04 تشرين الأول 2015
ما يشهده الحرم القدسي الشريف ومحيطه وما يتصل به وتداعياته، معركة كسر عظم فلسطينية إسرائيلية، لن تتوقف إلا بهزيمة أحد طرفي الصراع، والصراع يدور على قدسية المكان ولمن تؤول السيادة المدنية الدينية الفعلية فيه وعليه: 1- لأصحابه الذين أقر لهم الاحتلال عبر البوابة الأردنية منذ العام 1967، حرية العبادة والتنظيم والتوظيف، باعتباره مسجداً تقتصر الشعائر فيه على المسلمين وللمسلمين فقط، باعتباره مسجداً إسلامياً أسوة بالكنيسة للمسيحيين وبالكنيس لليهود والخلوة للدروز، فلا مجال كما قال رأس الدولة الأردنية الملك عبد الله، للتقسيم أو للشراكة فيه وعليه، بين المسلمين وغير المسلمين، 2- أم تتم الاستجابة للمستوطنين وحكومتهم الاحتلالية الاستعمارية التوسعية العنصرية التي سعت عبر تفوقها وقدراتها وتحكمها بالبوابات المقدسية، بفرض التقاسم الزماني، تمهيداً ومقدمة لفرض التقاسم المكاني، على الحرم الإسلامي الشريف ومسجده الأقصى وعلى أرضه وفي سياق مساحاته، كما سبق وفعلوا وفرضوا بالقوة المسلحة في المسجد الإبراهيمي في الخليل.
لا مجال للتسوية بين طرفي الصراع، بين المحتلين المستوطنين الإسرائيليين الذين عبر عنهم المستوطن يوعز هندل في مقال له نشرته «يديعوت أحرونوت» يوم 30/9 تحت عنوان «حان الوقت لتحكم إسرائيل القدس»، وبين الشعب الفلسطيني وأهل القدس وأبناء مناطق 48 ومع المرابطين والمرابطات، حول الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى، لا مجال للتسوية أو التفاهم أو الشراكة أو التقاسم، وأحدهما ستتم هزيمته وتراجعه عن مقصده ومعتقده، إما بتراجع حكومة المستوطنين وأحزابهم عن مشروعهم بفرض التقاسم الزماني ومن ثم المكاني على الحرم القدسي الشريف، وإبقاء الحال على حاله، والقديم على قِدمه، أو هزيمة الفلسطينيين ومعهم سائر المسلمين على وجه الأرض بقبول التقاسم والرضوخ للمشروع الاستعماري التوسعي العنصري الصهيوني الإسرائيلي، إنها معركة كسر عظم، يواصلها المرابطون والمرابطات من أبناء القدس والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ضد الظلم والتعدي والمس بمعتقدات المسلمين وقناعاتهم وإيمانهم.
النضال على الأرض في القدس لحماية الحرم القدسي الشريف يوازيه الجهد الأردني بالتعاون مع الجهد الفلسطيني على الساحة الدولية لعل المسلمين والعرب، الأثرياء منهم والفقراء يدركون حجم الكارثة التي تمسهم جراء مخططات وبرنامج المشروع الاستعماري الإسرائيلي، الذي يهدف لتغيير معالم القدس العربية الإسلامية المسيحية باعتبارها أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين وحاضنة للمسجد الأقصى ولكنيسة القيامة، والعمل على أسرلتها وتهويد معالمها، وجعلها صهيونية عبر قطع صلتها مع ماضيها وتراثها وقدسيتها وجعلها عاصمة للمحتلين ومشروعهم الاستعماري التوسعي، وهذا ما قاله نتنياهو أمام المجتمع الدولي في الأمم المتحدة، «قبل الإسلام والنبي محمد قام النبي داود ببناء الهيكل على هذا الجبل وأعلن القدس عاصمة لدولة اليهود».
وحدها رئيسة البرازيل ديلما روسيف، من على منبر الأمم المتحدة، قالت، «لا يمكن تجاهل حقوق شعب فلسطين، أو تقبل التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة» ولهذا تستحق التقدير من الشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاثة: أبناء مناطق 48، وأبناء مناطق 67، ومن اللاجئين الفلسطينيين في العالم، وأن تذكرهم بعدم تجاهل حقوقهم، وعدم تقبل التوسع الاستعماري الاستيطاني، فهو دليل حي على استمرارية علو الأصوات المعبرة عن رفض الطغيان والاستعمار والاحتلال، ولصالح التضامن المعنوي والسياسي والأخلاقي مع الشعب العربي الفلسطيني وقضاياه العادلة.
نجاح رفع العلم الوطني الفلسطيني يوم 30 أيلول على السارية أمام الأمم المتحدة، حصيلة الانحياز والتضامن الدولي عبر التصويت الأممي يوم 10 أيلول بواقع 119 ضد ثمانية أصوات، انعكاساً لقبول دولة فلسطين وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وتصويتها يوم 29/11/2012 بواقع 138 صوتاً ضد تسعة أصوات فقط، يدلل على مدى تفهم المجتمع الدولي الإنساني المتعدد القوميات والأجناس والديانات، لتطلعات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني وعدالة مطالبه في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ولا شرعية لقراراته ولا قانونية لإجراءاته، وهذا يزيد الشعب الفلسطيني، والمرابطين والمرابطات عزيمة وقوة وإيماناً بعدالة قضيته، وشرعية حقوقه، ومطالبه بالمساواة في مناطق 48، والاستقلال لمناطق 67، والعودة للاجئين واستعادة ممتلكاتهم المصادرة المنهوبة.