بعد جنون الضم والهجوم على المستشار القانوني ، استيقظ نتنياهو بتأخير كبير

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

بتأخير حرج لبضعة اسابيع اتخذت الحكومة أمس عدة قرارات بشأن فرض قيود شديدة وقاسية على الاقتصاد: اغلاق قاعات الافراح، النوادي، الحانات، قاعات الرياضة، برك السباحة العامة والعروض الثقافية. وقد تقرر تقليص عدد المسافرين في الحافلات بشكل كبير وايضا عدد زبائن المطاعم المسموح به وعدد المصلين في الكنس.

​هذه الخطوات سيكون لها تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد وعلى مصدر رزق مئات الآلاف. وقد كان من المعقول الامتناع عن اتخاذ هذه الخطوات لولا أن دخلت الحكومة برئاسة نتنياهو الى فقدان الوعي الذي حدث في أيار – حزيران بين الاحتفال بالانتصار على الكورونا في الجولة الاولى من التفشي واندلاع الموجة الثانية للوباء.

​رئيس الحكومة، كما يقولون لنا، يميل الى العمل بصورة جدية – استثمار اقصى قوة في الهدف المركزي الى حين تحقيقه، مع تجاهل القضايا الاخرى. هذا للأسف ما حدث له خلال شهر ونصف، فيها كان ينشغل بفكرة الضم في الضفة الغربية (التي مؤخرا اختفت بدرجة معينة من تصريحاته). وهو مع ذلك وجد الوقت في تلك الفترة للانشغال ايضا بالتشهير بشريكه الجديد بني غانتس وبمعركة الصد القضائي ضد المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت.

​ولكن مثلما في قضية انشاء اتحاد الشركات، الذي حسب رأيه هرب منه في الجرف الصامد، ايضا الكورونا هربت من بين يديه. ولكن هنا النتائج بائسة أكثر. رئيس طاقم الخبراء الذي يقدم الاستشارة لهيئة الامن القومي، البروفيسور ايلي فاكسمان، يعتبر الوضع الذي وجدت اسرائيل نفسها فيه الازمة الاكثر درامية التي مرت بها. واذا كان هذا مبالغ فيه قليلا استهدف ايقاظ الحكومة والجمهور فيبدو أن فاكسمان قد نجح في ذلك أخيرا. أول أمس تم استدعاءه لجلسة الحكومة. وقد طرح ملاحظاته بالنسبة للوضع الى جانب التوصيات التي وضعت على طاولة نتنياهو والوزراء في بداية شهر ايار. ومنذ ذلك الحين تم وضعها في الجارور الذي عليه غبار، وهناك لم تراها عيون أحد.

​نتنياهو بلا شك استيقظ. فمؤخرا عاد الى العمل على مدار الساعة بالكورونا – خلال ذلك يخصص بالتأكيد بعض الوقت للتوترات التي زادت شدة مع ايران. تصريحاته للجمهور مرة اخرى هي تصريحات شديدة ومتشائمة. والامر الذي لا يوجد فيها أو في اقوال الوزراء ونوابهم هو أي اشارة للاعتذار أو تحمل المسؤولية عن الاخطاء التي تم ارتكابها: الفتح السريع وغير المراقب للاقتصاد، بالاساس المصادقة على الاحتفالات العامة في قاعات الافراح التي تبين أنها مراكز الاصابة لكل الاجيال.

​في بعض الاحيان عندما جاءوا من ارجاء العالم للتعلم منا، النجاح جميعه كان ينسب لنتنياهو. ولكن الآن عندما تقترب اسرائيل من الولايات المتحدة في نسبة الاصابات الجديدة المشخصة فان التهمة يتم القاءها على المواطنين المارقين – ليست مسؤولية رئيس الحكومة الذي دعاهم في شهر أيار بابتسامة عريضة وقال “اذهبوا واستمتعوا”.

​بعد تجاهل طويل للتوصيات يوجد الآن تقدم معين قبل تجنيد عاملين في نظام قطع سلاسل العدوى (التحقيقات الوبائية)، والى جانب ذلك وعد الجيش بتعزيز هذا النظام بـ 300 جندي، وهو اقتراح طرحه الجيش في السابق في شهر آذار، لكن وزارة الصحة رفضته. فاكسمان اقترح العودة الى تولي قيادة قسم العمليات في هيئة الاركان، الاشراف على “مركز السيطرة” لمعالجة الازمة. في الحقيقة هذا اقتراح لنقل معظم الصلاحيات العملية من وزارة الصحة الى أيدي جهاز الامن.

​هذا لم يحدث لأن نتنياهو لا يريد ترك السيطرة من بين يديه بصورة ينقل فيها جزء منها الى مسؤولية وزير الدفاع غانتس. وبشكل موضوعي يمكن أن نتناقش حول مدى مناسبة الجيش لهذه المسؤولية الكبيرة. والواضح هو أن رئيس الاركان افيف كوخافي الذي هو نفسه سارع الى توزيع شهادات التميز في الكورونا على وحداته واغلاق القضية في شهر أيار، سيضطر الى العودة للتعامل مع الفيروس بكامل القوة. وسيكون مطلوب منه أن يضع تحت تصرف الدولة قدرات الجيش الاسرائيلي: القوة البشرية والوسائل اللوجستية غير المحدودة تقريبا، مقارنة مع الوزارات الحكومية الاخرى.

​جهاز غير ذي صلة

​عودة الى النظام الوبائي، لأن ذلك مسألة حاسمة. بوتيرة الاصابة المشخصة الحالية، تقريبا ألف مصاب يوميا، فان النظام بلا شك غير ذي صلة ولا يحقق تماما هدفه. عضو الكنيست نفتالي بينيت (يمينا) الذي تبين أنه كان صوت مستقل وقوي في فترة الازمة، قام مؤخرا بتحقيق شخصي صغير حول أداء التحقيقات. الاستنتاجات مقلقة. ففي الوقت الذي جندت فيه دول اوروبية آلاف الباحثين وهي تجري الآن محادثات تستمر لساعتين وأكثر مع كل مريض مشخص من اجل معرفة سلسلة المخالطين، فان الصورة في اسرائيل مختلفة تماما.

​بينيت تحدث مع اشخاص شاركوا في عملية التحقيق ومع مرضى ارسلوا اليه تسجيلات محادثات، التي فيها حقق معهم ممرضون من صحة الجمهور، المتعبون من العبء غير المحتمل. المحادثات استمرت بالمتوسط 25 دقيقة. والنتائج تم تسجيلها على ورقة وبعد ذلك تم نقلها الى الحاسوب، وهي مهمة على الاغلب استكملت فقط بعد يوم. وقد اعتمدنا فقط على ذاكرة المريض الذي على الاغلب يكون غارق في القلق بسبب المرض واحيانا ايضا يكون محرج من استرجاع عدد من لقاءاته أو أنه يخاف من فرض الحجر على اشخاص خالطهم. والاخطر من ذلك هو أن الابلاغ عن دائرة المخالطين هو من مسؤولية المريض نفسه، وليس للدولة الوقت للانشغال بذلك.

​هذا الامر يتناسب مع قضية تحديد مكان المخالطة عن طريق الشباك، التي حارب ننتنياهو من اجل استئنافها مدة شهر تقريبا. ومنذ تم استئنافها في بداية الاسبوع الحالي تم تلقي مئات الاحتجاجات للمواطنين على مخالطات غير صحيحة (الاشخاص لم يكونوا في المكان الذي قيل بأنهم كانوا فيه)، وعلى أوامر حجر صارمة وعلى عدم القدرة على العثور على جهة معينة من اجل أن يتم الاحتجاج لها على القرار. لأن مراكز الاتصال في وزارة الصحة انهارت.

​رئيس الشباك، نداف ارغمان، يعرف جيدا لماذا لا يريد القاء هذه المسؤولية مرة اخرى على الشباك. هذه الوسيلة مخيفة، نظام تحديد مكان الشخص هو ببساطة غير معد لهذه المهمة وبهذا الحجم. عندما يبحث الشباك عن مطلوب معين في نابلس فهو لا يعتمد على اشارة من جهاز خلوي واحد، بل يعتمد على شبكة واسعة من المعلومات المساعدة، بطرق بنيت بصورة ثابتة خلال العشرين سنة الاخيرة (ايضا في المناطق كان هناك عدد غير قليل من حالات الخطأ في التشخيص). في حينه أنه هنا، عشرات آلاف بلاغات الحجر المنزلي ارسلت للمواطنين كل يوم، البعض منها كان خاطئا لأنها لا تميز بين الشقق والطوابق وحتى المباني.

​اضافة الى ذلك، لا يوجد أي تخاطب بين التحقيق الوبائي وبين اجهزة تحديد المكان. بيانات الشباك لا يتم نقلها على الاطلاق الى الممرضين الذين يجرون المقابلات مع المرضى. وبناء على ذلك لا يمكن الاستعانة بها من اجل أن يسترجعوا معهم أين كانوا ومع من التقوا.

​كل ذلك امور كانت معروفة قبل اشهر، عندما بينيت والطاقم برئاسة فاكسمان وطواقم خبراء آخرين، قدموا للحكومة توصيات مفصلة وواضحة حول اقامة النظام. ولم يتم فعل أي شيء. المستوى المهني في وزارة الصحة أطال العملية، والوزراء ومدير عام الوزارة تبدلوا والحكومة غفت في نوبة الحراسة. والآن، ربما سنجر في نهاية المطاف الى اغلاق جديد من اجل أن لا تنهار المستشفيات – فقط بعد ذلك سيكون بالامكان تفعيل نظام وبائي ناجع، اذا وصلنا مرة اخرى الى وتيرة بضع عشرات من المصابين يوميا (مثلما في تلك الايام الجيدة في منتصف أيار). هذه نتيجة مخيفة للاقتصاد.

​هذه ايضا مهزلة تسبب عدم ثقة كامل من قبل المواطنين. من يتلقى أمر خاطيء من الشباك بالحجر المنزلي لن يسارع للخضوع له، وحتى من يجب أن يكون حقا في الحجر من شأنه أن يُنصف نفسه ويخالف هذا الامر، سواء لدواعي الحصول على مصدر الرزق أو الشعور بأن معظم جهود الدولة لا تعمل بشكل جيد. ليس غريبا أنه مؤخرا هناك اشخاص كثيرون يفضلون الخروج من البيت لاجراء ترتيبات ولقاءات بدون هواتفهم الخلوية من اجل التملص من الحجر.

​لم نسمع أي تفسير لهذه الثغرات حتى الآن، التي خلفيتها نضجت بصورة مستمرة في اشهر عدم المبالاة والاهمال، من رئيس الحكومة والوزراء. في المقابل، كان لديهم وقت للانشغال أمس بصورة حثيثة بأمر آخر: اجازة قانون طواريء يسمح للحكومة بتجاوز الكنيست وفرض قيود جديدة على الجمهور دون الحاجة الى مصادقتها.