"وفد طبي من غزة للضفة" وثقافة "الانقسام التشاركي"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 كثيرا ما يحاول "البعض" الفلسطيني تجاهل الخطورة الحقيقة التي انتجتها مؤامرة 2006، لصناعة مستقبل سياسي مشوه، عبر "انتخابات ديمقراطية"، أدت الى فوز حركة حماس بها، بعد تحضيرات متعددة لهزيمة فتح وتجهيز "بديل مشارك"، منذ قمة كمب ديفيد، لتدمير الكيانية الموحدة، كضرورة سياسية لا بد منها، كي يصبح المشروع التهويدي – التوراتي قائما، وليس هدفا.

ولذا لم يكن ابدا هناك "عقبات موضوعية" بعد تلك الانتخابات لتمرير الانقسام وتكريسه لاحقا بشكل عامودي وأفقي، وأصبح عقبة مرضية مزمنة اصابت الجسد الفلسطيني، مكافحته يحتاج علاجا مستحدثا يكسر كل التقديرات التقليدية، او التفكير "القبلي السياسي"، في البحث عن ترضيات جزئية، تنتج "دورية الفشل".

الانقسام الفلسطيني لم يعد بعدا سياسيا أو فصائليا حسب، بل تحول ليصبح جزءا من "الثقافة السائدة" في جناحي بقايا الوطن، ومن يراقب تصريحات ممثلي حكومتي الأمر الواقع سيدرك جيدا تلك "الحقيقة السوداء"، التي يتهربون منها، ويختبئون خلف "أكاذيب" مصنعة.

يوم الثلاثاء، أعلن مسؤول الصحة في حكومة حماس، (أن الوزارة بغزة قررت إرسال فريق طبي مؤهل ومتعدد التخصصات للمحافظات الشمالية، من أجل مساندة زملائهم في مواجهة وباء كورونا. وأكد يوسف أبو الريش، "أن التحديات المختلفة تحتم علينا أن نقف موحدين في مواجهتها").

جوهر التصريح يعكس عمق الثقافة الانقسامية، وفد "من وزارة غزة لدعم اشقاء في وزارة الضفة"، هكذا بات الأمر، الكلام بذاته تعبير عن "سذاجة سياسية" من حيث الشكل بأن يصدر في تصريح خاص يعتبر "حدثا"، رغم ان الأصل ان يكون ترتيبا داخليا بين اقسام وزارة واحدة، يقوم بعض من العاملين فيها بالعمل في مناطق أخرى.

التصريح المعلن من وزارة الى وزارة، ليس سوى إساءة مضافة للوطنية الفلسطينية، وكشف عملي لعمق الانقسامية التي تختزنها حركة حماس، والتي بدأت في التسارع بالتوازي مع التسارع في تطبيق المشروع التهويدي، الذي يستثني قطاع غزة، ويمنحه بعدا "كيانيا خاصا"، مع بحث شكل المشاركة في حكم المحميات السبعة الذي يطل برأسه، وما تحدث به المسؤول الحمساوي، كأنه مظهر تنفيذي لبعض ملامح ذلك المشروع.

التسارع "التفاعلي" مع المشروع التهويدي بمظهر "الرفض اللغوي" والتجاوب العملي، ويبدو أن الأمر ينتقل من تمرير "الانقسامية السياسية" الى "الانقسامية التشاركية" المحدودة في "حكم المحميات السبعة"، مع ميزة ريادية خاصة لـ "النتوء الكياني الغزي"، بدأ التعبير عنها في "مسلسل اللقاءات التلفزيونية" بين ممثلين عن حركتي فتح وحماس لترويض الوعي الوطني، وتمرير مؤامرة جديدة كما كان عام 2006.

تلك المسالة بكل مكوناتها يجب ان تكون جرس إنذار مبكر للشعب الفلسطيني، كي لا تصبح واقعا يصعب التصدي له، ويتحول الى جدار مضاف للجدر التي تم صناعتها لصد المشروع الوطني، في ظل الهروب غير المبرر من تنفيذ قرارات الرسمية الفلسطينية، وخاصة سحب الاعتراف المتبادل وإعلان دولة فلسطين امتدادا شرعيا لأول سلطة فلسطينية في التاريخ فوق أرض فلسطين.

هل تنتفض "بقايا الحركة الوطنية" لتشكيل حائط صد عملي لـ "مؤامرة مركبة" ما بين "تهويد أرض وإذابة كيان"، ام أصبح الأمر خارج القدرة التي لديها، ما يتطلب تفكيرا لصناعة جديد كفاحي وإن طال زمنا.

ملاحظة: غسان كنفاني منذ أن غادر جسده الحياة شهيدا بقنبلة من فاشيي العصر في تل أبيب، لا زال يدق الجدران كي لا ينام الناس في زمن الكآبة السياسية العام...المبدع غسان حيا وهو شهيد، في ذكراه عبر فهل ممن يقرأون...يا غسان!

تنويه خاص: أعلن أحد مسؤولي فتح  انه لا يوجد موعد محدد ولا مكان معين لإقامة مهرجان حول الضم في الضفة...طيب هاي اسمها "مواجهة" لمشروع خطير أم "مداعبة" لشي تاني..البقية عندكم!