شهد العالم صباح يوم الأحد الموافق 21 يونيو 2020 في نهاية شهر شوال، وعند اقتران شهر ذي القعدة لعام 1441هـ، كسوفا حلقيا للشمس خلال ساعات وبالتحديد فى صباح اليوم، وهي ثالث ظاهرة من ظواهر الخسوف والكسوف خلال عام 2020م، وأول كسوف بهذا العام.
ويُمكن رؤيته ككسوف جزئي في (جنوب شرق أوربا – قارة أسيا ما عدا شمال وشرق روسيا – شمال أستراليا – قارة أفريقيا ما عدا الجزء الجنوبي والغربي منها – إندونيسيا– ميكرونيزيا– المحيط الباسفيكي – المحيط الهندي)، ويُرى حلقياً فى مناطق مختلفة فى كلٍ من (الكونغو– جمهورية أفريقيا الوسطى – إثيوبيا – باكستان– الهند – الصين – جنوب السودان – أريتريا – اليمن – عُمان)، وعند ذروة الكسوف الحلقى يغطى قرص القمر حوالى 99% من كامل قرص الشمس، وهذا وسوف يستغرق الكسوف منذ بدايته وحتى نهايته مدة قدرها خمس ساعات وثمان وأربعين دقيقة تقريباً.
وكشف رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية جاد القاضي، أن هذا الكسوف يرى ككسوف جزئي فى مصر والمنطقة العربية، وسوف يُرى فى مصر لمدة ساعتين تقريباً، حيث تبدأ رؤيته فى الساعة السادسة والدقيقة 24 صباحاً بتوقيت القاهرة، وتكون ذروته فى الساعة السابعة والدقيقة 20 بالتوقيت المحلى وعندها يغطي قرص القمر حوالى 46 % من كامل قرص الشمس، وينتهي الكسوف الجزئي في القاهرة في الساعة الثامنة والدقيقة 24.
وأشار إلى أن الكسوف الحلقي هو نوع من أنواع الكسوف الشمسي يحدث عادة حينما يكون القمر، أثناء دورته الشهرية حول الأرض، في طور المحاق فى نهاية الشهر القمرى، وقبل ولادة الهلال الجديد مباشرة، حيث يقع القمر بين الأرض والشمس، على خط الاقتران، وهو الخط الواصل بين مركزى الأرض والشمس أو قريبا منه، وفى تواجده على إحدى العقدتين الصاعدة أو الهابطة، أو قريبا منهما.
وتابع: "وفى هذه الحالات تتغير المسافة بين القمر والأرض ما بين 405 آلاف كم و363 ألف كم، ونتيجة هذا التغير فى البعد يتغير حجم القمر ظاهرياً بالنسبة لنا"، مضيفا: "فحين يكون قريباً يكون حجمه كبيراً فيغطي كامل قرص الشمس فيحدث الكسوف الكلي، وحين يكون بعيداً ويصادف وجوده بين الأرض والشمس يصغر حجمه فيكون أصغر من قرص الشمس، لذلك لا يغطيه كاملاً بل يكون لحظة ذروة الكسوف ضوء الشمس يحيط بظل القمر فتظهر لنا حلقة من نور الشمس فيسمى كسوف حلقي".
وأكد معهد الفلك على أن ظاهرة الكسوف الشمسى تفيد فى التأكد من بدايات الأشهر الهجرية (القمرية)، إذ يحدث الكسوف الشمسي في وضع الاقتران أو الاجتماع أي أن حدوث الكسوف الشمسى يشير بقرب ولادة الهلال الجديد ويعتبر مركز الكسوف هو موعد ميلاد القمر الجديد.
وكشف القاضى أنه سوف يقوم فريق بحثي من المعهد برصد الظاهرة وتسجيلها باستخدام التليسكوب الشمسى بمقر المعهد بحلوان وعرضها للجمهور. كما سيتم توفير عدد من النظارات الخاصة للهواة لاستخدامها فى متابعة الكسوف في مقر المعهد بحلوان، بينما سيتم نقل الحدث على الهواء مباشرة من خلال صفحه المعهد على الشبكة العنكبوتية.
وكشف رئيس المعهد أن القرن الواحد والعشرين (بين عامي 2001-2100) سيشهد 224 كسوفًا شمسيًا منهم 77 كسوفًاً جزئيًا و72 كسوفاً حلقياً و68 كسوفًاً كاملًاً و7 كسوفات مختلطة، وسيتم حدوث الكسوف الحلقي التالي فى 10 يونيو 2021م.
والمعهد حذر المواطنين من النظر إلى الشمس مباشرةً خلال فترة الكسوف إلا من خلال نظارات خاصة، متمنيين لهم الاستمتاع بتلك الظاهرة الفلكية.
وفى نفس السياق، كشف رئيس قسم الفلك السابق بالمعهد القومي للبحوث الفلكية أشرف تادرس، أننا سنكون على موعد يوم 21 يونيو، مع كسوف الشمس الحلقي ومولد القمر الجديد.
ولا يحدث كسوف الشمس أبدا إلا إذا كان القمر محاقا، كما لا يحدث أى كسوف للشمس إلا بعد مرور أسبوعين كاملين من اكتمال بدر القمر.. وعليه سيحدث كسوف حلقى للشمس في هذا التاريخ، عندما يكون القمر فى مداره بعيدا عن الأرض فيغطي قرص الشمس ولكن ليس تماما فينتج عن ذلك حلقة من الضوء حول القمر المظلم.
وأشار إلى أن مسار الكسوف الحلقى للشمس يبدأ في وسط أفريقيا ويعبر المملكة العربية السعودية وشمال الهند وجنوب الصين وينتهي في المحيط الهادئ.
وتابع: "ويظهر هذا الكسوف ككسوفا جزئيا فى معظم أنحاء شرق أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وبعد انتهاء ذروة هذا الكسوف يولد هلال القمر الجديد (هلال شهر ذو القعدة)".
ويبدأ مراحل الكسوف الجزئى فى القاهرة فى تمام 6:25 صباحا وتكون ذروته فى 7:20 ونهايتة فى 8:20 صباحا تقريبا، علما بأن الأيام الأولى لمولد القمر تُعتبر أفضل الأوقات فى الشهر لمراقبة ورصد الأجرام السماوية الخافتة مثل المجرات والحشود النجمية لغياب القمر ليلا.
وفى نفس السياق كشفت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أن النصف الشرقي من الكرة الأرضية سيشهد صبيحة اليوم الأحد 29 شوال 1441 الموافق (21 يونيو 2020) أول كسوف للشمس هذا العام يرصد حلقياً فى شريط ضيق أقصى جنوب وجنوب شرق السعودية واليمن وسلطنة عُمان فى حين يشاهد جزئياً بنسب متفاوتة فى مساحات واسعة من الوطن العربي.
وأوضحت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أن مسار الكسوف الحلقى سيبدأ فى موقع بالقرب من مدينة (ايمبغوندا) شمال شرق جمهورية الكونغو عند الساعة (04:47 ص بتوقيت جرينتش) ومن هناك سيتجه الكسوف الحلقي شرقاً ليعبر جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان واثيوبيا واريتريا قبل عبور البحر الأحمر إلى جنوب شبة الجزيرة العربية، ثم سيغادر إلى خليج عُمان متجهاً نحو جنوب باكستان وشمال الهند وبعد ذلك إلى الصين قبل أن يصل تايوان، ومن ثم سيغادر نحو بحر الفلبين على أن ينتهي الكسوف الحلقى عند الساعة (08:47 ص بتوقيت جرينتش) مع غروب الشمس فوق المحيط الهادى بعد رحلة ستستمر 3 ساعات و45 دقيقة.
وأفاد التقرير بأن من أفضل الأماكن لرصد هذا الكسوف الحلقى سلطنة عُمان كخيار مثالى بالنسبة لأحوال الطقس وجمال البلاد والخيار الأخر هضبة التبت جنوب الصين بسبب ارتفاعها ودرجات الحرارة المناسبة فى حال كانت السماء صافية وخالية من الغيوم.
وسيرصد الكسوف جزئياً فى العواصم العربية بنسب متفاوتة، ففي أبوظبي (87.3%)، القاهرة (34.3%)، المنامة (75.0%)، الكويت (61.3%)، مسقط (97.6%)، القدس (35.6 %)، عمّان (36.1%)، صنعاء (97.2%)، بغداد (44.5%)، دمشق (33.1%)، بيروت ( 31.2 % )، الدوحة (79.8%)، طرابلس (09.6%)، الخرطوم (75.7%)، تونس (03.1%)، الجزائر (00.4%)، مقديشو (54.2%)، جيبوتي ( 89.3%)، موروني ( 17.9 %) .، إلا أن الكسوف لن يكون مشاهداً فى الرباط ونواكشوط نظرا لوقوعهما خارج نطاق منطقة الكسوف الجزئي.
وأثناء الكسوف سيصل القمر لحظة الاقتران عند الساعة (9:41 ص) منتقلا من غرب الشمس إلى شرقها، منهياً بذلك دورة اقترانية حول الأرض ومبتدأ دورة اقترانية جديدة.
بشكل عام هذا الكسوف الحلقى سيكون عميقاً، حيث سيغطى القمر قرص الشمس بنسبة (99%) ما يعنى بان الحلقة ستكون نحيلة جداً ما سيجعل هذا الكسوف استثنائى، حيث ستتاح الفرصة لرؤية ظاهرة تسمى تأثير (خرزات بيلي) والتى عادة ترصد فى الكسوف الكلي، وهى تحدث بسبب ضوء الشمس المندفع بين الجبال والأودية والتضاريس المختلفة على سطح القمر وهذا سيشكل ما يشبه الخرزات تتلألأ حول حافة القمر، ما سيصنع منظراً دراماتيكياً للراصدين على طول المسار الضيق للكسوف الحلقي.
وأضاف التقرير: "من المفارقات أن الكسوف عند بداية مساره سيستمر فى شكلة الحلقى لمدة دقيقة و22 ثانية ولكن فى منتصف الطريق عند ذروته العظمى على حدود بين الهند ونيبال والصين ستنخفض إلى 38 ثانية فى حين عند نهاية ذلك المسار سترتفع المدة إلى دقيقة و17 ثانية، وتفسير ذلك انه عندما يكون القمر قريباً من الأفق يكون بعيداً عن موقع الراصد على سطح الأرض مقارنة عندما يكون مرتفعاً فى السماء، إضافة أن القمر قريب نسبياً من الأرض فى حين أن الشمس بعيده جداً، لذلك يتغير الحجم الظاهري للقمر بشكل ملحوظ خلال اليوم بينما لا يتغير الحجم الظاهري للشمس".
وخلال هذا الكسوف سيكون القطر الظاهري للشمس أصغر بنسبة (1.6%) من المتوسط فى حين أن القطر الظاهرى للقمر سيكون (1.8%) أصغر من المتوسط لذلك لن يكون قادرا على تغطية كامل قرص الشمس، لذلك سيتمكن الراصدون فى المناطق الواقعة فى مسار الكسوف الحلقى من رؤية وقوع القمر مباشرة أمام الشمس ولكن لن يغطيها بالكامل لأن القمر سيكون بعيداً عن الأرض وحجمه الظاهري لن يكون كبيرا كفاية لذلك ستبقى حلقة مضيئة حول القمر تسمى "حلقة الضوء".
ويرجع السبب فى ذلك الى أن القمر يتحرك فى مدار بيضاوي وليس دائرياً تماماً، لذلك فهو يتحرك أحيانا بعيداً عن الأرض وقريب فى أحياناً أخرى، وفى يوم الكسوف سيكون القمر قد اجتاز سبعة أيام من وقوعه فى نقطة الحضيض وقبل سبعة أيام من نقطة الأوج، لذلك سيكون القطر الظاهري لقرص القمر أصغر من المتوسط ولهذا لن يكون القمر قادر على تغطية كامل قرص الشمس ويحدث الكسوف الحلقي.
إن رصد كسوف الشمس يحتاج لتجهيزات خاصة من أجل سلامة العين، مثل استخدام نظارات الكسوف التى تمنع أكثر من 99.99% من ضوء الشمس والأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء أو الفلاتر (المرشحات) الخاصة بالشمس للتلسكوبات والمناظير والكاميرات والتي تظهر الشمس كقرص برتقالي أو أبيض في قبة السماء.
علمياً سيستغل الكسوف الحلقى للقيام بأرصاد حول الظروف الجوية والسطحية قبل وبعد الكسوف، حيث تساعد هذه البيانات على حساب افضل لكمية الطاقة التى تضرب الجزء العلوى من الغلاف الجوي وكمية ما ينعكس مرة أخرى إلى الفضاء ومقدار الطاقة الحرارية الأرضية التى ترسل إلى الفضاء، إضافة لدراسة تأثير الكسوف الحلقي على طبقة الأيونوسفير أعلى الغلاف الجوى للأرض وبالتالى سلوك انتشار الموجات اللاسلكية، حيث يتم جمع بيانات تأثير دوبلر بواسطة هواة اللاسلكي فى ذلك اليوم من عدة بلدان بواسطة أجهزة استقبال (إتش إف) وتحليل تلك البيانات بعد ذلك.