أصدرت دار الإفتاء الفلسطينية، اليوم الخميس، فتوى حول حكم ارتداء الكمامة والقفازات في الصلاة والتباعد بين مصلي الجماعة، في ظل أزمة وباء كورونا.
وقال المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، وخطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين، في فتوى صدرت عنه: "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛ فلا مانع من الصلاة بالكمامة، وهو ما يعرف شرعًا بالتلثم أو اللثام؛ حيث يتم ستر الفم والأنف في الصلاة، والكمامة التي يضعها الناس وقاية من انتشار الوباء، أو انتقال العدوى، فيجوز لبسها، وما يظنه البعض من كراهة الصلاة مع ستر الفم والأنف فذلك لعدم الحاجة أو عدم وجود سبب معتبر لذلك، قال النووي: " إنها -الصلاة باللثام- كراهة تنزيهية لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يغطي الرجل فاه في الصلاة، (سنن أبي داوود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في السدل في الصلاة، وحسنه الألباني)، فهي لا تمنع صحة الصلاة، والكراهة تندفع بالحاجة، فمتى وجدت الحاجة الداعية لستر الفم أو الأنف فلا كراهة" [المجموع: 3/179]، وقال ابن عبد البر: "أجمع الفقهاء على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام؛ ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلى بالجبهة والأنف ويغطى الفم، وقد نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، الرجل عنه، فإن كان لحاجة كحضور أجانب فلا كراه".
الاستذكار: 2/307، كشاف القناع: 1/318-319، الموسوعة الفقهية: 1/124]،
وكذلك الرجل تزول الكراهة في حقه إذا احتاج إلى ذلك خوفاً من انتشار الوباء
أو انتقال العدوى، ولا شك أن الكمامة يحتاج إليها الآن.
أما القفازات؛ فلا بأس بالصلاة بها؛ لأنه لا يشترط أن تباشر اليد الأرض حال
السجود، قال ابن قدامة: "ولا تجب مباشرة المصلي بشيء من هذه الأعضاء، قال القاضي: إذا سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله، فالصلاة صحيحة رواية واحدة، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، إلا أن هناك قولا عند الشافعية أن كشف الكفين واجب، ولكنه ضعيف عندهم، والصحيح خلافه" [المغني: 1/371]، وقال النووي: "وفي وجوب كشف اليدين قولان (الصحيح) أنه لا يجب، وهو المنصوص في عامة كتب الشافعية" [المجموع: 3/429]، وعليه فكشف الكفين ليس بواجب حال السجود عند عامة الفقهاء.
أما بخصوص التباعد في الصلاة، فقد حث الإسلام على تسوية الصفوف والتراص فيها، وعدم ترك فرجة بين المصلين، وكل ذلك من باب الاستحباب، وليس الوجوب عند عامة المذاهب، جاء في طرح التثريب: (أقيموا الصف في الصلاة) هذا الأمر للاستحباب، بدليل قوله في تعليله: "فإن إقامة الصف من حسن الصلاة" [طرح التثريب، في شرح التقريب للعراقي: 2/325]، قال ابن بطال: "هذا يدل على أن إقامة الصفوف سنة؛ لأنه لو كان فرضا لم يجعله من حسن الصلاة؛ لأن حسن الشيء زيادة على تمامه" [شرح صحيح البخاري لابن البطال: 2/345-346].
واختتم الشيخ محمد حسين فتواه؛ قائلًأ: "وعليه؛ فترك هذا الأمر المستحب وقاية من الأوبئة، لا إشكال فيه للحاجة، وشبيه بهذا مسألة الصلاة بين السواري للحاجة، فالصلاة بين السواري مكروهة؛ لكونها تقطع اتصال الصفوف، ومع ذلك فقد نص العلماء على أن الكراهة تزول للحاجة [كشاف القناع: 1/494] كعدم اتساع المسجد، واكتظاظه، والله تعالى أعلم".