ترامب يسعى لاستعادة ميزانه الانتخابي باضافة الجيش الاميركي كعامل مرجح له في الانتخابات

حجم الخط

بقلم بسام ابو شريف

قرار ترامب بانزال الجيش (حيث يستدعي الأمر)، بني على أساس حسابات انتخابية.

بشكل مبسط يفكر ترامب بالطريقة اتالية: خسرت القوى العنصرية الكثير جراء جريمة قتل فلويد، اذ تحول الاحتجاج من احتجاج على قتل مواطن أسود الى احتجاج على النهج العنصري الى احتجاج على ادارة ترامب، وترامب نفسه، ومنذ اليوم الأول سعى ترامب الى تضليل الرأي العام بالصاق تهمة اللصوصية والفوضوية بحركة الاحتجاج الشعبي، وأصبح لزاما على مسؤولي الادارة أن يلصقوا بحركة الاحتجاج التهم الباطلة، التي أطلقها ترامب لتحويل الاحتجاج الى حركة دبرها وقادها لصوص بهدف التكسير والنهب، ورغم ادانة المحتجين والمعادين للعنصرية لعمليات التكسير والنهب التي حصلت ( وهي محدودة جدا)، عزفت اوركسترا التضليل الصادرة عن البيت الأبيض النشيد الذي يضع الحركة الاحتجاجية عند تلك الصفات التي أطلقها ترامب، وذلك في محاولة لعزل ومحاصرة الحركة الاحتجاجية وتأثيرها على المجتمع الذي يقترب من موعده مع انتخابات رئيس جديد للولايات المتحدة الا أن اتساع احركة الاحتجاجية ، وتحولها الى احتجاج على نهج ادارة ترامب العنصري والانعزالي أفقد ترامب فرصة كسب معركة محاصرة وعزل الحركة الاحتجاجية.

وأكثر من ذلك اشتعلت شوارع واشنطن العاصمة، وطوقت الحركة الاحتجاجية “سلميا” ودون أي حادث مخل بأهدافها البيت الأبيض مما اضطر ترامب لاستدعاء 800 من أفراد الحرس الوطني لحماية البيت الأبيض – هذه الذريعة كانت كافية لتكشف مايخطط له ترامب فقد وصل رجال الحرس الوطني بسيارات عسكرية تابعة للجيش في محاولة للايحاء بأنه بدأ بانزال الجيش للشوارع ، ولاظهار “كذبا “، أن الجيش يؤيد نهجه ، وهذا مايريد أن يوحي به من خلال تلويحه وتصريحه بأنه سوف يأمر الجيش بالنزول للشوارع للتصدي للاميركيين المحتجين.

يسعى ترامب لخوض معركته الانتخابية الآن وفي الشارع قبل الانتخابات الفعلية، فقد حسم في خطابه الفواصل بين مؤيدي سياساته وبين معارضيها، وأبلغه مستشاروه أنه بحسابات عامة هذا الفصل يشير الى خسارته الانتخابية، فصعد من حملته عبر اعتبار الحركة الاحتجاجية حركة تخل بالقانون وتسعى للتخريب ويث الفوضى، وبدأ بتحديد المتهمين وقد وضع مستشاروه لائحة بالجمعيات والهيئات التي تدافع عن حقوق الانسان، وتناهض العنصرية وتعارض نهج ترامب لتوجيه التهم لها (قانونيا)، على أنها تشكيلات ارهابية وألصق بها زورا تهمة التحريض على كسر القوانين ونشر الفوضى والنهب ، أي أنه بدأ حربه الانتخابية غير ناسين أنه من اللحظة الاولى حتى الآن يقوم ترامب بتوجيه التهم للحزب الديمقراطي بأنه لايختلف في الجوهر عن حزبه فيما يتصل بقضايا الاحتجاج الجوهرية.

وبحسابات ترامب فان انزال الجيش قد يؤدي الى نتيجتين : –

النتيجة الاولى : هي أن الجيش سينزل للشوارع ، ولن يحدث أي اشتباك مع الحركة الاحتجاجية ، وبهذه النتيجة يكون ترامب قد حقق المكسب من حيث أن قراره بانزال الجيش هو الذي أوقف الصدامات !! ، وثانيا أن الجيش هو قوة من قواه الانتخابية ، ويساندون نهجه وسياسته بينما في الواقع يكون ترامب قد استغل صلاحياته كرئيس لفرض قراره ، واصدار أمر للبنتاغون ( بغض النظر عن رأي ضباط البنتاغون ) ، بانزال الجيش لمواجهة المواطنين ( وهي سابقة خطيرة جدا ) ، لكن الحسابات هي أن نزول الجيش وضبط الوضع سيجير له وسيجير له أن الجيش قوة من قواه الانتخابية ، وهذا ليس صحيحا بل خداع للرأي العام .

النتيجة الثانية  : أو البديلة لنزول الجيش ستأتي في حال اشتبك الجنود مع المواطنين الاميركيين المحتجين ، فالاشتباك بحد ذاته هو مخالف للقانون والدستور ، اذ للمواطنين حقهم في التظاهر والتعبير عن الرأي ، ويكون ترامب قد زج بالجيش في مخالفة للدستور لمنعه المواطنين من التعبير عن رأيهم ، لكن النتيجة التي يريدها ترامب ” في هذه الحالة ” ، هي زج الجيش بمعركة تظهره وكأنه مؤيد لسياسة ونهج ترامب ، وهذا ” حسب حساباته ”  سيعدل الكفة ليرجحها لصالحه في الانتخابات ، والرسالة لأنصاره هي أن الجيش يساند سياسته العنصرية ويتصدى لمن يخالفه .

لقد وضعنا هذا الموضوع بكلمات تبسيطية للوصول الى حقيقة مايريده ترامب ، لكن استخدام الجيش لمواجهة المواطنين سيكون له تبعات خطيرة وبعيدة المدى ، ولاأشك في أن الحزبين سيدفعان ثمن ذلك .

لن يتمكن الجيش من وقف الاحتجاج الذي رسخ بمظاهرته أمام البيت الأبيض سلمية تحركه وسوف يجد الجيش صعوبة في استخدام القوة ضد المواطنين ، لكن اذا حصل هذا الأمر سيطلق شرارة من نوع جديد … شرارة تسرب الوضع السياسي الداخلي لصفوف الجيش الذي بني ليشن الحروب على الشعوب الاخرى ولاحتلال دول اخرى ، وللتحكم بالعالم .

عنجهية الجندي الاميركي واستكباره كما حشي دماغه بها تبدأ بالتفتت ، وسيشعر الاميركيون بوحشية الأداة التي يدفعون الضرائب لبنائها ، حاكم نيويورك رفض نزول الجيش ومدد منع التجول ، وطالب المحتجين بأن يحتجوا سلميا نهارا ومن ثم يذهبون لبيوتهم يوميا ، وستكون هذه المدينة أبلغ مثال على فشل ترامب ، وحقيقة أهدافه من انزال الجيش .

لقد هبت تجمعات كبيرة في أكثر من 13 مدينة في العالم لتأييد الاحتجاج الشعبي الاميركي ولم نر في أي مدينة عربية مظاهرة تأييد ، فكيف تريد الأحزاب العربية أن يؤيدنا العالم ضد عنصرية اسرائيل ، ونحن لانؤيد احتجاج الشعب الاميركي على عنصرية نظامه .

أرى أن معركة الشعب الاميركي ضد النهج العنصري والاستعماري للادارة الاميركية ، هي معركتنا أيضا لأنها تصب في رفض خطط العنصريين في واشنطن وتل ابيب لسحق شعبنا وقضيتنا … يجب أن تشهد المدن الفلسطينية تأييدا شعبيا للاحتجاج الشعبي الاميركي ، ويجب أن تتوجه هذه المظاهرات في رام الله الى السفارات والقنصليات الاوروبية لاظهار معاداتنا للعنصرية .