حرية الاحتجاج : شرطة اسرائيل لا تعرف مكانها

حجم الخط

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد

حكومة اسرائيل حاولت اغتيال مظاهرة اليسار ضد الضم. لي أذرع بين الشرطة والمنظمين انتهى هذه المرة بفوز المنظمين، والمظاهرة اجريت في نهاية المطاف في ميدان رابين عند منتهى السبت. ولكن من نظموا المظاهرة اضطروا الى استثمار جهود كبيرة من اجل مواجهة فظاظة الشرطة التي تعتبر احباط المظاهرات وسيلة شرعية – هذه الحقيقة مقلقة ومثيرة للغضب، وبالاساس خطيرة.

​في البداية تم فرض منع كاسح لاجراء الاعتصام، وبعد ذلك تم تقييد عدد المشاركين فيه، والشرطة رفضت بشكل حازم اغلاق الشوارع حول الميدان، الامر الذي كان سيمكن من ارتفاع عدد المشاركين. وكل ذلك بسبب الكورونا بالطبع. الوضع تحول الى مهزلة عندما طلبوا من المنظمين التخفيف من نشر موضوع المظاهرة في الشبكات الاجتماعية من اجل عدم قدوم عدد كبير جدا. والذروة وصلت عندما أعلنوا في الشرطة أنهم سيقومون بالغاء التصريح للمظاهرة بسبب الشعبية التي راكمها الحدث في الشبكات الاجتماعية. ايضا كانت هناك مرحلة طلبت فيها الشرطة نقل المظاهرة الى مكان آخر، ربما متنزه اليركون أو حديقة تشارلز، الطلب الذي رفضه المنظمون تماما.

​شرطة تتعامل بهذا الشكل مع متظاهرين أقلية سياسية هي شرطة لا تعرف مكانها أو دورها. لا يوجد شك أن وباء الكورونا يتفشى وهذا الامر يحتاج الى اتباع وسائل حذرة: تباعد اجتماعي ووضع الكمامات. ولكن بالذات بسبب تفشي الوباء في الوقت الذي تخطط فيه الحكومة لاخراج العملية السياسية الاكثر اهمية منذ 1967 الى حيز التنفيذ، فانهم في الشرطة كان يجب عليهم الفهم بأن دورهم هو مساعدة المنظمين في اجراء المظاهرة مهما كانت كبيرة، وتلبية مطالب وزارة الصحة. أحد اهداف الشرطة الهامة هو التمكين من القيام باحتجاج سياسي والدفاع عنه. وهذه المهمة تكون هامة باضعاف في الوقت الذي يهدد فيه الوباء باسكات نقاش عام مهم لا مثيل له.

​لذلك، لا يمكن التملص من الانطباع بأن السلوك الوقح مرتبط بهوية المتظاهرين، ومن حقيقة أن الامر يتعلق بمظاهرة ضد سياسة الحكومة. مظاهرة الأقلية التي الكثيرين في اوساطها هم من العرب. هل يمكن لشخص أن يتخيل الشرطة وهي تتصرف بهذا الشكل وتعرض للخطر القيام باعتصام لمؤيدي نتنياهو؟ الحديث لا يدور عن نظرية مؤامرة، وأنا لا اعتقد أن القيادة العليا في الشرطة أرادت المس بالمظاهرة لاسباب سياسية مباشرة أو ايديولوجية. ولكن في زمننا، عندما يكون نتنياهو رئيس الحكومة وامير اوحانا وزير الامن الداخلي، يسهل جدا على ضباط الشرطة المس بمتظاهري اليسار، ليس فقط بسبب أنه لن يحدث أي ضرر لهؤلاء الضباط، بل بالعكس، يمكن أن افعالهم هذه ستساعدهم على مواصلة طريقهم. وهكذا فان روح العصر تقود الى هذا الوضع الذي لا يصدق، الذي فيه رجال شرطة يقومون بالغاء ترخيص اجراء مظاهرة بسبب أنه نشر عنها بتوسع. وفي المرة القادمة سيطلبون أن يضاف الى الاعلان جملة “لكن، لا تأتوا بجموعكم”.

​يجب على الشرطة أن تفهم بأن المظاهرة هي حدث سياسي، وهي لا تحدد أين ستكون، ويحظر عليها التدخل بأي شكل من الاشكال بالطريقة التي يختار فيها المنظمون دعوة الجمهور للمشاركة فيها. واذا ظهر للشرطة بأنه سيأتي اشخاص اكثر مما يمكن للميدان استيعابه، حينها مطلوب منها اغلاق الشوارع حول الميدان. هكذا يفعلون في مجتمع منفتح فيه نهاية ايام السبت هي وقت معروف للاعتصام، وميدان رابين هو موقع المظاهرات الوطني الاهم.

القيادة العليا لشرطة اسرائيل يجب عليها ان تجتاز وبسرعة دورة اساسية في موضوع حرية الاحتجاج.