الضم سيلحق أضراراً بالاقتصاد الإسرائيلي

حجم الخط

بقلم: سامي بيرتس



نشر استطلاع للرأي، هذا الاسبوع، في "أخبار 12" أظهر أن 69 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن المهمة الاكثر اهمية للحكومة الجديدة هي معالجة الازمة الاقتصادية في اعقاب "كورونا"، واعتقد 4 في المئة أن ضم مناطق هو المهمة الأكثر أهمية. ويبدو أن من يشاهد هذا الاستطلاع يجب عليه تأجيل عملية الضم للمستقبل – لقد انتظرنا 53 سنة ويمكننا الانتظار فترة قليلة أخرى – والتركيز فقط على ما يهم حقاً الجمهور. ولكن يوجد للسياسة منطق وجدول زمني خاص بها، يفرض على الجمهور في إسرائيل الانشغال بالضم، سواء أراد ذلك أم لا.
الذريعة الاساسية لضغط اليمين في إسرائيل هي الانتخابات الأميركية للرئاسة في تشرين الثاني. هناك احتمالية معينة بألا يتم انتخاب دونالد ترامب مرة اخرى. لذلك، الشعور هو إذا لم يتم استغلال هذه الفرصة حتى موعد الانتخابات، فإن فرض السيادة على المستوطنات الاسرائيلية في "المناطق" لن يتحقق. الجدول الزمني السياسي الاسرائيلي قادر على اطالة معينة لهذا النقاش ومده لفترة أطول. ويفضل بنيامين نتنياهو حوارا جماهيريا طويلا في مسألة الضم بدلا من مواد جديدة حول محاكمته أو حول ما يحدث في مقره. وهو ايضا بحاجة الى موضوع سياسي وسياساتي يظهر فيه مؤهلاته ويقوم بالمناورة مع شركائه، على أمل أن التناوب مع بني غانتس لن يخرج الى حيز التنفيذ، وهو سيستمر في الحكم.
كل ذلك لا يمكن أن يهم الجمهور الاسرائيلي الذي يحاول النهوض من الازمة الاقتصادية الشديدة التي سترافقنا لأشهر كثيرة أخرى، ولكن الضم ليس فقط حدثا سياسيا. فهو في المقام الأول حدث أمني. لهذا توجد اهمية اقتصادية كبيرة. ولذلك، من المفاجئ أنه رغم عظم هذا الحدث، فإن "الشاباك" والاستخبارات العسكرية لم تنشر حتى الآن أي تحذير استراتيجي بشأن الضم. ولا يوجد خلاف حول حقيقة أن الامر يتعلق بحدث كبير يحتاج الى استعداد امني وسياسي خاص لمواجهة حدوث تصعيد. وإذا لم يتم نشر تحذير كهذا، فتفسير ذلك هو أن الجهات الاستخبارية تقدر بأن وعد نتنياهو بتنفيذ الضم في 1 تموز لن يتم تنفيذه. الذي أصدر "تحذير للقادة" هو رئيس الاركان، افيف كوخافي، الذي هو ايضا لا يعرف ما الذي سيحدث في بداية تموز. ولكنه يحاول اعطاء اشارات لمرؤوسيه من اجل الاستعداد لشيء ما.
تصعيد امني في زمن ازمة اقتصادية وصحية هو الامر الاخير الذي تحتاجه إسرائيل الآن. كما يبدو، وضع امني حساس هو حرف للانتباه عن الازمة الاقتصادية، لأن العمليات تصيب اماكن اكثر ايلاما. ولكنه ايضا وصفة مؤكدة لتفاقم الازمة الاقتصادية من كل النواحي: ستمنع العمليات "الارهابية" إعادة تأهيل فرع السياحة لفترة طويلة؛ وسيمس الاغلاق بقدرة اكثر من 100 الف عامل فلسطيني على العمل في إسرائيل، وسيزيد شدة الازمة الاقتصادية في "المناطق" وفي فرع البناء في إسرائيل؛ ومقاطعة من قبل دول اوروبية ستمس بالاقتصاد بمجمله، والاحتكاك مع دول الخليج التي تدير إسرائيل معها علاقات اقتصادية متشعبة، سيضر بالتصدير.
التصعيد الأمني سيقتضي تجنيد الاحتياط وسيزيد النفقات الامنية الجارية. واذا استمر التوتر شهورا كثيرة ولم يتم انتخاب ترامب في تشرين الثاني، فستجد إسرائيل نفسها في نهاية السنة مع ادارة ديمقراطية لا توافق على فكرة تبني الاجزاء المريحة لاسرائيل في صفقة القرن، ورفض الاجزاء الاقل راحة. النتيجة هي أن إسرائيل يمكن أن تدفع ثمنا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا باهظ مقابل الضم، دون الحصول على مقابل مجد. ومن المعقول الافتراض أن هذا ايضا سيرافقه اتساع الشروخ في المجتمع الاسرائيلي بين اليمين واليسار وفي معسكر اليمين نفسه. كل ذلك لا يعني أنه يجب رمي صفقة القرن في القمامة. فهذه الصفقة يجب أن تشكل قاعدة لإجراء المفاوضات مع الفلسطينيين دون خطوات خاطفة في الطريق الى بلورة موافقة إسرائيلية واسعة، والتي ستحظى أيضا بالشرعية الدولية.

عن "هآرتس"