رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما التعهد لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بإنشاء دولة فلسطينية.
ونشر هذا النبأ موقع "بوليتيكو" الأميركي بعد يوم واحد من خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أكد فيه أن الفلسطينيين سيستأنفون جهودهم الدولية لنيل الاعتراف بهم كدولة، خلافا للموقف الإسرائيلي. ومعروف أن هناك مشروع قرار فرنسي ينطلق من هذه الروحية تم تأجيل بحثه في مجلس الأمن، لاعتبارات تتعلق بضرورات تمرير الاتفاق النووي مع إيران.
وحسب ما نشر الموقع الأميركي، فإن السيناتور هاري ريد، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، حاول في مناسبتين مختلفتين إقناع أوباما بالتعهد بشكل علني بأن تستخدم إدارته "الفيتو" ضد أي مشروع قرار دولي يقضي بإقامة دولة فلسطينية، خارج نطاق المفاوضات مع إسرائيل. ورغم أن ريد نفسه يؤيد إنشاء دولة فلسطينية وإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية، إلا أنه يؤمن بوجوب فعل ذلك حصراً في نطاق مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية. وهو يرفض أن "تفرض على إسرائيل قرارات دولية" لا تريدها. وسعى ريد لإقناع أوباما باتخاذ موقف مشابه.
وأوضح الموقع الأميركي أنه رغم العلاقات الحميمة بين ريد وأوباما، رفض الرئيس الأميركي طلب زعيم الأقلية الديموقراطية، لأن الإدارة الأميركية ترفض عملياً إعطاء أي التزام صريح باستخدام "الفيتو" في الشأن الفلسطيني.كما أن إدارة أوباما ترفض، من جهة أخرى، الإعلان عن أنها ستصوت مع أو سوف تمتنع عن التصويت في تصويت كهذا. وقد حاول ريد إقناع رئيس طاقم البيت الأبيض بأنه إذا أعلن أوباما موقفاً من هذا النوع، فإن هذا سيخدم الديموقراطيين في حشد أصوات لمصلحتهم لدعم الاتفاق النووي مع إيران. ولكن في نهاية المطاف، نجح أوباما في الحصول على الأصوات التي يحتاجها لتمرير الاتفاق النووي، حتى من دون الاضطرار لإعلان الموقف الذي طالبه ريد باتخاذه.
ومعروف أن المرة الأخيرة التي حاول فيها الفلسطينيون حث مجلس الأمن على اتخاذ قرار كهذا كانت في كانون الأول العام 2014، وحينها رأت دول عديدة أن مشروع القرار كان مصاغاً بطريقة متشددة، ما أفقدها القدرة على نيل الأصوات المطلوبة، خصوصاً أن الأميركيين عملوا بجد لدفع دول أفريقية وأميركية جنوبية لرفض مشروع القرار. وهكذا لم تضطر أميركا لاتخاذ قرار باستخدام أو عدم استخدام حق النقض (الفيتو). وكان الفلسطينيون قد أفلحوا في العام 2011 في تمرير قرار بغالبية ساحقة في مجلس الأمن ضد المستوطنات، وحينها أمر أوباما باستخدام "الفيتو" وأفشل القرار، وحينها أعلن نتنياهو أن قرار أوباما هو "فعل مشرف".
لكن العلاقات بين أوباما ونتنياهو، وفق ما أشار موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، ليست كما كانت في الماضي، بعد محاولة رئيس الحكومة الإسرائيلي عرقلة مسعى الرئيس الأميركي لتمرير الاتفاق النووي. وجاء خطاب نتنياهو في الكونغرس بالاتفاق مع الجمهوريين المعارضين لأوباما وتراجعه عن مبدأ حل الدولتين ليدفع البيت الأبيض إلى إصدار تصريحات مفادها أنه سيعيد النظر في دفاع أميركا التلقائي عن إسرائيل في الأمم المتحدة، وحينها قال متحدث باسم البيت الأبيض: "إننا لم نقرر بعد أي تغيير في السياسة، لكن تصريحات نتنياهو تلزمنا بإعادة النظر في إستراتيجيتنا؛ فنتنياهو ليس فقط تخلى عن الموقف السياسي للرئيس أوباما، وإنما تنصل أيضا من تعهدات قدمها لرؤساء ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء في الماضي".
في كل حال، يبدو أن خطاب عباس في الأمم المتحدة الذي لوح فيه بالتنصل من اتفاقيات أوسلو دفع وزراء خارجية "الرباعية الدولية" والدول العربية لعقد اجتماع عاجل بقصد بلورة سبل التحرك. ومن المقرر أن يصل وفد من "الرباعية" إلى المنطقة خلال عشرة أيام. وأمس اجتمع نتنياهو مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني، قبيل خطابه المقرر أمام الجمعية العمومية، واحتج على خطاب أبو مازن، وكذا على قرار الاتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية. كما بحث نتنياهو مع موغيريني نتائج اجتماع "الرباعية الدولية" بشأن المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال إنه مستعد لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وإن أبا مازن هو من يرفض ذلك لأن "وجهته ليست تحقيق السلام".