كتب وزير الخارجية التشيكي الحالي توماش بيترشيك، مقالاً مشتركاً مع الرئيسين السابقين للدبلوماسية التشيكية لوبومير ذا أوراليك وزير الخارجية السابق، وزير الثقافة الحالي وكاريل شفارتسينبيبرغ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، وزير الخارجية الأسبق، مؤسس حزب (TOP 09) تناولوا فيه مسعى "إسرائيل" لضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وفيما يلي نص المقال:
يطرح سياسيون وخبراء وعدد من الشخصيات العامة هذا السؤال اليوم في ضوء اتفاق التحالف بين الأحزاب المتحالفة في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ومعلومات أخرى تشير إلى نية إسرائيل ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. هذا هو الموضوع الذي نود أن نعلق عليه في ضوء الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد بين جمهورية التشيك وإسرائيل.
منذ نهاية الحرب الباردة اتخذ معظم المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي بجميع أعضائه ، ومعهم الولايات المتحدة بإداراتها المتعاقبة، موقفًا واضحاً وثابتاً بشأن الحاجة إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني .. ولم يكن لهذا الطرح علاقة بظواهر مثل معاداة السامية أو حركات التحرر الوطني الراديكالية. بل على العكس من ذلك، ومنذ البداية، كان موقفاً توافقياً وبناءً قائماً على واقعية السياسة الخارجية ، وعلى القانون الدولي، الذي يفرض التزامات على طرفي النزاع.
ولذلك، فإن العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ووثائق الاتحاد الأوروبي الرئيسية والمفهوم الصحيح للسياسة الخارجية للجمهورية التشيكية تنص على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية كجزء من الحل.
ورغم ذلك، فإن الرؤية التي قدمها الرئيس الأمريكي رونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نهاية يناير 2020 في البيت الأبيض، مضت في اتجاه مختلف.. فاتحة الطريق لضم أو تبادل أراض "يكتسبها أحد الطرفين ويخسرها الآخر" إلى الحد الذي يُستبعد فيه بحكم الواقع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
إن مبدأ: الاستيلاء على الأراضي بالقوة محظور صراحةً في ميثاق الأمم المتحدة، وكل ما يمكن وصفه بـ "الدستور العالمي" وهو حجر الزاوية لبناء العلاقات الدولية واحترام حقوق الإنسان في عالم اليوم .. إن الآثار الإنسانية المترتبة على قرار الضم المحتمل يمكن توقعها ويمكن أن تكون مرهقة..
وحتى الآن لم يوضح الإسرائيليون ولا الأمريكيون ما الذي سيحدث على المدى الطويل للفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة وهم يعيشون بدون أمل في إقامة دولة، أو حتى ما الذي سيحدث للفلسطينيين في الأراضي المضمومة على المستوى المدني، والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. سيكون الفلسطينيون هناك مواطنون غير يهود في الدولة اليهودية بحكم القانون..
إذن ماذا سيحدث للفلسطينيين بدون دولة فلسطينية؟
وماذا عن الديمقراطية الإسرائيلية إذا كانت دولة سكانها من فئتين أولى وثانية؟!
بالطبع، نرى عدداً من المشاكل الخطيرة على الجانب الفلسطيني ، بما في ذلك حكومة حماس في قطاع غزة، التي صنفها الاتحاد الأوروبي بأكمله كمنظمة إرهابية.
سنواصل دعوة القادة الفلسطينيين دائماً إلى المشاركة النشطة والبناءة في مفاوضات السلام، لكن الفلسطينيين ليسوا من يفكر باتخاذ خطوة أحادية تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي!
نحن نعلم أن إسرائيل هي مثال نادر للديمقراطية في الشرق الأوسط، لكنها لمواطنيها فقط، وليس للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كما نعلم أن الفلسطينيين أهدروا في الماضي الفرصة للتوصل إلى تسوية للصراع نحن نعلم أن إسرائيل هي مثال نادر للديمقراطية في الشرق الأوسط، لكنها لمواطنيها فقط، وليس للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كما نعلم أن الفلسطينيين أهدروا في الماضي الفرصة للتوصل إلى تسوية للصراع، لكن هذا لا يعني أنه يجب الدفاع عنها الآن لضم الأراضي الخصبة، التي تشكل مفتاح إنشاء أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية.
المبادئ الأساسية للقانون الدولي والقيم المرتبطة به ليست مجرد إطار معياري للمناقشات الأكاديمية وأحاديث المقاهي. على العكس من ذلك ، فهي تستند إلى الأمن ووجود الدول، وخاصة الدول الأصغر مثل جمهورية التشيك، التي على عكس الدول المتنمرة ، بالكاد ستبقى في غابة عالمية خارجة عن القانون وعليها أن تصبح شيئاً تابعاً أو تختفي (فكر في تاريخنا بين 1938/39 و 1989) لذلك، لا يمكن تطويع المبادئ والقيم الدولية وفقًا لمن تنطبق عليهم معايير القوة.. يجب أن تُطبق هذه المباديءعلى الجميع وبالتساوي.
ومن هنا، هناك ضرورة لحماية حقوق الإنسان الأساسية لملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة (وبالتالي في مخيمات اللاجئين المنتشرة في البلدان المجاورة) وغالبيتهم العظمى هم من الشباب الذين لم يشاركوا في حروب، لكنهم ولدوا في واقع اقتصادي وأمني مرهق ومنتهك لحقوق الإنسان.
لذلك ، فإن على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبالطبع الأمم المتحدة دعم عملية سلام متفاوض عليها وتمويل الكثير من تكاليفها مثل أعمال الأونروا، ومكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (UNOCHA) ووكالات أخرى.
كما يجب النظر إلى هذا الجهد على أنه استثمار في الأمن والاستقرار في إسرائيل ، وفي الدولة الفلسطينية المستقبلية وعلى نطاق أوسع في الشرق الأوسط، وحتى في أمننا الخاص لأنه يقوم على ضمان أمن جيراننا.