رأى محللون إسرائيليون، اليوم الأحد، أن التصعيد الأمني الحاصل في القدس ينذر بأن الانتفاضة الثالثة قد اندلعت، وأنها قد تمتد إلى الضفة الغربية وربما إلى داخل الخط الأخضر على شكل عمليات فدائية، وأن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يتحمل مسؤولية هذا الوضع لأنه تسبب بجمود سياسي وكثف الاستيطان وممارسات أخرى في الأراضي المحتلة.
وكتب كبير المحللين السياسيين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، في أعقاب عمليات الطعن التي نفذها فلسطينيون في الأيام الأخيرة، أن "هذه انتفاضة، إنها الانتفاضة الثالثة"، مشيرا إلى أنه "ثمة أهمية لأن نسميها باسمها لأن عدم تسميتها باسمها سيسمح للمؤسستين السياسية والعسكرية بالتهرب من المسؤولية".
واعتبر برنياع أنه "في هذه الأثناء تشبه (الانتفاضة الثالثة) بمميزاتها الانتفاضة الأولى، التي بدأت في كانون الأول 1987 وانتهت في سنوات التسعين الأولى. وهي تدور حاليا وراء الخط الأخضر، في شرقي القدس والضفة. وإذا كان الماضي يدل على المستقبل، فإنه لن يكون بعيدا اليوم الذي تنتقل فيه إلى مدن إسرائيل الأخرى وتتحول من إرهاب سكاكين، حجارة وزجاجات حارقة إلى إرهاب انتحاريين" في إشارة إلى تفجير حافلات.
ويقول قادة الجيش الإسرائيلي إن الأحداث في القدس والضفة الغربية، من مواجهات وعمليات طعن وإطلاق نار، لا تعبر عن اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، إلا أن برنياع لفت إلى أن "هذا ما قالوه في بداية الانتفاضة الأولى".
وأردف "كمن يرأس حكومة إسرائيل بصورة متواصلة منذ العام 2009، يتحمل نتنياهو مسؤولية كبيرة عن اليأس وغياب الأمل. فقد آمن أن الوضع القائم سيستمر إلى الأبد، وأننا سنجففهم، نغلق عليهم، نستوطن ونحكم، وهم سيطأطئون رؤوسهم ويستسلموا. إلى هذه الدرجة كان متغطرسا. قالوا له إن هذا خطير. وحذروه من أن إسرائيل ستدفع ثمنا غاليا في الحلبة الدولية، وأن موجة الإرهاب في الطريق. وهو دفن رأسه بالرمل، وأخرجه فقط من أجل خوض صراع يتسم بجنون العظمة، ولا أمل منه، ضد الاتفاق مع إيران".
وشدد برنياع على أنه "لا توجد حلول عسكرية لموجات الإرهاب العفوية. بإمكان الشاباك القبض على خلية واحدة بسرعة، وبإمكان جندي أو شرطي أن يطلق النار على مخرب، لكن هذا لن يكسر الموجة".
وأردف أن "نتنياهو يقول بمحادثة هاتفية من نيويورك للوزير يسرائيل كاتس إنه ’يجب شق شوارع التفافية’. هيا، حقا، أي شارع سيلتف على شارع الواد في البلدة القديمة. في الماضي أغلقوا شوارع الضفة أمام سيارات الفلسطينيين. فسافروا عبر طرق ترابية، والعمليات استمرت".
من جانبه، كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن "تطورات مختلفة حدثت في الشهور الأخيرة من شأنها أن تدل على أن أجهزة اللجم والكبح التي مارستها إسرائيل والسلطة الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة (باعتبار أن الانتفاضة الثانية انتهت بالعام 2005) بدأت تضعف".
ورأى هارئيل أنه "من دون مواصلة التعاون، فإن الطريقة الحالية، التي تحافظ بصعوبة وحسب على الوضع القائم، قد تنهار وتجر معها المناطق (المحتلة) إلى موجة عنف واسعة أخرى، باتت بدايتها تظهر الآن".
وأوضح هارئيل أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة في غزة، والعمليات الموسمية في المناطق وإرهاب الأفراد في القدس لم ينجحوا في إشعال الضفة في السنوات العشر الأخيرة، وذلك بفضل القيادة الفلسطينية. لكن اليأس العميق من نتنياهو ومن حلم الدولتين من شأنه أن يحول عمليات نهاية الأسبوع الماضي إلى بداية موجة عنف طويلة".