عندما تفشل القيادة ، دعوا الجيش يمسك بالدفة

حجم الخط

اسرائيل اليوم– بقلم يوسي بيلين

رغم المقدرات المحدودة للجيش الاسرائيلي من حيث القوى البشرية والعتاد، كان ولا يزال الجهاز الاكبر، الاكثر مهنية وصاحب المقدرات الاكبر في اسرائيل. وتأتي قدراته اساسا لغرض الردع ولهذا فان اساس اعماله هي في استعداده.

​من يقفون على رأس الجهاز الامني في اثناء وباء الكورونا، ينظرون  الى فشل الجهاز  المدني لمعالجة الازمة بشكل مرتب ومنسق ومقتنعون بانه لو سمح للجيش بضبط الاجهزة المختلفة، لكان استوفى المهمة بالشكل الانجح. كان يمكن  لتدخل الجيش، في ظروف محددة ان يكون السبيل  الاكثر نجاعة لمعالجة الوباء، حتى لو كان الخطر الحالي ليس معرفا بعد كتهديد وجودي.

​في أيام الكورونا الاولى كان يخيل أن رئيس الوزراء نتنياهو يكاد يستمتع بالحديث مع مواطنيه في وقت البث الذروة،  وارشادهم بغسل الايادي ووضع الكمامات وخلق احساس بانه يوجد في المحيط راشد مسؤول قادر على معالجة الوباء والحديث عن كفاحه له في نفس الوقت. وقد ارتفع في الاستطلاعات ورفض اقتراحات وزير الدفاع السابق (الذي لا يطيقه منذ بضع سنوات) ووزير الدفاع الحالي (الذي لا يطيقه منذ سنة ونصف) لاعطاء الجيش الاسرائيلي المجال  لمعالجة الموضوع. ربما الان حين يفهم بان من يشخص كمن يجلب المطر يجد نفسه مذنبا ايضا في الجفاف، سيوافق على الاكتفاء بالمسؤولية العامة التي له ويعطي الجيش الانتصار على الكورونا.

​قبيل يوم الاستقلال الـ 25 انقسمت سنوات الدولة بين الصحافيين في “دافار”، وكلفت انا بمهمة وصف العام 1950. في اثناء العمل اطلعت على مقال ابراهام عوفر، وفوجئت، لاني كنت اعرفه، بعد 23 سنة من نشر المقال، بانه كان رجل مؤسسة  واضح.

​لم يكن كشتاء 1950 في صعوبته.  في  شباط هطل ثلج في  تل أبيب. لم  يسبق  أن  حصل  شيء  كهذا من قبل  ولا حتى قبل  المدينة العبرية الاولى. مع نهاية السنة هطلت امطار شديدة أنتجت فيضانات جرفت المخيمات والمعابر التي نزل فيها المهاجرون. وقد دعي الجيش لانقاذ الوضع.

​نشرت الصحيفة الناطقة بلسان الحرس الفتي التابع لمباي (الشمورت) التي كان يحررها مئير بار-ايلي المقال الاستفزازي لعوفر تحت عنوان “ما للجيش والمعابر؟”. وكتب الشاب الغاضب ضمن امور اخرر: “من النظرة الاولى يبدو كل شيء على ما يرام، بل ويثير الانفعال… وزعت الصحافة على الجيش وعلى “حملة المعابر” الثناء والتمجيد. ورغم ذلك فان هذه الخطوة تثير مشاكل خطيرة… ينبغي السؤال ما الذي حصل كي تكون حاجة لتسليم مهمة المؤسسات القائمة للجيش؟… فليس الجيش باي شكل الاطار الملائم لان ينفذ باقي الوظائف في الدولة الديمقراطية… ومع الشتاء وصل الوضع في المعابر الى ازمة. يحتمل أنه لم يكن بديل آخر غير استدعاء الجيش. ولكن لا يجب الترحيب  بهذه الخطوة دون المطالبة بجواب: لماذا وصلنا الى الازمة ومن هم المسؤولون عن ذلك”.

​استنتاج عوفر، الذي اصبح لاحقا وزير الاسكان وانهى حياته بشكل مأساوي، صحيح اليوم ايضا. عندما تفشل اجهزة اخرى ينبغي فحص لماذا فشلت، ولكن الجيش هو العنوان الذي يتوجه اليه المجتمع الديمقراطي في مثل هذا الوقت. بخلاف جهاز المخابرات الذي يسعى رئيسه وعن حق الا تستغل قدراته التعقبية لفحص اناس ليسوا مشبوهين بالمس بامن الدولة، فان الجيش مستعد بل ويطلب استلام المعالجة لمكافحة الكورونا. القانون يسمح له بعمل ذلك (هذا هو التفسير المعقول للمادة 18 في “أمر أنظمة الحكم والقضاء”، الذي لا يزال ساري المفعول، وكذا وفقا للمادة 2 من أمر شعبة القوى البشرية التي تسمح للجيش بان يؤدي وظائف مدنية بناء على طلب الشرطة). اذا كان دور الجيش محدودا بالزمن، وتحت رقابة حكومية وبرلمانية، فلن يكون تدخله خطرا على ديمقراطيتنا.