رمضان شلح...وأخيرا قررت الرحيل أيها القائد النبيل!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 وأخيرا قرر د. رمضان شلح الرحيل عن الحياة الإنسانية العامة، بعد غياب عن الحياة السياسية طالت الى عامين، وكأنه في غيابه اختار تقييما خاصا لمسار ومسيرة وطن وشعب، بهدوء كان جزءا مكونا لشخصيته الفريدة، القائد الفلسطيني الذي تمكن من حصد علاقات خاصة، بين مؤيديه السياسيين ومن لا يرون ذات ما يرى، تمايز عن قادة المشهد الراهن بميزة التواصل دون "عقد سياسية" أو "عصبوية تنظيمية"..

رحل د. رمضان شلح، بصمت غريب وهو من كان ضجيج الفكر والتفكير، يبحث دوما عما يمكن ان يكون جديدا مبتكرا لفتح طريق أمام شعب فلسطين، اجتهد كثيرا، لم يملك حساسية للآخر، وكان نموذجا حقا قولا وفعلا لمبدأ الاختلاف حق وطني ومشروع بل وضرورة كي نشق درب الحرية لاستقلال الوطن.

في أكتوبر 2016، خرج د. شلح عن حالة الارتعاش السياسية وعرض ما يعرف بـ "مبادرة النقاط العشرة"، وفتح الباب واسعا للخروج من مأزق الانقسام، الذي يمثل رافعة للمشروع التهويدي، والمغذي العملي لتوسعته في الأرض الفلسطينية، مبادرة وجدت قبولا واسعا جدا، لم ينطلق من موقع حزبي بحثا عن "كسب حزبي" أو ترضية لمحور ظلامي، كما كان غيره.

مبادرة "النقاط العشر" لا تزال في جوهرها تمثل طريق الصواب، وعله أكد برؤية دقيقة كيفية إعادة بناء منظمة التحرير وتطويرها، كي تصبح الإطار الوطني الجامع لكل قوى الشعب، بعيدا عن تفكير انقلابي خاطف لهدم "المعبد الوطني".

من الحوارات الأصعب، التي كانت مع د. شلح، في آخر زيارة لي الى لبنان أغسطس 2016، التقيت بالراحل الكبير، في منزله المؤقت بالضاحية الجنوبية وبحضور الصديق الأمين العام الحالي لحركة الجهاد زياد النخالة، تطرق الحوار الى كل ما له صلة بالمشهد السياسي، من اتفاق أوسلو، وما يراه كل منا، الى مسمى حركة الجهاد الإسلامي، بما يحمل من ملمح طائفي لا يتوافق أبدا، مع "روح الشعب الفلسطيني" وطبيعته.

حوار كشف أن أسس البناء الفكري المخزون في وعينا لفلسطين التي ننتظر، يفوق كثيرا ما يعلنه الساسة منا، وأن الثقافة الفردية تتفوق لأول مرة على الثقافة الحزبية، وتلك الحقيقة التي تجسدت الى أبعد حدودها في شخصية رمضان شلح.

قائد فلسطيني، كان الأكثر شبها بالزعيم الخالد ياسر عرفات "علماني متدين"، غير عصبوي ابدا، منتم لفصيل حزبيا وكل الفصائل إطاره، كانت القدس له كما للخالد، جسد مقولة القدس كما مكة بقدسيتها الدينية وبقيمتها السياسية.

سلاما يا رمضان، وداعا يا رفيق يا من غزيت حب أبناء وطنك، سلاما أيها القائد النبيل شخصا ورؤية وموقفا.