اوروبا والضم ، من شبه جزيرة القرم وحتى يهودا والسامرة

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين

تتردد دول الاتحاد الاوروبي في موقفها من ضم اراض في الضفة الغربية، من ناحيتها من شأن حتى ضم صغير أيضا أن يؤدي الى ضم كبير، والحالتان – في نظرها​ – كالدنس في نظر من يحرص على الحلال: فلا إذنا باكل لحم الخنزير حتى ولا قضمة.

​الفيل الذي في الغرفة هو العقوبات التي فرضت على روسيا في اعقاب ضم شبه جزيرة القرم. كل دول الاتحاد تواصل فيها، وفي محادثات الزعماء يطرح السؤال كيف سيكون ممكنا تبرير عدم فرض عقوبات مشابهة على اسرائيل في حالة الضم. الضرر الذي الحقته العقوبات بالاقتصاد الروسي لا بأس به، ولكن هذا عقاب مؤلم حتى لمن يفرضه، وعليه ثمة دول تطرح امكانية عدم معاقبة اسرائيل على الضم، من اجل ازالة العقوبات عن روسيا. اما الدول المعنية بمواصلة نظام العقوبات، وهي الغالبية الساحقة، فتعارض ذلك بشدة. ولكن لما كانت معظمها تفضل عدم فرض عقوبات على اسرائيل، الا في حالة متطرفة، فان الاعتراف بدولة فلسطينية يتبلور لديها كـ “عقاب” مناسب.

​أما الزعماء الذين يتحدثون مع نتنياهو في محاولة لحمله على الامتناع عن خطوة الضم واقناعه بالشروع في مفاوضات، وليس بالذات على اساس خطة ترامب، فيسمعون منه قولا لا لبس فيه في أن الاساس الوحيد للمحادثات في المستقبل يمكن ان يكون “خطة القرن”.

​من اصل 27 دولة في الاتحاد الاوروبي، اعترفت تسع دول بالدولة الفلسطينية منذ أعلنت م.ت.ف عنها في 1988. بعضها فعلت ذلك عندما كانت تنتمي الى الكتلة السوفياتية، واليوم تعتبر الجهات الاكثر تأييدا لاسرائيل في الاتحاد، ولكنها لم تسحب اعترافها اياه في اي مرحلة.

​على فرض أنه لن يتخذ قرار متفق عليه في الاتحاد بالنسبة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فالتقدير هو انه حتى لو ضمت اسرائيل جزءاً من الضفة فان بعضا من الدول ستفكر بعمل ذلك بشكل منفصل مثلما حصل حتى الان. اذا كانت هذه هي الصورة بالفعل، فالمعنى سيكون تعزيزا كبيرا لادعاءات الفلسطينيين امام محكمة الجنايات الدولية بأن ارض الضفة الغربية لا توجد قيد الخلاف بل دولة سيادية وان كل ضم من هذه  الارض مثلها كضم القرم.

​ان اعترافا اوروبيا بدولة فلسطينية في حدود 67 سيعزز الادعاء بان على قضاة محكمة الجنايات الدولية ان يقبلوا الادعاء بوجوب البحث في  التوجه الفلسطيني الى المحكمة في موضوع اقامة المستوطنات في الضفة الغربية، وفي المستقبل – ضد الضم، اذا تحقق – والقول ان هذه هي جريمة حرب، وعليها يمكن اتهام الاسرائيليين المشاركين بشكل مباشر في هذا العمل. على هذه الخلفية تجري محادثات غير رسمية بين محافل اسرائيلية رسمية وبين محافل اوروبية رسمية. يوضح الاوائل فيها بان العقوبات افضل في نظرها من اعتراف اوروبي بالدولة الفلسطينية. هكذا بكل وضوح.

​فهل فهمت هذا يا باروخ؟ في كانون الثاني كان يخيل ان اليمين حقق مطلبه وان الولايات المتحدة مستعدة لان تقترح حلا ناجحا للنزاع. كان يخيل أن حكومة نتنياهو ادخلت، مثل ذاك الطفل، الى دكان الشوكلاته، وان من حقها أن تختار كل ما تشاء منها. في ذروة أزمة الكورونا تبين أن صاحب دكان الشوكلاته يطرح شروطا، ذعر قليلا من رد فعل العالم العربي، ومستعد لقائمة حمية اكبر بكثير. نتنياهو لا يريد ان يبدو كمن لم يفهم ما عرض عليه منذ البداية وهو مستعد لان يكتفي بضم صغير كي يخلق عرضا عابثا وكأنه نجح في تحقيق مطلبه لدى زعيم العالم الحر، المتعثر في الطريق الى صندوق الاقتراع. وحتى الضم الصغير من شأنه أن يدخل اوروبا الى وضع  تسعى فيه الى الاثبات بانها لا تتصرف بتمييز تجاه ضم القرم وضم الضفة، وتقودنا الى محكمة الجنايات الدولية بتهم غير بسيطة. وكل ذلك بسبب مسمار صغير وزائد.