انضم جمال زحالقة الى مهرجان الحرم، وصُور عندما زار المكان بعد بضعة ايام من العيد مليئة بالصدامات، الحجارة، المعتصمين، المصابين والمعتقلين، حيث هاجم بانفعال كبير اعضاء الحركات المختلفة التي تدخل الى الحرم: «اخرجوا من هنا، مجرمون، مجانين، فاشيون، اذهبوا من هنا فهذا بيتي».
ما شأن عضو الكنيست زحالقة (بلد)، التي هي حركة سمعت أعضاءها يقولون إنهم يعملون من اجل القيم الانسانية والديمقراطية والليبرالية، ما شأنه بزوبعة الحرم؟ كيف تستطيع موجة البيض النجاح في اخراج العلمانيين عن اطوارهم، ليخافظوا على قداسة الاماكن والحجارة ويعملوا من اجل قداسة الحياة؛ اولئك الذين اختاروا العلمانية والتقدم والليبرالية والاقتصاد والتحرر من الدين.
كيف يوحد المسجد الاقصى أبناء التيارات المختلفة ذات المواقف المختلفة التي لا تتفق على شيء؟ وكما كتبت عميره هاس «فإن أهميته الدينية في الاسلام توحد وتمنح الفلسطينيين القوة للمقاومة أكثر من أي منطقة اخرى مهددة (غزة مثلا). الجميع هنا – متدينون وعلمانيون، مسيحيون ومسلمون، «فتح» و»حماس» – موحدون».
زحالقة والفلسطينيون لا يعملون من فراغ. لقد انضم الى اوري اريئيل، الذي حرص دائما على الذهاب الى الحرم عشية رأس السنة، مجموعة من السياسيين، بعضهم علمانيون أو محافظون، ويعرفون القليل عن الموضوع. هؤلاء لا يهتمون بحظر الحاخامية من الذهاب الى الحرم، ولا المنع الذي فرضه حاخامون مهمون مثل عوفاديا يوسف، يوسف شالوم اليشيف، مردخاي الياهو، ابراهام شبيرا وغيرهم. والحاخام كوك ايضا الذي هو المعلم الروحي لحركة «غوش ايمونيم» الاستيطانية.
الحريديون لا يذهبون الى الحرم، لكن ارئيل شارون ذهب الى الحرم في ايلول 2000 وأشعل الانتفاضة الثانية. مغامرة الذهاب الى الحرم التي أخذت قداستها وعظمتها من قبل يمينيين متطرفين غير متدينين، مثل قائد ليحي يائير شتيرن والشاعر اوري تسفي غرينبرغ، انتقلت مثل العصا في أيدي المسيحانيين المتزايدين.
في اوساط الفلسطينيين ايضا المجتمع الديني يعتبر الحرم ليس فقط مسألة دينية خالصة. في نظر الفلسطينيين، الحرم اضافة لكونه مكانا ذا أهمية دينية، هو ايضا تعبير مصغر عن الاحتلال: أي تغيير – قيود وقوانين جديدة أو السماح بدخول اليهود اليه – هو خطوة اخرى للاقتلاع. وهو وسيلة للفت انتباه الملك عبد الله وجهات اخرى في العالم العربي للضائقة الفلسطينية. الحرم بمساحته الواسعة حول المساجد هو ايضا مكان نادر، حيث توجد فيه حرية ما، حكم ذاتي ما.
الحرم ليس مجرد برميل بارود ديني، كما يبدو للوهلة الاولى، لأنه كان يمكن ايجاد حل دولي معقول بوساطة المؤسسات الدينية. إنه أفظع كثيرا: إنه لبنة دينية مصنوعة من القومية وتقترن دائما بالقومية المتطرفة.
والى حد معين يمكن اعتبار الحرم مقدمة لفكرة الدولة ثنائية القومية على شواطئ البحر المتوسط، الفكرة التي أصبحت أكثر واقعية ومنطقية مع زوال فكرة الدولتين.
عن «هآرتس»