صباح الخير يا ضم ، كارثة على مراحل

حجم الخط

يديعوت– بقلم ناحوم برنياع

في الاعياد يعود الناس الى الطاولة العائلية: وهذا صحيح بالنسبة لمعظم الاسرائيليين  وصحيح بالنسبة لنتنياهو ايضا. عشية عيد الاسابيع منح مقابلات صحفية لجسمين اعلاميين يعودان حصريا لكتلته السياسية. والمهمة التي وضعها لنفسه كانت بسيطة، تكاد تكون لازمة: بعد أن ابتلع غانتس بنجاح هو وحزبه ولم يعرف انهما جاءا الى مقربة منه حان  دور يمينا. أنا اكثر يميناً من يمينا، يعد نتنياهو. فإما ان ينضم يمينا الى حكومتي ويختفي في داخلها او انكم انتم، ناخبي اليمين، تشطبوه في صندوق الاقتراع.

​ثمة لهذا المشهد العائلي الحميم جانب آخر ينبغي أن يهم الاسرائيليين كلهم. فالهدية التي يتعهد نتنياهو بان يقدمها لناخبي اليمين هي الضم. فحكومته ستضم لاسرائيل 30 في المئة من اراضي الضفة. الادارة الامريكية ستدعم: فهي ستعترف بسيادة اسرائيل على الارض المضمومة. وسيقع الحدث المفرح في غضون شهر من اليوم، حتى الاول من تموز.

​يدعي نتنياهو بان الضم سيكون الانجاز السياسي الاكبر لاسرائيل منذ 1948. وهو لا يتأثر بردود الفعل الغاضبة من الملك الاردني ومن تهديدات السلطة الفلسطينية؛ أما امكانية أن تدان اسرائيل في المحكمة الدولية في لاهاي فتثير خاطره ولكنه لا تغير رأيها؛ وهو يتجاهل احتجاجات رؤساء دول في الاتحاد الاوروبي ورؤساء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة.  وربما ايضا احتجاجات موظفي وزارة الخارجية الامريكية.

​لعل الامر يفاجيء بعض القراء، ولكني اعتقد بان نتنياهو محق في  هذا الموضوع: لا حاجة للمبالغة باهمية الاحتجاجات في الغرب. فاحد من رؤساء الاتحاد الاوروبي لن يستلقي على الجدار، لا من اجل الفلسطينيين ولا من اجلنا. ترامب سيدعم كل ما يمليه عليه الناخبون الافنجيليون. وحتى لو انتخب جو بايدن رئيسا – فانه لن  يجتهد على نحو خاص  لالغاء قرار سلفه.  فهو ليس ترامب. والاسرائيليون الذين يعولون كل السنين على ضغط من الخارج ينقذ اسرائيل من المصائب  التي توقعها على نفسها يعتمدون على سند متهالك. فما لا نفعله نحن، بقوتنا، بصوتنا، احد لن يفعله من أجلنا.

​ان الضم الذي يلوح في الافق هو كارثة على مراحل. امس تحدثت مع العقيد احتياط شاؤول ارئيلي، الخبير رقم 1 في ترسيم الخرائط في المناطق. وعرفني على أن غور الاردن يشكل 20.5 في المئة من مساحة الضفة. نتنياهو  لا  يعتزم ضم  أريحا؛ فقد ضمت اريحا في اتفاقات اوسلو للسلطة الفلسطينية.  هي والقرية المجاورة، العوجا، ستكونان جيبا في الخريطة الجديدة. في الغور، سيكون 12 جيب فلسطيني آخر؛ نتنياهو وعد ناخبي اليمين بانه لن يحصل اي فلسطيني لديه على الحقوق، لا صندوق مرضى، لا تأمين وطني، لا اقامة ولا مواطنة. هم سيعيشون في بونتوستانات، مثلما في جنوب افريقيا القديمة، او الادق القول في بيبيستانات. لن يكون لهم مجال للنمو فيه، اقتصاد للرزق منه، حرية للنشوء في داخله.

​معنى الخطوة هو 200 كيلو متر آخر من الحدود بين الغور والجبل، 60 كيلو متر آخر حول جيب أريحا و 100 كيلو متر آخر حول الجيوب. ولم نقل بعد كم من مئات الكيلومترات من الحدود ستتطلب نسب الضم الاخرى، في غوش عصيون، في معاليه ادوميم وفي كتل المستوطنات.

​من ناحية امنية لا توجد لهذه الخلطة جدوى. الجيش الاسرائيلي سيتحول الى حرس حدود. وبدلا من التصدي لايران وبناتها سيتصدى لمتظاهرين وماكثين غير قانونيين على طول الحدود التي لا نهاية لها.

​يفترض بنتنياهو أن ينفذ الضم على مرحلتين. في المرحلة الاولى لن يحصل  على الارض شيء: نتنياهو سيلتقي خطابات النصر، وربما ايضا غانتس، والحكومة ستمول الاحتفالات. في المرحلة الثانية سيدخل الى العمل الطمع بالعقارات. بضغط المستوطنين ستصادر اراض وستصادر املاك الناس الذين جعلهم الضم غائبين.

​رؤيتان تتصارعان على روح الاسرائيليين منذ 1967: واحدة، تقول دولتان بين النهر والبحر؛ والثانية، تقول دولة واحدة ديمقراطية. اما الواقع الذي يسعى نتنياهو لان يخلقه فستقتل الرؤيتين.

​ان الرجل الاول الذي ينبغي له أن يحذر  ضد هذه الخطوة هو وزير الدفاع. فالمنظومة التي يقف على رأسها تنظر بقلق كبير الى ردود الافعال في اجهزة الامن الفلسطينية وفي المملكة الاردنية. في مقابلات الضم التي منحها نتنياهو لم يأبه بغانتس. رئيس الوزراء البديل تحول في غضون اسبوع الى هواء.  

​تبقى رئيس الاركان أفيفكوخافي، رئيس الشاباك نداف ارغمان ورؤساء اذرع الامن الاخرى. في داخل سحابة الكورونا، فان احتفال الحكومة المضخمة والهجمة على جهاز القضاء صوتهم لن يسمع. هذا هو الوقت لاسماعه.

​هذا هو الوقت لرفع مسألة الضم الى جدول الاعمال. فالخطوة اهم من أن تدفن تحت الكورونا. لشدة المفارقة، فان الوحيدين في اسرائيل القلقون منه هم رؤساء المستوطنين. 30 في المئة لا تكفيهم؛ يريدون المزيد.