في طريقه الى الانهيار، نتنياهو نزل عن السكة

حجم الخط

هآرتس – بقلم  حيمي شليف 

 

​بنيامين نتنياهو نشر في هذا الاسبوع ربع “اعتذار” عن “توقيت” طلبه الفضائحي باعفائه من الضرائب على استثمارات الدولة في منزله الخاص في قيصاريا. عن طريقة تقديم اعتذاراته يدور الحديث عن مبرر يظهره كضحية يجب علينا الاعتذار منها.

​نتنياهو أراد تهدئة العاصفة العامة التي ثارت في اعقاب المصادقة المتسرعة التي اعطتها اللجنة المالية على طلبه، والدفاع المثير للشفقة لمساعده ميكي زوهر عن رئيس الحكومة. وفي ظل عدم الوعي والغموض خاصة على خلفية الازمة الاقتصادية الحالية، نجحت حتى في اثارة اشمئزاز مؤيدين واضحين لنتنياهو. بمبادرته الشخصية طرح نتنياهو نفسه على الجمهور كشخص بخيل وجشع يريد أن يثرى من الخزينة العامة بالضبط مثل اصدقائه اصحاب المليارات. يدور الحديث عن اطلاق نار ذاتي على الساق الذي يثير بالضرورة الاستغراب: ما الذي فكر فيه؟ ماذا حدث لهذا الحاخام السياسي الذي لا مثيل له في استشعار الرأي العام واثارة غضبه.

​استغراب مشابه يظهر ازاء سلوك نتنياهو وجنديه امير اوحانا في قضية اعتقال امير هسكل. وسواء  كانت سلسلة الاحداث قد بدأت بتعليمات من الاعلى أو بمبادرة محلية من الشرطة، فان نتنياهو واوحانا نجحا في حرج طفيف بالنسبة لمشكلة كبيرة. في روايته المشكوك فيها بعد الحدث وبتوجهه للشرطة كي تتشدد مع هسكل واصدقائه المعتقلين، والتي تم رفضها وادانتها من قبل محكمة الصلح في القدس، فان اوحانا حقن بالادرينالين المظاهرة التي لم تحظ باهتمام كبير وحول الجنرال الطيار هسكل الى بطل ساعده الاحتجاج بشكل كبير. وردا على الانتقادات الضعيفة لبني غانتس في جلسة الحكومة في اليوم التالي، فان نتنياهو مرة اخرى قلب الحقائق وطرح نفسه ومعسكره كضحية لتطبيق انتقائي للقانون. حتى أنه أخذ تعبير “مثيري الشغب” من قاموس حليفه دونالد ترامب في وصفه للمظاهرات ضد العنصرية في امريكا، والصقه بمجموعة المتظاهرين التي توجد خارج منزله، التي الكثير من اعضائها هم جزء من المشهد الطبيعي في وطنه. ربما سيتبنى قريبا ايضا مقولة ترامب “يجب اطلاق النار على المشاغبين”.

​إن الشك في أن نتنياهو يسير في اعقاب سيده الامريكي يتعزز بسبب السلبية الغريبة التي يظهرها ازاء عودة وباء الكورونا. نتنياهو احتل الاستطلاعات بفضل مقاربته الهجومية ونجاحه في وقف الموجة الاولى من المرض، التي رافقها ظهوره الليلي والدراماتيكي في التلفاز. فجأة أظهر التواضع، واختبأ وراء الأدوات ربما لأنه تبين أنه مثل ترامب لم يستعد للموجة الثانية وهو يشاهد انتشارها بعجز.

​ولكن كل الاعراض المتراكمة تعتبر لاغية تماما ازاء الخداع الاكبر وهو الضم. الحديث يدور عن نزوة شخصية لنتنياهو، عملية عديمة الجدوى تكلفتها المؤكدة تزيد بعشرات الاضعاف عن فائدتها المحتملة، التي لا يعرف أي أحد متى وبأي حجم ستنفذ. وبالاساس، لماذا هي ضرورية الآن، في الوقت الذي فيه اسرائيل تحاول النجاة من ازمة صحية، اجتماعية – اقتصادية غير مسبوقة.

​خلافا لترامب فان نتنياهو ما زال على الحصان متشجع من استطلاعات الرأي المشجعة ومن الفطائر التي صنعها من خصمه غانتس. ولكن يبدو أنه بدأ السير في اعقابه نحو الانهيار. الضم هو عملية خطيرة بالنسبة لاسرائيل ومقامرة مختلة لنتنياهو نفسه الذي يلعب بنار مشكوك اذا كان يعرف كيف يطفئها. يبدو أنه قد نسي تحذير إله النار اميثيوس الذي في صياغة حديثة يقول إنه في الطريق الى الانهيار فان سادة الأمة ينزلون في البداية عن السكة.