جهاز صحة في حالة انهيار؟ انتظروا لتروا الجيش الاسرائيلي في الجولة القادمة

حجم الخط

هآرتس – بقلم اسحق بريك

فيروس الكورونا يدمر الاقتصادات الضعيفة اصلا للدول المعادية لاسرائيل والتي توجد قربها. الوباء يسبب خيبة أمل عميقة لمئات ملايين الناس الذين لا يرون أي ضوء في نهاية النفق وفقدوا الآن أي أمل. لذلك، فان تهديد الاشتعال اقليمي آخذ في الازدياد. في نفس الوقت، عدم جاهزية جهاز الصحة في اسرائيل لمواجهة وباء الكورونا هو لا شيء بالنسبة لعدم جاهزية الجيش الاسرائيلي للحرب القادمة.

​لا يوجد لاسرائيل أي رد عسكري مناسب على نظام الـ 250 الف صاروخ وقذيفة الذي بني حولنا في العقد الاخير باشراف ايران. حسب التقدير، في الحرب القادمة سيتم اطلاق نحو 3 آلاف صاروخ يوميا على الجبهة الداخلية في اسرائيل. عدد منها – الذي يزداد باستمرار – سيكون صواريخ دقيقة، ثقيلة، تحمل رؤوس متفجرة تزن مئات الكيلوغرامات، بعيدة المدى، ضررها شديد وكلها تقتضي الاعتراض. هذه الصواريخ ستتسبب بآلاف القتلى وانهيار البنى التحتية الوطنية ودمار لم نعرف مثله من قبل. رغم أن الجبهة الداخلية ستتحول الى الساحة المركزية للحرب القادمة، إلا أنها لم تحظ في السنوات الاخيرة بالاهتمام والمعاملة الاساسية من قبل الجيش والدولة، في الوقت الذي نما فيه تهديد الصواريخ أمام ناظرينا.

​التقدير بأن الجيش البري غير مستعد للحرب، كما عرض في “تقرير  بريك” (الذي قدم لرئيس الحكومة في 2018)، يوجد في كل انتقادات مراقب جهاز الامن ومراقب الجيش ومراقب الدولة في السنوات الاخيرة. وحتى لو تم في فترة رئيس الاركان السابق غادي آيزنكوت استثمار مليارات الشواقل في وسائل قتالية جديدة في الجبهة التكنولوجية، فان التقليص في القوة البشرية الذي جرى بصورة غير حكيمة وغير ناجعة، أدى الى التسبب بضرر حاسم في القدرة على التعامل مع هذه الوسائل القتالية والحفاظ عليها في مستوى جاهزية معقولة. اضافة الى ذلك، بسبب نقص ايام خدمة الاحتياط والقوة البشرية المهنية لم يتم تدريب وحدات الاحتياط – احيانا ايضا الوحدات النظامية – على استخدام السلاح الجديد.

​اضافة الى ذلك، تفشت في الجيش منذ عدة سنوات ثقافة تنظيمية وادارية وقيادية والتي لا تخضع لأي انتقاد. هذا مرض بدون علاجه لا يوجد أي احتمال لعلاج الجيش واعداده للحرب. هذه الثقافة تتميز بعدم الانضباط وغياب المتابعة والتفتيش وعدم تعديل نتائج التحقيقات ونقص الادارة والتكامل بين هيئات النظام. وهي تبرز ايضا في الفجوات غير القابلة للجسر بين المهمات وبين القوة البشرية التي بقيت بعد تخفيضات غير حكيمة في اوساط رجال الخدمة النظامية وتقصير الخدمة للرجال. هذه الاسباب أدت الى اخفاقات كثيرة، ونتيجتها الكارثية هي فقدان المهنية والدافعية وفصل القيادة العليا عن الميدان.

​الازمة الاقتصادية التي سنشعر بها في اعقاب وباء الكورونا لن تسمح بالدفع قدما بالوتيرة المطلوبة بالخطة متعددة السنوات “تنوفا”، التي طرحها رئيس الاركان افيف كوخافي. وهي تشكك بحجم مساعدة الولايات المتحدة للجيش الاسرائيلي لأن اقتصاد الولايات المتحدة ايضا تضرر.

​لا يوجد شك بأنه في الخطة متعددة السنوات التي يقودها كوخافي استثمر تفكير وابداع، لكن من اجل تطبيقها نحن بحاجة الى اضافة في الميزانية تبلغ عشرات مليارات الشواقل في العقد القادم. الركود العميق والعجز الذي يتوقع أن يشهده الاقتصاد الاسرائيلي يقتضي اعادة التفكير في هذا المسار: اذا انتظر الجيش الميزانية المطلوبة له من اجل تنفيذ الخطة متعددة السنوات فسيمر وقت طويل، وهذا يمكن أن يكون متأخر جدا.

​الفكرة المنظمة للجيش يجب أن ترتكز على خلق قدرة هجوم ودفاع بالقوات التي توجد لديه الآن، وعلى وضعها في وضع جاهزية عملية في افضل صورة. على الجيش أن يطور قدرات ليزر لاعتراض الصواريخ، التي تكلفتها اقل بعشرات الاضعاف من انتاج صواريخ مضادة للصواريخ. يجب أن يتم فورا وقف القرار الذي اتخذ بتقليص مئات الدبابات في سلاح البر، كاستمرار للتقليص الجارف الذي تم في السابق – لأن الادوات القديمة يتم تقليصها قبل وصول الجديدة، ونشأت فجوة كبيرة في استعداد الجيش البري للحرب. وتخفيض آخر بمئات الدبابات من نظام القوات كما تتوقع خطة “تنوفا” سيكون القشة التي ستقصم ظهر البعير. والجيش البري سيصل الى انعدام قدرة أداء في حرب متعددة الساحات وسيكون في ذلك ضرر شديد آخر لأمن الدولة.

​لقد وصلنا الى وضع فيه لا يوجد لسلاح البر احتياطات ومرونة لتركيز جهد من اجل هجوم في قطاع واحد، وفي نفس الوقت الدفاع عن القطاعات الاخرى في حرب متعددة الساحات. اضافة الى محاربة حماس والجهاد الاسلامي في غزة سيكون على الجيش الاسرائيلي أن يحارب في الساحة المستقبلية ضد حزب الله في لبنان وضد الجيش السوري الذي يوجد لديه اكثر من ألف دبابة ووحدات سلاح مشاة وكوماندو. وضد اعضاء الجناح العسكري في فتح في يهودا والسامرة الذين سيطلقون النار في كل اتجاه. وضع كهذا يقتضي تركيز قوات كبيرة التي هي في الواقع القائم غير موجودة. هذا هو السيناريو الاكثر معقولية في اندلاع حرب اقليمية لا توجد لنا سيطرة عليها. الحديث يدور عن تشابك لا يعرف احد كيفية توقعه مسبقا، حرب يمكن أن تندلع حتى لو كان أحد غير معني باندلاعها.

​أنا لا أرى أي نافذة فرص لعدة سنوات من اجل بناء الجيش، كما قدروا في الجيش الاسرائيلي قبل تفشي الكورونا، والعكس هو الصحيح. الفقر والجوع في الدول المعادية المحيطة بنا يمكن أن تدفع بالسكان الى المظاهرات الكبيرة والى العنف ضد السلطة. النتيجة ستكون بالضرورة زيادة احتمالية أن تقوم الانظمة المهددة بمحاولة توجيه ضغط وغضب الجمهور الجائع نحو اسرائيل.

​الجيش يجب عليه أن يلقي بكل ثقله من اجل معالجة أسس الثقافة التنظيمية المعطوبة، ومنها أن يبني الجديد. بدون عملية كهذه لا يوجد أي احتمالية لتحسين استعداده للحرب. وبدون مشابكة الايدي مع الحكومة الجديدة سيكون من الصعب جدا التقدم.