بقلم: حمي شليف
في انتخابات نيسان 2019 جمعت الأحزاب الرئيسة الواقعة على يمين «الليكود» 9.66% من الأصوات. في انتخابات أيلول حصلت «يمينا»، برئاسة آييلت شكيد، سوياً مع «القوة اليهودية» على 7.75% من الأصوات. في انتخابات آذار، هذا العام، حصلت «يمينا» وإيتمار بن غبير على 5.66% من الأصوات. خلال أقل من عام، فقدت الأحزاب التي تمثل اليمين الديني حوالي 40% من قوتها لدى الجمهور.
ثمة أسباب شخصية وتنظيمية وأسباب تتعلق بالتواصل للسقوط الهائل للأحزاب التي تتفاخر بتمثيل الجمهور الديني – الوطني والمستوطنين. ولكن على رأس هذه الأسباب تقف حقيقة بسيطة: أنه ليس لهذه الاحزاب ضرورة. باستثناء الاهتمام بمؤسسات التعليم للصهيونية الدينية فقد أصبحت هذه الاحزاب زائدة. الاتفاق الائتلافي ما بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس أبرز فقط المكانة الجديدة لها كفائض زائد.
ليس فقط أن رؤية المستوطنين ومؤيديهم تم تبنيها من قبل اليمين كله، وليس فقط أن مصالحهم ممثلة جيداً من قبل بنيامين نتنياهو و»الليكود»، بل إنه يوجد لدى اليمين حركة قومية متطرفة دينية ذات قوة ونفوذ كبيرين: المسيحيون الافنجيليون. عندما تكون وسيلة ضغطك هي مصدر قوة واساس وجود رئيس الولايات المتحدة فإن شكيد وبينيت ورافي بيرتس يبدون- عفواً على التعبير- مثيرين للشفقة.
يصعب المبالغة في درجة ارتباط دونالد ترامب بالمؤمنين المسيحانيين. هم أساس قاعدته في هذه اللحظة من مجمل الناخبين في الولايات المتحدة ممن يعتبرون انفسهم أفنجيليين «مسيحانيين». لقد منحوا ترامب اغلبية حاسمة تبلغ ما بين 19%- 76% في 2016 امام هيلاري كلينتون، ومازال الحبل على الجرار. في استطلاع لمعهد «بيو»، والذي جرى في شباط، قبل تفشي وباء «كورونا» فإن 81% من المسيحانيين قالوا ان ترامب يحارب من أجلهم. و75% أبدوا رضاهم عن أدائه. 69% اعتبروه شخص مستقيما. أغلبيتهم الساحقة سيصوتون له.
معالجة ترامب الفاشلة والفضائحية لفيروس «كورونا» جعلت اعتماده على المسيحانيين اعتماداً مطلقاً. بدون تجندهم الكامل والمتحمس، حتى آخر المؤمنين فيهم، فليس فقط لا يوجد لترامب فرصة للفوز في الولايات الرئيسية التي مهدت طريقه للفوز في 2016، بل إنه سيهزم حتى في الولايات الجنوبية التي تعتبر»مضمونة» للجمهوريين، ومن بينها جورجيا، كارولينا الشمالية، وحتى تكساس، وهي ولايات يشكل فيها المسيحانيون ثلث عدد المصوتين.
لهذا السبب فإن مجرد التفكير – الأمل – بأن ترامب سيتحول فجأة الى سياسي مسؤول، يوقف سعي نتنياهو الحثيث وحكومته الجديدة نحو ضم غور الاردن ومستوطنات يهودية في الضفة الغربية، هو أمر ليس له صلة بالواقع. مع اقتصاد منهار، ووباء مستعر، وعشرات الآلاف من الوفيات بسبب وباء «كورونا» والتي جميعها تقف ضده؛ وحيث إن ظهره الى الحائط، واستطلاعات الرأي تشير الى هبوطه، وبدأ زملاؤه في الحزب بالقلق حتى على مصير مجلس الشيوخ، فإن ترامب لن يتجرأ على تخييب آمال الافنجيليين. لقد أرادوا الضم وسيحصلون عليه.
لن يردع ترامب اعمال شغب في «المناطق»، ولا توترات مع الاردن، ولا احتجاجات من دول عربية ولا معاقبة إسرائيل من قبل الاتحاد الاوروبي: هذه، مثلها ايضا مثل مستقبل عملية السلام والديموقراطية الإسرائيلية، تهمّه مثلما تهمه قشرة الثوم حتى في الايام العادية. ان ما يهم ترامب هو فقط ترامب، هو بالتحديد عندما يكون مصيره وإرثه موضوعين على كفة الميزان.
حتى إذا تراجعت إسرائيل في اللحظة الأخيرة عن الكارثة التي توشك أن توقعها على نفسها، فإنها أصبحت عالقة داخل الشعب المرجانية. وليس هنالك سبيل للتراجع، وإذا ترددت في الضم فإن ترامب سيفرض ذلك عليها، وبدلاً من أن يستخدم الكوابح فانه سيضغط على دواسة الغاز، ولن يستطيع أحد- وبالتأكيد ليس نتنياهو المدان له بحياته- أن يتجرأ على أن يقول له لا. حينئذ ومع «أصدقاء» كهؤلاء، من يحتاج الى حزب يمينا؟.
عن «هآرتس»