مكلمة الشيخ – الرجوب...من الأصدق!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 في ظاهرة ملفتة تماما، كشفت عن "فوضى سياسية" نادرة، أعلن أمين سر حركة فتح  جبريل الرجوب في مؤتمر صحفي، نقلته رسميا مواقع إعلام السلطة، بأنه لو حدث الضم، فلن يموتوا وحدهم، في إشارة الى إمكانية القيام بأعمال عسكرية ضد جيش الاحتلال ودولته، مع تفضيله المقاومة الشعبية مرحليا، لكنهم مستعدين للانتقال الى مرحلة أخرى.

ساعات قصيرة جدا، أعلن حسين الشيخ مسؤول الارتباط المدني مع إسرائيل، كلاما نقيضا بل ونفيا لأقوال الرجوب، بأن "العنف" ليس خيارهم للمواجهة في حال الضم، وكان ملفتا أن التصريح لقناة عبرية رسمية، ولم يتم نشره في وسائل إعلام السلطة.

بالتأكيد، غالبية السياسيين وقادة دولة الاحتلال وأجهزة أمنها، لم تتعامل بأي شكل من الجدية مع تصريح الرجوب، خاصة وهو يتحدث بأريحية كاملة، بعيدا عن أي مظهر من مظاهر الاستعداد الشعبي لتك الأقوال، ولعل جيش الاحتلال استخف جدا بتلك الأقوال، عندما أكد أن ما يثر قلقه تدهور الوضع الاقتصادي، وليس تصريحات كلامية.

الرجوب أطلق التصريحات ليدشن "مسؤوليته" التي كلف بها عن "ملف المواجهة"، ما اثار "سخرية شعبية"، فالمواجهة ليس ملفا يكلف به شخصا، بل هو فعل جماعي وطني له مقومات كلها تقريبا غائبة عن المشهد، حيث القضية المركزية لو كان هناك حقا نية المواجهة، تشكيل "الجبهة الوطنية الموحدة"، وانتقل الأمر من مسار الحياة الطبيعة لمن يسمون "قيادة" الى واقع مختلف تماما.

ولذا كان تصريح الشيخ، الرسالة السياسية التي أراد الرئيس محمود عباس أن تصل الى إسرائيل وسلطات احتلالها، ولم يكن صدفة اللجوء الى اللغة العبرية كي تكون مفهومة تماما، وقاطعة، ان "اقوال" الرجوب لا تمثل الموقف الرسمي الفلسطيني، رغم منحها "طابعا شبه رسمي" لنقلها عبر الإعلام الرسمي.

التهديد ونفي التهديد، رسالتان، واحدة لممارسة خداع الشعب الفلسطيني بأن المواجهة الشعبية بل والعسكرية خيار قائم لو أقدمت إسرائيل على خطوة الضم، فيما الرسالة الرسمية لدولة الكيان، ان تلك الرسالة ليست سوى "كلام في كلام" لغايات شعبوية لا أكثر.

الإشكالية، ان الخسارة التي تتركها مثل هذه "المناورات" قصيرة النظر، تفوق بضررها كثيرا من اعتقد بصوابها، فدولة الاحتلال تعلم يقينا تفاصيل الموقف الرسمي، ولا تحتاج أبدا الى "بالونات اختبار" فارغة، فيما أهل فلسطين يعيشون الواقع ولا يحتاجون لمن يخدعهم كلاما من أناس لا صلة لهم بأي من تلك الأقوال، ولعل تجربة المواجهة الكبرى 2000- 2004 وحصار الخالد واغتياله لا تزال حية بأحداثها امام الشعب، فمن وقف متفرجا أو في فخندق غير المواجهة، لا يمكنه ابدا ان يخدع الناس كثيرا.

الرسالة السياسية الدقيقة، تلك التي أعلنها الشيخ، أحد عناصر الحلقة المغلقة للرئيس محمود عباس ويصفونه بأن "رجل حكومة الديوان الأول"، لذا ما قاله هو الحقيقة السياسية للمرحلة المقبلة، فلا مواجهة شعبية عامة، ولا مواجهة مسلحة خاص، وكل ما يمكنه أن يكون ردا ليس سوى مهرجانات مخطط لها بامتياز، غالبها حزبي خارج أي تفاعل شعبي لا منظم ولا عفوي.

استبدال المهرجانات بديلا للمواجهة الشعبية هو خيار "الرسمية الفلسطينية" العملي، الذي يمكنه أن يكون "سلاحا" للرد لا أكثر، وكل ما يقال خارج تلك المسألة ليس سوى "كلام في كلام" استمرارا لـ مكلمة التهريج".

ملاحظة: تقدم حزب الشعب الفلسطيني برؤية شاملة لمواجهة المرحلة المقبلة، مركزيتها تشكيل "جبهة مقاومة شعبية موحدة"..رؤية يجب أن تكون أولوية نقاش وطني بديلا عن تصريحات بهلوانية، لو كان هناك جد الجد!

تنويه خاص: تعيينات "المحسوبية السياسية" في وزارة صحة رام الله اثارت غضبا شعبيا، يكشف "مكذبة المواجهة"...والباقي جاي!