«تنبؤات» مصرفية مخيفة

حجم الخط

حافظ البرغوثي يكتب

جرت العادة أن يعلن المنجمون بين حين وآخر عن تنبؤاتهم في مطلع كل سنة، وأغلبها تنبؤات تشاؤمية، لكن أن ينشر مصرف تنبؤات كارثية ليس على الصعيد المالي والاقتصادي فقط، فالأمر يدعو إلى الاستغراب. فقد أعلن «دويتشه بنك» الألماني تنبؤات مالية واقتصادية بالنسبة لانهيار الدولار والركود العالمي، لكنه لم يكتفِ بذلك، إذ أعلن وفقاً لتقديرات محللين كلفهم بالأمر عن كوارث محتملة خلال عقدين تقلب العالم رأساً على عقب. وتوقع احتمال حدوث أزمة عالمية مرتبطة بالحرب أو الوباء أو الكوارث الطبيعية بنسبة 33.5٪ على مدى السنوات العشر المقبلة.

وقام المختصون، بقيادة الخبير الاستراتيجي للمصرف المركزي الألماني، جيم ريد، بتحليل أربعة مخاطر شديدة، ومنحها نفس احتمالية حدوثها في غضون عام واحد، حيث نال وباء الإنفلونزا، الذي يمكن أن يؤدي إلى وفاة أكثر من مليوني شخص نسبة 2 ٪، وأقوى ثوران بركاني حصل على 0.15٪، فيما قدرت احتمالية هبوب عاصفة مغناطيسية جغرافية بسبب عاصفة شمسية مماثلة للعاصفة الشمسية الفائقة لعام 1859، بنسبة 1.06 ٪، أما الحرب العالمية، فنالت نسبة 0.625٪

وتعد الأحداث التي ينظر فيها «دويتشه بنك»، مستقلة، أي أن احتمالاتها قابلة للإضافة. واحتمال أن يحدث أحدها في العقد القادم على الأقل هو 33.5٪. ووفقاً للقائمين على التقرير، يرتفع على مدى السنوات العشرين المقبلة احتمال مثل هذه النتيجة إلى 55.7 ٪.

وأوضح أنه لتقييم احتمالية اندلاع حرب عالمية، أخذ محللو المصرف المركزي الألماني تقديراً محافظاً ملزماً بنسبة 0.625 ٪، أو 1 إلى 160 سنوياً.

ويرى «دويتشه بنك» أن هذا التقدير المنخفض بالنسبة لما يوحي به تاريخ القرون الأخيرة يرتبط ببيئة عالمية أكثر ترابطاً وتعاوناً اليوم، وبالتأثير الرادع للأسلحة النووية.

ويقول الخبراء أيضاً: إن الصدمات العالمية نادراً ما تحدث بمعزل عن بعضها البعض، وهي غالباً ما تتفاعل أو تسبب آثاراً ثانوية في ميادين أخرى على سبيل المثال، إذا ضرب توهج شمسي مثل ذلك الذي تم الإبلاغ عنه قبل 150 عاماً، فقد يؤدي إلى ضرب الشبكات الكهربائية واتصالات الأقمار الصناعية والإنترنت، على الرغم من أن هذا يعارضه العديد من العلماء.

والعاصفة الشمسية التي حدثت في عام 1859 كانت الأقوى على الإطلاق، وجعلت الشفق يحترق حتى جنوب كوبا، وجعلت خطوط التلغراف عبر أمريكا الشمالية غير صالحة للعمل. وعلى الرغم من أن التوهجات الشمسية لا تشكل تهديداً مباشراً للبشر، فإن الغلاف الجوي للأرض يحمينا من إشعاع الطقس الفضائي، بحسب وكالة «ناسا».

وقد يحصل انقطاع كبير في الطاقة بسبب تعطل شبكات الطاقة الكهربائية، وهو الأمر الذي ستكون له آثار ضارة في الاقتصاد، حيث لن يتم تشغيل البنية التحتية الحيوية بشكل صحيح.

وحذر من انعكاسات ذلك على القطاع الطبي، إذ يمكن أن تضيع الأرواح إذا أثرت في المستشفيات والرعاية الطبية.

وإذا تعطلت الاتصالات، ستكون العديد من أنظمة الدفع معطلة، وستواجه الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي خللاً واسع النطاق، على حساب جميع الأفراد والصناعات التي تعتمد على خدمات تحديد الموقع الدقيقة، وليس أقلها الطائرات.

وأشار إلى أنه «في عام 1991، كان انفجار جبل بيناتوبو في الفلبين كبيراً جداً، لدرجة أنه أدى في الواقع إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية خلال العامين التاليين».

وتابع: «لذا فإن السؤال المهم هو ماذا سيحدث إذا حدث انفجار أكبر وأكثر كارثية، وما مدى احتمال حدوث ذلك؟».

وقد حاز تقرير البنك الألماني المخيف على نسبة قراءة عالية دولياً من بسطاء ومن خبراء، لأن الجو الدولي العام بعد جائحة كورونا، أصبح فيه الإنسان مهيئاً نفسياً لتقبل تنبؤات الغيب في غياب التفسير العلمي الدقيق للجائحة، والتخبط في مواجهتها.

كما تنبأ علماء الزلازل حالياً بزلزال مدمر في منطقة شرق المتوسط نظراً لحدوث عشرات الهزات على امتداد الأخدود الإفريقي الذي يبدأ من إفريقيا حتى تركيا.

كل التوقعات المتشائمة واردة، ويمكن تصديقها وترويجها لسبب بسيط، وهو أن العالم فشل في التعامل مع جائحة كورونا، كما عجزت بعض الحكومات عن قول الحقيقية في الأوضاع الحالية.