الأغوار ليست اكتشافاً جديداً

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

بقلم: صلاح هنية

المرة ما اطلعنا على قمة الشجرة، بل صعدنا الى آخر درجات السلم بالضغط على العالم ليضغط على نتنياهو لوقف عملية (قضم) أراض جديدة دون السكان، لم يرمش لنا جفن ولم ننظر خلفنا لثانية، فنحن خارجون من معركة "الكورونا" وحققنا التفافاً شعبياً، وبالتالي يحق لنا ان نذهب الى أقصى المراحل ولو طالت أموالنا (المقاصة) ولو أثرت على الرواتب وعلى مستحقات القطاع الخاص وعلى اللوازم العامة والعطاءات.
دائماً يقال "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود" ولكن الحكومة لم تخبئ ولم تحسبها صح لأن الموضوع ليس رواتب بل هو أبعد من ذلك بكثير، هو أسرى وأُسر شهداء وجرحى وقضايا اجتماعية ومنكشفون جدد وعمال وقطاع خاص ومستلزمات طبية، وبالتالي الأمر الذي ينصب التركيز عليه هو الرواتب، متناسين مستحقات الناس لشركات الكهرباء والمياه والاتصالات والبنوك وشركات التأمين ومراكز صيانة السيارات وأقساط المدارس والرياض والسوبرماركت.
الموظفون سيقولون كلمتهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومن لا يمتلك نافذة هناك نشطاء بكفوا وبوفوا، القطاع الخاص عبر أُطره سيصرخ ولكنه يعود ليوازن الأمر ويقول "الله غالب على أمره" عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة خصوصاً أن عطاءات ومشتريات الحكومة سنسولة دائمة، الأُسر المنكشفة والفقيرة وأفقر الفقراء المشمولين بملفات وزارة التنمية الاجتماعية لن يكون لهم صوت ولن يعكس همهم أحد "مع استثناءات هنا وهناك".
وبما أننا صعدنا أعلى درجات السلم، بالتالي نحن نحتاج الى حراك شعبي واسع لكي نبقى على أعلى درجات السلم ونلوح به في لحظات الضغط على العالم، وطبعاً ساعة التوقيت للحراك لن تكون قبل الأول من تموز الموعد المحدد احتلاليا لإجراءات الضم وقضم أراض، وسنغير نغمة هواتفنا لتصبح (وين الملايين) أو (عهد الله ما نرحل) ونغير صور الإطار على صفحاتنا على "الفيسبوك" لنتغنى بالأغوار على أنها سلة غذائنا وعمقنا، وسننظم الأشعار.
وحتى لا يقال كلام في كلام شكلت الحكومة لجنة وزارية لدراسة الوضع في الأغوار وإقامة مشاريع فيها "رغم أن الدعوات للاستثمار في الاغوار منذ سنوات" وكأننا أعدنا اكتشاف الأغوار من جديد.
طبعاً سيقال في هذا المقام "شاطرين تكبّروا حكي" أعطونا من فائض علمكم يا فلاسفة عصركم .....
توزيع أعباء المرحلة بشكل عادل بحيث يدفع ثمنها الجميع وليس فئة بعينها، وإلا فإن الشعب سينظر بحالة تشكك اتجاه السلطة الوطنية الفلسطينية.
الأغوار ليست للاستخدام، بل هي بقعة جغرافية فلسطينية حاضرة أمامنا. منذ سنوات طويلة مضت شكلت هيئة تنمية الاغوار واعتبرتها منطقة تطوير "أ" وأعدت دراسات جدوى، وجرى الحديث حينها عن إسكان للمهندسين الزراعيين ومراكز أبحاث زراعية هناك على الأراضي الوقفية والحكومية، وظلت السلطة الوطنية الفلسطينية سائرة بذات الطريق: لجنة وزارية وتوجيه لجهات استثمارية لتذهب هناك.
شُكلت لجان حكومية مهمتها الأساسية النظر في الاعتداءات على الأراضي الوقفية والحكومية في أريحا والأغوار وكف هذه الاعتداءات.
تكرر الحديث عن تخصيص أراض للشباب للاستثمار فيها وتطويرها لنقل ثقل الشباب الى الأغوار ليصبح مجتمعاً شاباً.
تكرر الحديث عن دعم المنتج الزراعي في الأغوار ومنحه الأفضلية ودعوات لتسويق مباشر من المزارع الى المستهلك، إلا أننا نشهد أزمات متكررة للبطيخ والشمام ونغرق بالعنب اللابذري من المستوطنات، وبات صراخ المزارعين أمراً عادياً نمر عليه مر الكرام.
مؤسسات المجتمع المدني في الأغوار ليست أولوية بالمطلق ولا تلقى الإسناد اللازم كما هو حال بقية هذه المؤسسات في الوطن، وهذه لوحدها تحتاج الى برامج واهتمامات، وكذلك الأمر في قطاع الحكم المحلي.
الضم يا إخوان ليس اكتشافاً جديداً نحن أصلاً تحت الاحتلال. اليوم نحن امام جريمة حرب حسب اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، لنمارس  نشاطنا في الأغوار لدعم المنتجات والمحاصيل، والتوعية بالبعد الاستراتيجي لها وبعد القانون الدولي الإنساني.
نصعد السلم والشجرة والجبل معكم، ولكن سنسد عليكم منافذ التزحلق، وزعوا العبء الاقتصادي والمالي على الجميع وأرونا التقشف وانعكاساته علينا، أعيدوا أبناءنا العالقين في دول العالم بسبب توقف حركة السفر.