ما حقيقة البنوك والأسرى وعلاقتها بخطط الضم؟

حجم الخط

بقلم: د. دلال عريقات

 

لمحاولة فهم قرار البنوك بإغلاق/ تجميد حسابات الأسرى وعائلات الشهداء والتوقيت لهذه الإجراءات، قمت بالبحث ومحاولة الإجابة عن سبب هذه الموجة الآن، ولكتابة هذا المقال قمت بمخاطبة العديد من البنوك والمؤسسات الرائدة في القطاع المالي والمصرفي، وبمخاطبة الشؤون المدنية، وبعد الاطلاع على بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير ومؤسسات الضمير وحريات والحق والاطلاع على بيان رئيس الوزراء وإعلانه عن الاتفاق مع البنوك على تجميد أي إجراء بخصوص حسابات الأسرى، دعوني الآن أقدم لكم تحليلا شاملا لهذا الخصوص.

قد صدر الأمر العسكري (التعديل رقم 67 (1827) بتاريخ 07/02/2020 موقع باسم قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي، نداف فدان، وهو أمر عسكري متعلق بالتعليمات الأمنية ويتناول الجرائم والعقوبات وما له علاقة "بالإرهاب" وهنا يجب التنويه لما يلي:

- الأمر العسكري لم يذكر البنوك نصاً ولَم يخاطب البنوك الفلسطينية بشكل صريح ‏ولكن تفسير القرار يعني ذلك ضمنا.

- منظمة رصد الإعلام الفلسطيني هي من خاطبت البنوك الفلسطينية وقدمت تفسيرًا للأمر العسكري بتاريخ ٢٠٢٠/٤/٢٠ محذرة البنوك الفلسطينية من قضية حسابات الأسرى والشهداء وخطورة وقوعها كمؤسسات وأفراد تحت طائلة المحاسبة القانونية الاسرائيلية والعقوبات الواردة.

وهنا نطرح الأسئلة التالية:

١- هل تسري الأوامر العسكرية على كل الضفة وغزة ؟ ٢- هل ينطبق الأمر العسكري 67, 1827 على المؤسسات المصرفية الفلسطينية خاصة انه لم يذكر الأسرى صراحة ولم يربطهم بالعمل الارهابي ولم يخاطب البنوك مباشرة؟

٣- ماذا بعد على أجندة الاحتلال الاسرائيلي ؟

٤- ما الخيارات الفلسطينية؟

٥- لماذا نكتفي بتفسير واحد للأمر العسكري؟

بعد البحث، تبين ان الاسرائيليين قاموا بإبلاغ الشؤون المدنية بشكل رسمي قبل فتره بتأجيل تنفيذ قرار قائد المنطقة الوسطى، ولكنهم بتاريخ ٢٠٢٠/٥/٧ عادوا وأبلغوا الشؤون المدنية الفلسطينية ان وزير الدفاع رفض تأجيل القرار وطلب تنفيذه. وهنا نتساءل لماذا لم تحضر الشؤون المدنية وسلطة النقد لسيناريو التنفيذ ولماذا لم تدرس الموضوع عند الإعلان عنه؟

تباعاً لذلك التهديد والخوف من الملاحقة القانونية، قامت جمعية البنوك في فلسطين بمخاطبة وزير المالية ومحافظ سلطة النقد رسمياً بتاريخ ٢٠٢٠/٥/٧ وطالبتهم بوقف تحويل أي مبالغ لتلك الحسابات، وعبرت عن إجماع البنوك الفلسطينية بتحويل أرصدة هذه الحسابات لوزارة المالية لمتابعتها، ثم قامت بعض البنوك بتطبيق القرار فوراً بإغلاق حسابات الأسرى وعائلات الشهداء وتحويل أموالهم لوزارة المالية.

الواضح والمخيف ان الموضوع لن يقف عند حدود الأسرى والشهداء، بالمستقبل ممكن ان تشمل تفسيرات الأمر العسكري كل المؤسسات والافراد الذين تقرر اسرائيل ان لهم علاقة "بالإرهاب" حسب تعريفهم للمصطلح، فلا حدود عندها لمن ممكن ان تصنفه كداعم للإرهاب!

ويبقى السؤال، ما هي الخيارات المتاحة الان أمام القيادة الفلسطينية؟ هل تعود البنوك والحسابات كالمعتاد وتتحمل البنوك التبعات؟ هل يتم تحويل هذه الحسابات لحسابات فردية برفع مسمى الأسير او الشهيد عنها ؟ ام الحل فقط بنقل الأموال لهيئة شؤون الأسرى أو وزارة المالية حتى لا تتحمل البنوك التبعات ؟

‏أعتقد أعزائي القراء ان هذا مقدمة لإجراءات أكبر، ومن الواضح وبعد موقف جمعية البنوك واللجنة التي أعلن عنها رئيس الوزراء لدراسة الموضوع، ان السلطة هي من سيتحمل التبعات. وهنا من الجدير بالذكر أن اتفاق أوسلو- بصرف النظر عن صلاحيته- أنهى ما يسمى بالإدارة العسكرية الاسرائيلية، والملفت للانتباه ‏الان أن القرارات الاسرائيلية تخرج باسم قائد المنطقة الوسطى وهذا إنهاء صريح لهذه الاتفاقيات ‏وعودة الحكم العسكري على كل الضفة، ما نشهده اليوم هو تمهيد لخطط الضم التي تنوي حكومة الائتلاف الاسرائيلية اليمينية التصويت عليها بداية تموز ٢٠٢٠.

د. دلال عريقات، استاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.