الضم الإسرائيلي: فرصة حقيقية أم حماقة؟

حجم الخط

بقلم: إيهود يعاري



  يجب أن اعترف أولًا أنني لم أؤمن أبدًا بأن الفلسطينيين يريدون إنهاء النزاع. ليس لديهم رغبة في دولة بائسة ستقوم طبقًا لحل الدولتين. وفي الوقت ذاته، في رأيي المتواضع، من الممكن الوصول معهم إلى ترتيبات إقليمية تؤدي إلى نظام هدنة طويل الأمد، دون معاهدة سلام رسمية وبدون ترسيم حدود نهائية.
لذلك، ستحتج السلطة الفلسطينية وعامة الناس هناك بشدة على الضم، ولكنهم سيكونون سعداء بـ «تفكيك» السلطة الفلسطينية، وإيقاظ منظمة التحرير الفلسطينية من غفوتها، كبديل للسلطة. انهم يعرفون بأنهم «معفيون» من كل الالتزامات التي أخذوها على عاتقهم منذ «أوسلو»، بما في ذلك اعتراف عرفات بحق إسرائيل في الوجود. وحتى إذا لم تتُق أنفسهم لانتفاضة أخرى، ستحدث زيادة كبيرة في العنف. وسيتم تعزيز الدعوة إلى إقامة دولة واحدة للشعبين ومنح حق التصويت للكنيست لجميع سكانها.
ولكن، ومهما يبدو الأمر غريباً، فإن الفلسطينيين أنفسهم ليسوا اللاعب الرئيسي في الوقت الراهن، وإنما قدرتهم فقط على تحفيز الآخرين على الرد بحزم على عملية الاختطاف المتسرعة. إنهم قادرون على إجبار العاهل الأردني، الملك عبد الله، على عمل ما لا يريد عمله: تعليق معاهدة السلام مع إسرائيل.
سيتعين على قادة السعودية ودول الخليج، الذين يحاربون علناً ضد الفيتو الذي يفرضه أبو مازن على تطوير علاقتهم مع إسرائيل، إعادة رسم مسار جديد. الرئيس السيسي في مصر لن يسمح لنفسه بترك ساحة المعركة ضد الضم لأعدائه في تركيا وإيران. وستحاول دول أوروبا الغربية معاقبة إسرائيل بإلغاء أو تقليص التعاون مع الاتحاد الأوروبي. وستنضم محكمة لاهاي إلى الاضطراب، وسيضطر أصدقاء إسرائيل البعيدون من أستراليا إلى الهند إلى الرد.
المشكلة الرئيسة هي الولايات المتحدة بالذات. إذا نجح ترامب وأعيد انتخابه في تشرين الثاني، فسوف تحصل إسرائيل على تمديد، لكنها ستفقد فرصة إنقاذ تأييد الديمقراطيين (وجزء كبير من الجالية اليهودية) لها. رهان ترامب هذه المرة يذكرنا برهان نتنياهو على ميت روماني، حين نافس أوباما، وهو رهان فاشل. لا يمكن لإسرائيل أن تصبح جزءًا من حاشية ترامب، وتفقد أجزاء مهمة من قاعدة دعمنا الاستراتيجي في أميركا.
جو بايدن، الذي قد يفوز فعلًا، صديق قديم لإسرائيل، حتى لو دعم الاتفاق النووي مع إيران. كما أن أفضل مستشاريه للشؤون الخارجية – توم دونولين وطوني بلينكان – يؤيدان مصالحنا. لكن الضم سيجبرهم على إعلان معارضتهم علانية لتطبيق السيادة الإسرائيلية على حوالي ثلث الضفة الغربية. بإيجاز: عاجلاً أم آجلاً سوف يحدث تمزق عميق. فمن يحتاج ذلك؟
يعتقد نتنياهو أن لدينا فرصة تاريخية لن تتكرر، ولا يجب أن نفوّت الأشهر المتبقية لترامب في البيت الأبيض. وهو يعتقد أنه ستندلع عاصفة لمدة شهرين أو ثلاثة ولن تزعزع الأركان الأساسية. وهو يحاول إقناع محاوريه أنه بمرور الوقت سيسلم الجميع – الفلسطينيون والعرب والأميركيون – بالخريطة الغريبة التي تتلقاها إسرائيل من جارد كوشنر.
من المؤكد أن لديه اعتبارات شخصية، أيضًا، ولن أخوض فيها. وأنه، نتنياهو، يعرف جيدًا أن تصريحات الضم ليست نهاية الآية بالنسبة لإسرائيل أيضًا. لقد تفاوض بنفسه، بجدية، مع الأسد حول شروط إعادة الجولان بعد سنوات كثيرة من إعلان بيغن ضمه. وينطبق الشيء نفسه على الأحياء التي تم ضمها إلى القدس في ذلك الوقت. وقد ألمح بعض رجاله بالفعل إلى أنه حين يأتي الوقت المناسب، ستتم المساومة على الحدود الجديدة.
هل من الممكن إيقاف مسيرة الحماقة التي لا داعي لها؟ ربما لا يزال هناك طريق. لكن تحقيق هذه الغاية يتطلب أولًا معارضة حازمة من غانتس وكتلته، إلى جانب إغواء ليبرمان على التعرج هذه المرة، في الاتجاه الصحيح. لا أعرف أفكار تسفي هاوزر وأورلي ليفي. وثانيًا، وهو لا يقل أهمية، أنه يجب تنظيم ضغط عربي – وكذلك ضغط من قبل الأوروبيين وبايدن – على أبو مازن كي يعلن استعداده للحوار، بشرط عدم إعلان الضم. هناك الكثير من الصيغ الدبلوماسية لتجاوز قسمه بعدم مناقشة مخطط ترامب.
كلمة أخيرة: ما هو سبب هذا التسرع؟ لا يتطلب الوضع الركض نحو أزمة مستمرة، إلى جانب تلك التي «حظينا» بها في مجالي الصحة والاقتصاد. بدلاً من القول وداعاً للفلسطينيين، ستجعلهم خريطة الضم يسقطون في أحضاننا. سيفهم العالم أجمع أنه لا يمكنهم أن يقيموا شبه دولة تتألف من جيوب مترابطة مع بعضها بقُطَب هشة. من أعالي الضم، سوف ننزلق إلى منحدر الكيان ثنائي القومية، الذي يلائم حلم القذافي المعروف بـ «اسراطين».

عن موقع «القناة 12» العبرية