نجاح اسرائيل في الحرب ضد وباء الكورونا ، 80 في المئة حظ وفقط 20 في المئة عقل

حجم الخط

هآرتس – ذي ماركر – بقلم ميراف ارلوزوروف

هل القت اسرائيل في سلة القمامة بالمجان 20 – 70 مليار شيكل خلال ازمة الكورونا؟ هذا هو الاستنتاج المقلق الذي يظهر من التحليل الذي اجراه البروفيسور تسفي اكشتاين من معهد اهارون في المركز متعدد المجالات في هرتسليا، والذي فيه يقارن ازمة الكورونا في اسرائيل مع دول اخرى.

​المقارنة الاساسية هي مقابل المتوسط في دول اوروبا – يتبين أن عدد المرضى المشخصين في اسرائيل مقارنة مع عدد السكان هو تقريبا يشبه المتوسط في الاتحاد (البيانات المحدثة حتى 6 أيار)، هذا يعني أنه في كل ما يتعلق بتفشي الوباء فان اسرائيل كانت تشبه الدول الاوروبية. ونذكر بأن السياسة التي اتبعتها الحكومة مثل الاغلاق واجراء الابحاث الوبائية وعزل المصابين بالمرض وغير ذلك، استهدفت تقليل حجم الاصابة. النتيجة تبين أنه في كل ما يتعلق بتأثير سياسة الحكومة على حجم الاصابة، فان اسرائيل كانت بالضبط مثل الجميع. ليست افضل أو أسوأ.

​المعطى الذي تبرز فيه اسرائيل بصورة افضل هو نسبة الوفيات المنخفضة جدا عن النسبة في الاتحاد الاوروبي. بصورة بارزة معدل الوفيات في اسرائيل منخفض جدا بالنسبة لمعدل الوفيات في النمسا، الدولة التي يسهل جدا مقارنتها باسرائيل لأنها تشبهها في عدد السكان، 9 ملايين نسمة، وايضا بعدد المصابين فيها. البيان المحدث في هذا الاسبوع يدل على أن عدد المصابين في الدولتين متشابه تقريبا، في اسرائيل يوجد نحو 200 مصاب أكثر.

​أكثر شبابا وأقل وفيات

​رغم التشابه الكبير بين الدولتين إلا أن عدد الوفيات في اسرائيل اقل من نصف عدد الوفيات في النمسا. اكشتاين حاول تحليل السبب وفحص نسبة المصابين ونسبة الوفيات حسب المجموعات العمرية. مرة اخرى النشابه بين اسرائيل والنمسا مفاجيء. نسبة الاصابة ونسبة الوفيات تقريبا متشابهة. يوجد لاسرائيل افضلية قليلة فقط في نسبة الاصابة والوفيات لابناء 35 فما فوق. كما يبدو بسبب حقيقة أن الاغلبية الساحقة من المسنين في اسرائيل يتم علاجهم في البيوت وليس في دور المسنين، مثلما هو دارج في اوروبا. لذلك، هم اكثر حماية من الاصابة الجماعية.

​التشابه في نسبة الاصابة حسب العمر يدل على أن الدولتين متشابهتان جدا في نجاعة السياسة الحكومية فيهما في تقليص تفشي الوباء. التشابه في معدل الوفيات حسب العمر يدل على أن الدولتين كانتا متشابهتين جدا في نجاح جهاز الصحة في ابقاء المرضى على قيد الحياة. عندها، كيف أن عدد الوفيات في اسرائيل هو 40 في المئة فقط مقارنة بعدد الوفيات في النمسا؟ تفسير ذلك من قبل اكشتاين هو أنه يوجد لدينا عدد أقل بكثير من المسنين – 10.5 في المئة من عدد السكان لدينا هم فوق سن 65 سنة مقابل 19.5 في المئة في النمسا. باختصار، يوجد لدينا عدد وفيات اقل ليس بسبب أنه اصيب لدينا عدد أقل من المسنين، بل ببساطة لأنه يوجد لدينا عدد أقل من المسنين. وعلى فرض أن الاغلبية الساحقة من انجاز اسرائيل هي نتيجة الحظ، عمر شاب للسكان وليس بسبب السياسة، لأن الاغلاق في اسرائيل لم يكن افضل من الاغلاق في النمسا، يتم طرح مسألة تكلفة هذه السياسة التي اتبعناها.

​في هذا الشأن اسرائيل لا تختلف كثيرا عن النمسا التي فيها ايضا تم اتباع اغلاق مشدد على جميع السكان لمدة شهر تقريبا. عمل تحليلي تم اجراءه في الجامعة العبرية باشراف البروفيسور حجاي لفين، رئيس رابطة اطباء صحة العائلة، قارن الاغلاق في اسرائيل مع الاغلاق في ست دول اوروبية ومن بينها النمسا، وأظهر أن شدة الاغلاق في اسرائيل كانت تشبه ثلاث منها، وأكثر تشددا بالمقارنة مع دولتين أخريين، هذا ايضا اذا اخذنا في الحسبان قوة تفشي الوباء، أي عدد المرضى المؤكدين.

​مع ذلك، كل الدول تختلف عن اسرائيل في أن الاغلاق فيها تمت ادارته من قبل معهد الابحاث الوطني، معهد لرجال صحة عامة ووبائيين. وأن سياسة الاغلاق اديرت على اساس معايير دقيقة فحصت طوال الوقت وتيرة تفشي المرض. ايضا تقريبا جميع الدول بما فيها النمسا، أدارت سياسة الخروج من الاغلاق المبكر على اساس خطة تم تحديدها مسبقا ونشرت من البداية. وحتى هذه تدار على اساس معايير وابحاث طوال الوقت. مع كل هذه الجوانب، اسرائيل أقل بصورة واضحة مقارنة مع الدول الاوروبية والآسيوية، مع وجود قرارات تم ارتجالها، بدون أي تخطيط مسبق أو معايير أو مرافقة رجال مهنيين (باستثناء شخصيات رفيعة في وزارة الصحة)، ومع تأخير واضح في الفحوصات وفي التحقيقات الوبائية ومع وجود نقص في السيطرة على ادارة عملية الخروج من الاغلاق حتى الآن.

​على هذه الخلفية، معهد اهارون يجري مقارنة تتعلق بالضرر الاقتصادي الذي تكبدته الدول المختلفة نتيجة الوباء. النمسا تعرض بيانات تشير الى ضرر في الانتاج هذا العام، ونمو في السنة القادمة. وهي بيانات افضل بقليل من البيانات المتوقعة في اسرائيل. حجم ضررها على الانتاج في العام 2020 و2021 هو اقل من 1.5 في المئة من الضرر في اسرائيل. معدل البطالة لديها أقل منه في اسرائيل بفرق بسيط، ومن المفهوم أنها تتفوق علينا بنسبة العجز الضخمة التي راكمناها بسبب سياسة اقتصادية فاشلة قبل اندلاع ازمة الكورونا.

​النموذج الآسيوي

​هناك ايضا دول اتبعت سياسة مختلفة تماما، تقريبا بدون اغلاق شامل، بل اغلاقات محددة كثيرة الفحوصات وتحقيقات وبائية ومتابعة للمصابين. هذه هي بالاساس دول جنوب شرق آسيا مثل تايوان وكوريا الجنوبية.

​بصورة واضحة، ورغم أنها كانت قريبة جدا من بؤرة تفشي الوباء في الصين، وكانت من اوائل من تعرضوا لانتشار الوباء، فان دول آسيا تكبدت أقل بكثير من ازمة الكورونا حتى من ناحية عدد المرضى والوفيات ومن ناحية الاضرار الاقتصادية. وحسب اقوال اكشتاين، يمكن رؤية أنه في حين أن اسرائيل يتوقع أن تشهد في العام 2020 هبوط في انتاج الفرد، 8 في المئة، فانه في تايوان انخفاض انتاج الفرد يبلغ النصف تقريبا، أي 4.4 في المئة، وفي كوريا الجنوبية الهبوط قليل جدا، 1.3 في المئة فقط. الدولتان تسجلان معدل بطالة متوقعة، 4.5 في المئة، مقابل 12 في المئة في اسرائيل.

​ماذا كان سيحدث لو أن اسرائيل تجرأت على اتباع سياسة مشابهة لسياسة دول آسيا ولم تنجر خلف الدول الاوروبية نحو اغلاق شامل وغير تمييزي؟ في هذه الحالة كنا سنوفر جزء كبير من الضرر الاقتصادي الضخم الذي شهدناه، وهو هبوط بنسبة 8 في المئة في الناتج للفرد. ليس كل الضرر كان سيتم تجنبه، كما هو معروف ايضا دول بدون اغلاق شهدت ضرر اقتصادي بسبب المس بالتجارة العالمية وبسبب خوف الناس الذي أدى الى تغيير السلوك ووقف الاستهلاك. المقارنة مع الوضع في السويد، مثلا، التي شهدت الوباء بصورة صعبة نسبيا، تظهر أنه حتى بدون اغلاق شامل الاقتصاد سيتضرر بصورة كبيرة.

​في المقابل، المقارنة مع تايوان وكوريا الجنوبية تدل على أنه كان يمكن تجنب تقريبا ثلثي الضرر الاقتصادي لو أن سياسة الكورونا أديرت بصورة عقلانية اكثر. المعنى هو اغلاق شامل أقل والمزيد من الاغلاقات المحددة والفحوصات. في هذه الحالة، دولة اسرائيل كانت ستتجنب ثلثي الضرر الاقتصادي لديها، الذي هو 50 – 70 مليار شيكل على الاقل.

​وحتى لو قمنا بالمقارنة مع الدول الاوروبية فقط فان توفير 1.5 في المئة في الانتاج كان سيوفر على اسرائيل ضرر يبلغ 20 مليار شيكل، هذا حتى قبل الضرر الآخر لنسبة البطالة والعجز الكبيرين. فعليا توفير اسرائيل كان يجب كما يبدو أن يكون اكبر بكثير حتى مقارنة مع اوروبا، لأن نسبة عدد الوفيات لدينا كانت افضل بما لا يقارن.

​لو أن اسرائيل عملت بصورة مهنية، حققت وتابعت طوال الوقت البيانات، بما في ذلك بيانات عدد الوفيات والمرضى في حالة خطيرة، وليس فقط عدد المرضى، وايضا تابعت بصورة افضل من يحملون المرض واغلقت دوائر الاصابة لديهم بصورة افضل وأبكر، كما يبدو كنا نستطيع أن نفهم أن وضعنا افضل من وضع اوروبا وأنه لا حاجة الى الاغلاق الشامل، أو أننا كنا سنقصر فترة الاغلاق. فقط كل ذلك لم يحدث.