الديمقراطية في اسرائيل ماتت في نهاية صيف 2020

حجم الخط

هآرتس – بقلم حيمي شليف

الديمقراطية في اسرائيل ماتت في نهاية صيف 2020. عندما أعلنت المستشفيات بأن أقسام الكورونا مليئة ولم يبق الكثير من اجهزة التنفس الاصطناعي. وعندما اصبحت اعمال شغب العاطلين عن العمل والمستقلين المفلسين عنيفة، ورئيس الحكومة نتنياهو استخدم الصلاحيات الجديدة التي أعطيت له من اجل سن قانون خاطف للاعلان عن فرض الاغلاق الكامل وتجميد حق التظاهر وتأجيل المحاكمات الجنائية الى اشعار آخر.

​في اليوم التالي، القى رئيس الحكومة خطاب للأمة شرح فيه بأنه وصلت اليه دلائل قاطعة عن وجود مؤامرة لاسقاط حكمه، شاركت فيها “جهات معادية وجمعيات اوروبية لاسامية وشخصيات كبيرة في جهاز القضاء الاسرائيلي ووكلائهم في وسائل الاعلام”.

​وقد اعلن نتنياهو بأنه سيستخدم تعليمات الدفاع لحالة الطواريء من العام 1945 من اجل فرض رقابة شاملة، والاعلان عن جمعيات يسارية معروفة كاتحادات غير قانونية، واعتقال رؤساء “المتآمرين” وتقديمهم لمحاكمة سريعة في المحكمة العسكرية الخاصة التي تم تشكيلها برعاية قوانين الطواريء. وأعلن ايضا بأن وزير الامن الداخلي امير اوحانا سيعين من قبله مسؤول عن الشباك.

​في الشبكات الاجتماعية اندلعت عاصفة شديدة، لكنها بقيت افتراضية بسبب الاغلاق. التماسات للمحكمة العليا تم رفضها بشكل قاطع بسبب فقرة الاستقواء التي تم ادخالها في الدقيقة التسعين الى “قانون الصلاحيات الخاصة”. بني غانتس اعلن عن ازمة ائتلافية خطيرة، لكن تم ارضاءه بعد أن تعهد نتنياهو بـ “التصرف بشكل معتدل” والتشاور معه، وبعد أن تبين له بأن ثلاثة اعضاء في قائمته يمكن أن ينسحبوا من ازرق ابيض واعطاء اغلبية لحكومة ليكود ضيقة، ستكون حسب قوله “مشكلة كبيرة”.

​وبسبب عدم العثور على دلائل قاطعة لادعاء أن فقدان السيطرة على وباء الكورونا في بداية شهر تموز نبع من نوايا سيئة لنتنياهو، وليس بسبب انشغاله بأموره القضائية، فان الهستيريا العامة خدمت اهدافه. نقاش مشابه اندلع في الفيس بوك حول عدم المبالاة الغريب لنتنياهو ازاء الضائقة المتزايدة لمئات آلاف الاسرائيليين الذين وصلوا الى شفا الجوع. رفضه التطرق الى الانباء التي تقول بأن جهات متماهية مع الليكود حرضت ضد رؤساء الاحتجاج، عزز فقط الشكوك ضده.

​سياسيون وخبراء اعترفوا بأنهم لم يتعاملوا بما فيه الكفاية مع تصريحات نتنياهو عن المؤامرة الظلامية التي كما يبدو تمت حياكتها ضده، وعن محاولة اسقاطه من الحكم “ليس عن طريق صندوق الاقتراع”. وزير رفيع في الليكود قال إنه لم يخطر بباله بأن الامر يتعلق بأكثر من مسرحية استهدفت تحريض الجمهور على معارضة “حملة الملاحقة” التي تجري كما يبدو ضد نتنياهو. “الحيلة تحولت الى عقيدة كاملة”، قال الوزير الرفيع قبل دقيقة من دخوله الى قاعة الكنيست التي انعقدت بكامل الهيئة من اجل المصادقة لرئيس الحكومة على صلاحيات طواريء أخرى.

​وسائل الاعلام انقسمت حسب مواقفها. المراسلون وقنوات التلفاز المتماهية مع نتنياهو، بما في ذلك القناة 13، قالوا إن الامر يتعلق بـ “خطوة مؤقتة ضرورية للدفاع عن الوطن ممن يريدون الشر له”. وأن نتنياهو كان يجب عليه العمل قبل أن يغادر ترامب البيت الابيض. القناة 12 حافظت على الحيادية، ومكنت المحللين فيها من الاحتجاج على تحطيم الديمقراطية، ولكنها حرصت على اعطاء نفس الوقت لضيوف كرروا اقوال نتنياهو بأن هذا تحول الى تهديد وجودي.

​صحيفة “هآرتس” اظهرت معارضة شديدة جدا لخطوات نتنياهو، على الاقل الى أن تم اتهام المحررين فيها بخروقات شديدة للرقابة وتم توقيفهم للتحقيق، هم وشخصيات معروفة من الاعلام الاجتماعي، الذين تم توقيفهم بتهمة اثارة التمرد.

​الجمهور الاسرائيلي الموجود في البيت يتملكه الخوف من الوباء المتفشي والفوضى في مراكز المدن، وهو مصدوم من تأثير سنتين صعبتين لميلودراما نتنياهو، رد باغلبيته بعدم مبالاة. لقد غفونا اثناء الحراسة، اعترف بذلك معظم اعضاء الكنيست. نتنياهو صحيح أنه وضع مسدسه علنا على الطاولة، وبعد ذلك رفعه من اجل اطلاق النار على الديمقراطية والتأكد من قتلها، هم وافقوا، لكن من كان يمكن أن يخطر ذلك بباله.