المصريون يفضلون الايمان بالله وليس بوزارة الصحة

حجم الخط

هآرتس – بقلم تسفي برئيل

وليد يحيى كان طبيب شاب بدأ مسيرته المهنية في مستشفى المنيرة. في الاسبوع الماضي توفي بالكورونا. وبهذا ارتفع عدد الاطباء الذين ماتوا في مصر بسبب الفيروس الى 19 طبيب. وعدد المصابين في اوساط الطواقم الطبية وصل الى بضع مئات. آلاف الاطباء في الدولة لم تشجعهم اقوال وزيرة الصحة، هالة زياد، التي شكرت كل الذين وقفوا في خط الجبهة ضد الوباء، وكذلك لم يشجعهم تعريفهم من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي كـ “الجيش الابيض لمصر”. هم يريدون حماية، معدات، فحوصات دائمة، أجور مناسبة واعداد مناسب لمعالجة الكورونا.

​يحيى لم يحصل على التدريب المناسب. ومثل كل الاطباء الحكوميين المبتدئين فان راتبه هو 135 دولار في الشهر، بما في ذلك اضافة دولار واحد في الشهر كبدل مخاطرة. وحسب اقوال اصدقاءه فقد مر وقت طويل من اللحظة التي بدأت تظهر فيها علامات المرض الى أن تم نقله الى المستشفى المخصص لمرضى الكورونا. بدلا من تحقيق يكشف اسباب موت يحيى، شنت وسائل الاعلام حملة تشهير على الاطباء بسبب دعوتهم للاضراب الى أن تستجيب وزارة الصحة لطلباتهم. وفي مقابلة مع رئيس قسم الطب الوقائي في الوزارة، علاء عيد، اتهم اصدقاء يحيى بالاهمال. “بدلا من معالجته في مستشفى المنيرة”، قال “هم فضلوا نقله الى مستشفى التأمين الوطني”. واضاف مجري المقابلة من جانبه بأن “المس بالمؤسسة الطبية (من قبل الاطباء) هو جزء من الحرب ضد مصر”. رجل اعلامي آخر معروف، وائل الابراشي، الذي يعتبر من المقربين من النظام قال إن “يحظر على الاطباء أن يتحولوا الى ورقة مساومة سياسية في أيدي البعض منهم”.

​عندما طلب ممثلو نقابة الاطباء مناقشة الرئيس حول وضعهم، أوضح لهم بأن “الوقت غير مناسب الآن. هذا هو الوقت المناسب لاظهار التضامن مع الدولة من اجل مواجهة الازمة”. هذه الاقوال اثارت عاصفة في الشبكات الاجتماعية. مؤيدو النظام اشتبكوا مع الاطباء ووصفوهم بـ “خونة يبحثون عن مصالحهم”، في حين أن معارضيه قالوا إن النظام أنفق مليارات الجنيهات على مشاريع غير ضرورية وأهمل الصحة. جزء من غضبهم وجه نحو الجيش المصري الذي رفض فتح مستشفياته المزودة بأفضل التجهيزات من اجل مواجهة المرض امام جميع المواطنين.

​صحيح أن النظام أمر حوالي 320 مستشفى مدني، خاص وحكومي، بمعالجة مرضى الكورونا، بعد أن خصص عدد قليل فقط من المستشفيات لهذا الغرض، ولكن لم يحول لهم ميزانيات ومعدات من اجل مواجهة الوباء. عندما سئلت وزارة الصحة لماذا لم تفتح ايضا المستشفيات العسكرية أمام الجمهور كان الجواب “يوجد ما يكفي من المستشفيات المدنية لمعالجة الوباء”.

​قصة عائلة السيد تظهر أن عدد المستشفيات لا يقدم دائما ضمانة لتلقي علاج مناسب. فتحي السيد اصيب بالكورونا، زوجته منى محمود قالت لموقع “العربي الجديد” بأنه مرت عشرة ايام منذ اللحظة التي تم تشخيصه فيها الى حين تم علاجه في المستشفى المخصص في الاسماعيلية. في البداية اعتقدوا أنه يعاني من الانفلونزا. وأعطوه دواء لخفض درجة الحرارة. وعندما اشتدت حالته ارسلوه لتصوير الصدر بتكلفة 39 دولار، والى فحص آخر كلف 95 دولار (الحد الادنى للاجور في مصر هو 150 دولار شهريا). في النهاية تم تشخيص السيد كمصاب بالكورونا وتم تحويله الى المستشفى المخصص. ولكن هناك رفضوا استقباله لأنهم لا يعترفون بتشخيص المراكز الخاصة. في هذه الاثناء ازداد تدهور وضعه الى أن بصعوبة بصعوبة التنفس. في حينه فقط استقبلوه في المستشفى. أبناء العائلة طلبوا أن يتم فحصهم هم ايضا، لكن طلبهم رفض، وقيل لهم بأنه يجب عليهم المكوث في الحجر المنزلي.

​في المقابل، الممثلة المعروفة إبنة الـ 81، رجاء الجداوي حظيت بمعاملة خاصة، وخلال اقل من يوم تم علاجها في المستشفى بعد اصابتها بفيروس الكورونا، ومثلها ايضا اعضاء في البرلمان وضباط ومحافظين وموظفين كبار، الذين يحظون بمعاملة خاصة مقارنة مع المواطنين العاديين. بالمناسبة، ما اغضب البرلمان في مصر هو صورة الممثلة في المستشفى، في حين يقف الى جانبها مدير المستشفى بدون وسائل حماية مناسبة. وعن النقص في معدات الحماية هذه في المستشفيات الاخرى لم يتم التحدث كثيرا في البرلمان.

​الاطباء ومرضى الكورونا في مصر تبين لهم أنه الى جانب الصعوبة في الحصول على فحوصات وتشخيص ومعالجة في الفترة الزمنية المطلوبة، ايضا لا يوجد بروتوكول موحد للمعالجة. في عدد من المستشفيات يعملون حسب البروتوكول الذي تم وضعه في جامعة القاهرة، وفي مستشفيات اخرى يتم تطبيق بروتوكولات اخرى، بعضها حدد فترة حجر لاسبوع، وفي مستشفيات اخرى من 12 – 14 يوم. الاطباء يعملون 14 يوم متواصل قبل عودتهم الى بيوتهم، لكنه يتم فحصهم قبل يومين من انتهاء ورديتهم. وبناء على ذلك يمكن أن يعودوا الى البيوت وهم مصابون بالفيروس. وحسب نقابة الاطباء فان وزارة الصحة بالفعل اعلنت عن فتح 27 مستشفى متخصص انشئت فيها اقسام عزل، لكن حوالي 17 مستشفى تعمل فعليا.

​هناك شك اذا كانت ستشكل لجنة تحقيق لفحص الاخفاقات في الجهاز الصحي في مصر. واذا تم تشكيل لجنة كهذه فهي بالتأكيد ستجد أنه في الظروف القائمة عملت الحكومة بصورة صحيحة وأن المواطنين المصريين معتادين على ذلك وهم يعرفون أنه من الافضل الايمان بالله وليس بوزارة الصحة.