"أحلام إبليس الفاسد بيبي العشرة"!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 أصاب عدد من السياسيين الإسرائيليين وصفا لرئيس حكومتهم بيبي نتنياهو، باعتباره "العراب الفاسد"، الذي لا يفكر كثيرا في سبيل القيام بكل ما يمكنه لإنقاذ ذاته، ولو أدى ذلك الى "حرق إسرائيل"، وفتح باب حربا أهلية، للهروب من "عدالة القضاء"، بعد أن بات أول رئيس حكومة يحاكم وهو في منصبه، في سابقة تاريخية، قد تفتح الباب لغيرها من "سوابق" تنذر بكل ما لم يكن بالحسبان السياسي في دولة الكيان.

فساد نتنياهو لا يقتصر على البعد الجنائي، لكن الأخطر كثيرا ما يتعلق بالبعد السياسي لتلك الشخصية المصابة بأمراض الشيخوخة السياسية، رغم ما يحاول أن يبدو غير ذلك، ليس بالداخل الإسرائيلي، بل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بعدا وحقائقا وواقعا، ربما لا زال لم يدركه بعد.

في آخر مقابلاته السياسية، مع صحيفة "إسرائيل اليوم"، التي منحها الامتيازات مقابل رشاوي باتت أحد أهم ملفات فساده في المحكمة، لخص "العراب بيبي" رؤيته القادمة وفقا لمبدأ، ان فلسطين هي "ارض إسرائيل"، وأن التاريخ لن يعود للوراء بتقديم تنازلات في الضفة الغربية والقدس (يستخدم الاسم التهويدي لها)، ومن عليه تقديم التنازلات هم الفلسطينيون.

نتنياهو، وعبر حركة غرور غير مسبوقة وضع "شروطا عشرة لكي يمنح الفلسطينيين "محميات خاصة" على 70 % من الضفة ولتسمى "دولة" وفقا لخطة ترامب، لكنها خالية من السيادة، وأن تكون تحت الحماية الأمنية الإسرائيلية المطلقة، وما تبقى سيكون جزء من "دولة اليهود"، والقدس "الموحدة عاصمة لها، والإقرار بعدم عودة أي لاجئ.

وللوهلة الأولى من يقرأ شروط "الإبليس بيبي" يعتقد أن الأمر جاء بعد هزيمة تاريخية للشعب الفلسطيني، وأن "الراية البيضاء" قد رفعت فوق كل بيت ومنزل، ولم يبق سوى ان يذهب اليه وفد لتوقيع وثيقة "تهويد فلسطين" وطلب الأمان لمن هو فوق هذه الأرض.

مقابلة "العراب الفاسد"، تعيد للذاكرة أقوال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شامير، وهو من ماركة نتنياهو الليكودية "الفاشية المستحدثة"، عام 1987 بأنه لا يوجد ما يتطلب التحرك لأي حل سياسي حول الضفة وقطاع غزة، فالوضع "غاية في الهدوء"، ولم تمض أشهر حتى كانت شرارة الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسمبر 1987، تلك الانتفاضة التي وضعت أساس "الكيانية الفلسطينية" للمرة الأولى في التاريخ على أرض فلسطين، رغم ما أصابها لاحقا من تآمر مركب جدا، لتدميرها، استخدم فيه كل المحرمات.

مقابلة إبليس العصر بيبي تعيد ذات المشهد، مع نفحة ترامبية من الغطرسة الساذجة جدا، حيث حسابات العراب قائمة على فوائد الانقسام الفلسطيني للحركة الصهيونية، و"خنوع" قيادة رسمية استبدلت حركة اليد والقدم بحركة اللسان، مع شذوذ سياسي خاص فريد في قطاع غزة، تقوده حركة حماس بدعم مطلق من أدوات أمريكية لخطف غزة ثانية وإطلاق "كيانها الإسلاموي الخاص"، وهي الخدمة التي راهن عليها شارون قبل الخروج من قطاع غزة، حيث استبدل مقولة رابين ليبتلعها البحر، بأن أغرقها في بحر الانقسام من خلال "هندسة انتخابية خاصة".

المشهد السطحي للواقع القائم، قد يذهب الى ما يراه "العراب الفاسد"، بأن الاستسلام السياسي فلسطينيا رسميا (حكما وفصائل)، مع منظومة سياسية عربية تفتح له ولدولته ابوابا كانت عصية في زمن ما قبل الزمن، بات واقعا، دون حساب لمخزون التاريخ العام للشعب الفلسطيني.

شروط "إبليس المستحدث العشرة"، أهي مقدمة لاستسلام رسمي فلسطيني، أم سببا لموجة ثورية معاصرة ترسم ملامح مشهد سياسي فلسطيني...تلك هي المسألة التي تدق باب التاريخ الوطني.

ملاحظة: بات ملفتا جدا، ان الإعلام العبري يبحث تمرير اليأس السياسي العام عبر مسلسل من الأخبار غالبها كاذب، يتم إعادة ترويجها بجهالة غريبة...حذار يا بعض المحبطين روحا و"الثوريين" لسانا!

تنويه خاص: ظاهرة الموت شنقا او حرقا تتسع في قطاع غزة، داخل سجون حماس و خارجها..ظاهرة تستوجب ملاحقة خاصة بعيدا عن "المحاصصة الساذجة"...مفهوم يا بلداء الوطن