هدية "كورونا" إلى "حزب الله" !

حجم الخط

بقلم: اسحق ليفانون


تحلّ أزمتان، هذه الأيام، بلبنان: أزمة «كورونا» والأزمة الاقتصادية، وهما تساعدان منظمة حزب الله في تعميق سيطرتها ونفوذها في لبنان وتثبيت كونها لاعباً لا يمكن تجاوزه او تجاهله. كل هذا على خلفية تقديرات لمحافل إسرائيلية بان المنظمة تبث ضعفاً. فإعلان ألمانيا عن «حزب الله» منظمة إرهابية (ولعل فرنسا تسير في أعقابها ايضا)، الى جانب تصفية سليماني، سيد نصر الله، تركا الانطباع بأن المنظمة في حالة هبوط.
منحت أزمة «كورونا» حزب الله فرصة لم يحلم بها بتعظيم اسمه او عمله. فقد نجحت المنظمة في إقامة منظومة طبية لا تقل عن دولة ذات قدرات والكثير من المال – 4.500 طبيب وطبيبة، ممرض وممرضة ومعاونين، 5000 متطوع، أربعة مستشفيات، 450 سريرا، 32 مركز تشخيص واكثر من 50 سيارة إسعاف. وللتذكير: وزير الصحة اللبناني هو رجل «حزب الله»، وميزانية الوزارة غير خاضعة للرقابة المباشرة من مجلس الوزراء، اي من الحكومة. واستغلالها ممكن بلا عائق، وهذا ما يفعله «حزب الله». في بداية الأزمة اتخذت المنظمة نهجاً رسمياً، أي معالجة ومساعدة عموم السكان. وسرعان ما رأت انها لا تحقق نقاط استحقاق في الجمهور الشيعي وفي أوساط رجالها، كما أرادت، فغيرت نهجها. هجرت سيماء الرسمية لصالح التفاخر العلني بنفسها، كمن تعمل لصالح «مجتمع المقاومة»، التي هي ورجالها. باقي الطوائف في لبنان غاضبون منها، ولكن ايديهم مكبلة. وأكثر مما هو استعراض لقوة «حزب الله»، فان ضعف خصومه يملي الخطى، وهو يسمح للمنظمة بجمع النقاط.
الازمة الثانية، الاقتصادية القديمة – الجديدة، تشكل اتون عمل لـ «حزب الله» كي يعمق أكثر فأكثر نفوذه في الدولة. فبعد أن نجح في وقف التظاهرات التي اجتازت الدولة في الاشهر الاخيرة، واستخدام زعرانه، تنثر المنظمة الآن تهديدات جديدة في ضوء التظاهرات المتجددة ضد الوضع الاقتصادي المتدهور، وهبوط قيمة الليرة اللبنانية، والنقص في المنتجات في الاسواق. مع أن الازمة الاقتصادية تجاوزت ازمة «كورونا» إلا أن «حزب الله» يستغلهما الاثنتين لاغراضه الخاصة. فلا يزعج «حزب الله» عمل ذلك، اذ بوسعه أن يعالج عدة مواضيع دفعة واحدة كونه يحظى باسناد من الرئيس عون الذي يملك صلاحيات عديدة.
ان المساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش اللبناني، انطلاقاً من الايمان بأنه الجسم الوحيد القادر على التصدي لـ «حزب الله»، لم تنتج حالياً الثمار المنشودة وعملياً لا يمكن لأي جهة في لبنان ولا توجد اي جهة معنية في مواجهة «حزب الله» بالقوة. هذا يعرفه نصر الله. ورغم المنشورات التي تزعم بأن المنظمة تبث ضعفاً، فإننا أمام تعاظم للمنظمة وتعميق لنفوذها. ينبغي أن نأخذ بالحسبان بأنه اذا ما نشبت في المستقبل حرب مع إسرائيل، سيكون تحت تصرف المنظمة، إضافة الى الجنود الذين راكموا تجربة عسكرية في ميادين القتال في سورية، منظومة طبية هامة لمعالجة مصابيها منحتها لها أزمة «كورونا» وكأنها جاءت اليها من السماء.

 عن «معاريف»