يرى محللون ان تركيا قد تقدم مساعدة حاسمة للاتحاد الاوروبي لتسوية ازمة اللاجئين الذين يهربون بكثافة من النزاع السوري لكن لا بد من بناء تعاون افضل بين بروكسل وانقرة اللتين تتسم العلاقات بينهما بالصعوبة .
فتسارع الازمة السورية على وقع الضربات الجوية التي تقوم بها روسيا منذ الاربعاء قد تدفع المزيد من اللاجئين الى الطرقات. وعلى هذه الخلفية سيستقبل رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك اردوغان في بروكسل الاثنين.
وفي هذا الاطار تلعب تركيا دورا محوريا. فمن سواحلها ينطلق كل يوم الاف الاشخاص الى الجزر اليونانية في بحر ايجه. وعندما يصلون الى القارة يتابعون طريقهم عبر البلقان الى المجر او كرواتيا ليحاولوا بعدها الوصول الى شمال اوروبا وخصوصا الى المانيا على امل ايجاد ملجأ.
وقال مارك بييريني الباحث في معهد كارنيغي اوروبا “في هذه الكارثة المتعلقة بالمهاجرين، في هذا النزوح الكثيف الذي تتسبب به سوريا والان جزئيا بسبب الوجود العسكري الروسي الذي يعطي الانطباع لدى الناس بان الوضع سيتفاقم، تجد تركيا والاتحاد نفسيهما في مركب واحد (…) انه امر يزعزع الاستقرار بالنسبة اليهما”.
وعبرت تركيا الخميس عن “قلقها الشديد” بعد شن اولى الضربات الروسية في سوريا. وكرر الرئيس اردوغان التأكيد على رغبته في دفع بلاده للانضمام الى الاتحاد الاوروبي الذي تتعثر المفاوضات بشأنه منذ 2005 ويرى في ذلك استراتيجية تعود بالمكسب على الطرفين.
وقال سيمون موردو الموظف الكبير في المفوضية الاوروبية هذا الاسبوع ان “تركيا تشكل جزءا من الحل”. واضاف ان “تركيا تستقبل حاليا اكثر من مليوني لاجىء سوري، 260 الفا منهم في مخيمات و1,75 مليون خارج المخيمات”.
وتابع ان تركيا “وظفت اكثر من ثمانية مليارات دولار لاسكان” هؤلاء اللاجئين، مضيفا “اننا ننظر اذن الى تركيا كشريك في هذه الازمة وهي تواجه تحديات عديدة مماثلة لتلك التي نواجهها”.
لكن هذه اليد الممدودة تخفي ضيق الاوروبيين الذين توترت علاقاتهم مع اردوغان منذ بضع سنوات.
ولائحة الاعتراضات التي وجهتها بروكسل الى انقرة في السنوات الاخيرة طويلة وتبدأ خصوصا بحقوق الانسان وحرية التعبير واستقلالية القضاء …
لكن حتى وان اقر الاوروبيون بحق انقرة ب”مكافحة الارهاب” فهم يعبرون في مجالس خاصة عن قلقهم من الهجوم الذي شنته على متمردي حزب العمال الكردستان اواخر تموز/يوليو ويأسفون لعدم مسارعتها في محاربة جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.
في المقابل انتقدت الحكومة التركية الاسلامية المحافظة واردوغان بروكسل لتقاعسها امام مشكلة اللاجئين السوريين. وتطالب انقرة باستمرار باقامة منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية لكن الاتحاد الاوروبي لا ينظر الى هذا الاقتراح بعين الرضى.
ولفت بييريني السفير السابق للاتحاد الاوروبي في هذا البلد الى “ان هذه الزيارة (لاردوغان) تأتي ايضا في فترة من الاضطراب الشديد في تركيا مع انتخابات برلمانية مرتقبة في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر على خلفية دوامة العنف وتدهور دولة القانون” بسبب الغارات والهجمات على احزاب ووسائل اعلام مناصرة للاكراد.
لكن التعاون الذي تنشده بروكسل يذهب ابعد من ذلك بكثير. فهو يتناول مكافحة المهربين على السواحل التركية — في حين يتوقع ان تدر عمليات تهريب طالبي اللجوء الى اوروبا بين مليار وملياري يورو على الاقل هذه السنة بحسب بييريني — وايضا تفكيك الشبكات المتعلقة بجوازات السفر المزورة.
ويرغب الاوروبيون خصوصا في ان توافق تركيا على فرض آلية اجراءات لتسجيل طالبي اللجوء الذين يمكن بعد ذلك استقبال قسم منهم في اوروبا، لتفادي مجازفتهم في رحلة محفوفة بالمخاطر على مراكب عشوائية. لكن هذه الفكرة اعتبرها رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو “غير مقبولة”.
ويقترح جيرالد كنوس مدير مركز المبادرة الاوروبية للاستقرار للابحاث من جهته “تدبيرا استثنائيا” لتخفيف العبء الملقى على عاتق تركيا وتجفيف الطريق الدامية عبر بحر ايجه. ويقول “ينبغي على برلين التعهد باخذ 500 الف لاجىء سوري مباشرة من تركيا خلال الاشهر الاثني عشر المقبلة”.
وفي الوقت نفسه ينبغي برأيه على الاتحاد الاوروبي لثنيهم ابعاد المهاجرين الذين يصلون بشكل غير قانوني الى اوروبا الى تركيا.