بعد نحو 24 ساعة من الهجوم "الإرهابي" لـ"حزب الله" في الشمال، عادت شبكات التلفاز لبث الدراما المفضلة لدى الأشخاص الأقوياء في إسرائيل. لابسين المعاطف الجلدية وبتعابير وجه جدية وبلغة عسكرية ردد السياسيون والمحللون لغة القوة أمام رئيس الحكومة بجلالة قدره: "من يلعب بالنار سيتلقى نارا". أو حسب أقوال الجنرالات المتقاعدين، عامي ايلون وعاموس يادلين ويوآف غالنت، الذين بثوا أوهام القوة مثلا "يمكننا إحباط مؤامرتهم" أو "جيش الدفاع الإسرائيلي يستطيع التغلب عليهم". ولن نتحدث عن روني دانييل، الذي يُقزم "حزب الله" ويعظم قوتنا العسكرية.
هذا هو الخطاب المفضل لدى أغلبية الجمهور. فهو مهدئ ويبث الأوهام بأن التحديات الماثلة أمامنا يمكن حلها بالقوة العسكرية. هذا الخطاب نفسه ملأ استوديوهات التلفزة خلال "الجرف الصامد": "علينا سحق حماس" و"علينا استعادة الردع".
لكن في الواقع علينا أن نسأل بنزاهة: هل تم ضرب "حماس" أو ردعها؟ لقد عادت الى إنتاج الصواريخ وحفر الأنفاق. هل كف "حزب الله" عن التحصن في هضبة الجولان؟ لقد أقسم نصر الله أن لا، وكذلك الإيرانيون. صحيح أنه ضد "الإرهاب" يجب أن نستخدم أيضا القوة، وأن جيشا إسرائيليا قويا هو شرط ضروري للأمن. لكن الحقيقة هي أنه ليس هناك حل عسكري لموضوع "الإرهاب". ليس هنا ولا في أماكن أخرى.
هناك عامل ليس أقل أهمية من القوة العسكرية هو الحكمة السياسية. لقد تعلم العالم أنه من اجل التعامل مع "الإرهاب" يجب ضم استخدام القوة الموزونة الى التحالف الدبلوماسي الجماعي. الولايات المتحدة تحارب الدولة الإسلامية (داعش) بالقصف الجوي وبتحالف قوات تربط رؤساء الغرب مع الدول العربية البراغماتية وبالذات مصر والأردن والسعودية.
كذلك نحن علينا أن نفهم أن العالم تغير. ليس هناك ضربة قاضية وانتهى الأمر. في العام 1967 كان يكفينا ستة أيام من اجل الانتصار على كل الجيوش العربية. في العام 2014 فإن 50 يوما لم تكفنا من اجل الانتصار على منظمة "إرهابية" بقوة متوسطة مثل "حماس".
يتغذى "الإرهاب" بالدرجة الأولى على التأييد الشعبي. ومن اجل النضال ضده هناك حاجة لعزله عن المحيط الذي ينمو فيه. الدرس هنا هو أنه الى جانب الجنرالات يجب ضم سياسيين محنكين، وأن سياسة الردع للجيش الإسرائيلي يجب دمجها بدون ضجة السياسيين مع نشاطات سياسية مكملة.
في هذا السياق من النضال ضد "الإرهاب"، يدور الحديث عن ثلاثة جهود متكاملة: بناء تحالف إقليمي من المصالح مع الأردن ومصر والسعودية والسلطة الفلسطينية الذين يعارضون "حماس" و"حزب الله" و"داعش"، والاندماج في تحالف دولي ضد "الإرهاب" بقيادة الولايات المتحدة، ومبادرة حل سياسي للقضية الفلسطينية. هذه القضية في سياق الشرق الأوسط تشغل الدول العربية المعتدلة وكذلك رؤساء الولايات المتحدة وأوروبا، هذه هي القضية التي تصب الوقود في محركات الإرهابيين.
لقد بقينا فقط مع لغة القوة وحل القوة، حيث إن الحكومة الحالية غير مستعدة للحل السياسي، وبهذا تقدم للإرهابيين إنجازات على طبق من فضة.
عن "معاريف"