي تسقط.
مع الشرعية الجديدة من قبل وسائل الاعلام والنظام السياسي، وخاتم الشرعنة الثمين للمحكمة العليا، نضجت الظروف لرفع حالة الطوارئ. يمكن العودة الى روتين الحياة. الآن المتهم ايضا يمكنه الذهاب الى انتخابات رابعة. الآن، بعد قليل أو عندما يرغب في ذلك.
عن «هآرتس»