كل ايامنا ... صارت 5 حزيران

حجم الخط

بقلم : ابراهيم دعيبس

 

ترددت كثيرا في الكتابة عن ذكرى ٥ حزيران ١٩٦٧،بعد ان مرت عشرات السنين على تلك الكارثة ولكثرة ما نواجهه من نكبات متواصلة في ذلك التاريخ وما قبله منذ مطلع القرن الماضي حتى اليوم.

ومن ابسط التحليلات القول ان الاستعمار كان السبب وان بلفور والانجليز هم الذين جعلوا الصهاينة يسيطرون على وطننا، وان اميركا اليوم هي التي تدعم اسرائيل واستيطانها، وكأننا لا ذنب لنا ولا نتحمل اية مسؤولية.

السؤال القديم والذي يتجدد باستمرار هو لماذا دعم الانجليز الحركة الصهيونية، ولماذا تدعم اميركا اسرائيل اليوم، مع اننا كعرب نملك من القدرات والامكانات ما يجعلنا نفرض على اميركا وبريطانيا من قبلها، الوقوف معنا ومع قضيتنا، ليس بالنفط وحده ولكن بالموقع الاستراتيجي والثروات الاقتصادية الهائلة والاعداد الضخمة والتاريخ العريق، وهذه كلها قادرة على الضغط على اية قوة بالعالم لو أحسنا استخدامها، ويهود العالم جميعا بقدر عدد سكان القاهرة وحدها تقريبا، وهم يسيطرون على مراكز القوى عالميا بالعمل والادارة والتخطيط.

ترامب مثلا يجوب الدنيا بالتصريحات الجوفاء، ويعود بمليارات الدولارات ثم يقوم بتقديم الخدمات كلها لاسرائيل. لماذا يحدث هذا وكيف يرضى المعنيون بالامر بذلك، ولماذا تتكرر القصة نفسها مع كل الرؤساء الاميركيين؟

واذا تركنا العرب الرسميين جانبا، فهل نحن الفلسطينيين نتصرف بمنطق وتخطيط ودراسات وادارة، ام اننا نركض وراء الشعارات والخطب وما نريده وليس ما نقدر عليه؟ ولماذا تتراجع قضيتنا من فلسطين بين البحر والنهر الى الارض المحتلة عام ١٩٦٧، اي الضفة وقطاع غزة؟ ولعل اكبر ادانة لنا واكبر إساءة لقضيتنا حاليا، هو هذا الانقسام المخزي والمخجل الذي يدمر ما بقي من قضيتنا ويسيء الينا اكبر اساءة، خاصة ونحن نواجه اسوأ مخططات الاحتلال الاستيطانية والتوسعية.

لقد ماتت كل الخطابات والبيانات وماتت كل الشعارات والتصريحات ولا يبقى إلا الواقع ودراسة الامكانات والقدرات، والمعطيات المحلية والاقليمية والدولية ثم اتخاذ المواقف المطلوبة. العرب اليوم لم يعودوا يهتمون بقضيتنا كما يجب ويسارع بعضهم في التطبيع علنا وبكل صراحة احيانا.

علينا اولا ان ننهي الانقسام والطريقة الصحيحة الى ذلك تكون بالانتخابات التي دعا اليها الرئيس ابو مازن مرة ثم ماتت القضية، كليا، لكي يفوز من يفوز ويستلم القيادة بالضفة وغزة، ولا سيما ان القيادات الحالية، مع الاحترام للجميع، قد انتهى مفعولها شعبيا ورسميا. ان علينا الخروج من الدائرة المفرغة التي ندور فيها، ولا بد من اتخاذ الخطوات العملية بعيدا عن الخطب والشعارات والبيانات والمواقف اللفظية والخطابية التي لا قيمة لها ، لأن من لا يرحم نفسه لن يجد من يرحمه ..!!

مواجهة العنف المجتمعي

تزايدت حالات العنف المجتمعي بيننا، وضد النساء بصورة خاصة، وجاءت ازمة الكورونا لتزيد الامور تعقيدا وصعوبة. وقد اطلقت ٢١ مؤسسة نسوية وحقوقية بالضفة والقطاع، حملة وتظاهرة لدعوة المجتمع بكامل مركباته لتحمل المسؤولية والتدخل بشكل فوري لوقف موجة العنف المتفاقمة هذه.

كذلك فان الشجارات والخلافات البسيطة اساسا، تنتهي بأعمال قتل مؤلمة للغاية من الناحية الانسانية ومدمرة للعلاقات العائلية والاجتماعية ايضا. ولا يكاد يمر اسبوع دون احاديث عن مثل هذه المشاجرات وسقوط قتلى او جرحى، ولقد سمعنا بكل الحزن والالم والحسرة عن مقتل شقيقين شابين في شجار عائلي.

لقد تحدث الكثيرون عن هذه الظاهرة، وتزايدت اعداد العطوات العشائرية وعمليات الصلح وتطييب الخواطر، ولكن المشكلة ما تزال قائمة وتتزايد، وهي بحاجة الى معالجة جذرية جادة على كل المستويات الدينية والتعليمية والعشائرية والقانونية، ولدينا من المشاكل ما يكفينا ويزيد، فهل من يستمع .. وأين هم رجال الدين وشيوخ العشائر والوجهاء ..؟!

امتحان «التوجيهي» ومراعاة الظروف !!

رغم ظروف الكورونا الصعبة للغاية، فقد كانت فلسطين رائدة في عقد امتحان الثانوية العامة خلافا لكثير من دول المنطقة، لان كثيرا من المدارس كانت مغلقة والتوتر كان سيد الموقف للطلاب والطالبات والاهالي عموما.

وقد طالب عدد من الطلاب بان تراعي وزارة التربية الظروف والاوضاع خلال عملية التصحيح وتقدير العلامات، وكان المطلوب اساسا ان تكون الاسئلة مناسبة ومنسجمة مع هذه الحالة، ولكن ما حصل قد حصل، والمطلوب فعلا مراعاة الظروف عند التصحيح.

وامتحان الثانوية العامة او التوجيهي عموما، جرت عليه تعديلات ايجابية مختلفة ولكنه بقي له ا لشبح الذي يقلق المتقدمين اليه، وما يقلق اكثر ان النتائج مهما تكن تظل خطوة اولى نحو التعليم الجامعي وهنا تزداد الازمة والاوضاع تعقيدا .. لان البطالة تتفشى كثيرا بين خريجي الجامعات، والوظائف تظل محدودة وغير مناسبة غالبا، وتظل الرواتب بسيطة ولا تفي بالاحتياجات .. ولكن هذه هي حالنا وهذه هي اوضاعنا وليس أمامنا من بدائل مختلفة .

صورة تهز اميركا

اهتزت اميركا وامتلأت ساحات اكبر مدنها بالتظاهرات الصاخبة، ومع وباء الكورونا، اضطر الرئيس ترامب الى الاختباء في ملجأ، وكان المحرك لكل التظاهرات وفوضى الحرق والسرقة هو صورة الشرطي الاميركي الذي كان يدعس على رقبة جورج فلويد المواطن الاميركي الاسود الذي توفي بعد نقله الى المستشفى.

ومع تصاعد ازمة الكورونا والتظاهرات التي فاقمت ازمة الاقتصاد ايضا، تراجعت شعبية ترامب وتقدم عليه منافسه المحتمل في الانتخابات القادمة جو بايدن في استطلاعات الرأي بحوالي ١١ نقطة.

واتسعت دائرة التظاهرات ضد ترامب والعنصرية في عدت مدن خارج الولايات المتحدة ووصلت حتى الى اسرائيل وسياساتها ضد الفلسطينيين بكل الممارسات والاعتداءات مماهو اكثر من الصورة المثيرة واشد قسوة ضد الارض والانسان ..!!