لا مانع من جباية ثمن سياسي من المسؤولين

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم  يوسي بيلين 

 

​في كل مرة يتحدث فيها احد ما عن افعال سياسية، قرارات سياسية،  مقالات سياسية او مظاهرات سياسية، أرى امام عيني حاييم طوبول في دور صالح شبتاي في الكيشون. هذه هي  القصة المضحكة – المبكية عن المتفرغين السياسيين، الذين يعدون بالسكن والعمل، ويطلبون التصويت لاحزابهم مقابل هذه الوعود وعن المهاجر الجديد الذي سرعان ما يفهم اللعبة، فيستغلها، في نهاية المطاف في صالحه.

​ان من يتهم المتظاهرين في منتهى السبت في ميدان رابين أو منظمي المظاهرة في أنهم “سرقوا” احتجاجا موضعيا في موضوع اعطاء تعويضات عن ضياع المداخيل في فترة الكورونا، فجعلوه حدثا “سياسيا” كل هدفه هو احتجاج آخر ضد نتنياهو، هو بريء او يدعي البراءة. يدور الحديث عن مظاهرة ضد سلوك الحكومة في ضوء الوباء، ومن يمثل الحكومة اكثر من كل شخص آخر هو نتنياهو، الذي كان بوسعه أن يترك الشروحات لـ “مواطني اسرائيل” في ساعة المشاهدة الذروة لوزيري الصحة والمالية، ولكنه فضل عمل ذلك بنفسه. من يستمتع من هالة الساحر هو  ايضا العنوان  الطبيعي لخيبة الامل، واحد لم “يسرق” المتظاهرين الابرياء لغرض تحقيق هدف حزبي.

​يمكن طرح ادعاءات مختلفة عن المتظاهرين في منتهى السبت ممن جاءوا للاحتجاج على ضائقة الاعمال التجارية الصغيرة. يمكن الادعاء بانهم لا يأتون الى الميادين الا عندما تتضرر جيوبهم، ولكن ليس عندما يكون تهديد حقيقي على استقلالية المحكمة وعلى “حماة الحمى”. كما يمكن القول ان من يأتي بالاف الاشخاص الى الميدان، دون محاولة جدية لضمان الحد الادنى من التباعد بين المتظاهر والآخر، يتصرف بقدر كبير بتسيب.

​ولكن الامر الاخير الذي يمكن ان يعزى لمنظمي المظاهرة هو جلب عشرات الاف الاشخاص الى الميدان بذرائع عابثة. فالكثيرون منهم هم من الطبقة الوسطى الذين يخشون  من الخسائر كنتيجة للمعالجة الحكومية للوباء. هذه مظاهرة سياسية فقط في سياق انها تعنى بقضية عامة، وكل قضية عامة هي قضية سياسية. فقط من يسعى للتشكيك بشرعية كل وسيلة نقد لسلوك الحكومة يشكك بحق التظاهر الذي يسمح للجمهور بالاعراب عن رأيه في القرارات او في التقصيرات بين الانتخابات والانتخابات ايضا، وليس فقط في صندوق الاقتراع. السؤال هو كيف يمكن عدم كم الافواه وعدم تعرض حياة المتظاهرين ومحيطهم للخطر في وقت واحد. الحكومة الديمقراطية التي تمنع المظاهرات ستقف امام النقد على أنها تستغل الوباء كي تسكت معارضيها. الحكومة التي تسمح لكل مظاهرة وكأنه لا يوجد كورونا، تعرض حياة المواطنين للخطر بشكل لا يغتفر. واضح ايضا بان من يسمح بمظاهرة في ميدان رابين لا يمكنه أن يتشدد مع متظاهرين في مئة شعاريم، تماما مثلما هو من يسمح بفتح البرك في  الفنادق  سيصعب عليه منع فتح البرك العامة. فالمنع اسهل من السماح ومن التفسير.

​ثمة اضطرار لمنع ما وقع في منتهى السبت من تكرار ذاته. فالمظاهرات السابقة، التي احترمت فيها قواعد “التباعد الاجتماعي” أثبت بان الامر قابل للتحقق بل ويدعو الى الاهتمام الاعلامي الواجب. وحقيقة أنه في  الغداة جرت مظاهرة اصوليين، وهي أيضا دون الحفاظ المناسب على التباعد، تعني أن لدى جهاز انفاذ القانون لن يكون سبيل للشرح بانه لا يتصرف  بـ “الانفاذ الانتقائي”.

​لم تكن المظاهرة في منتهى السبت سياسية بالمعنى الضحل للكلمة. لقد كانت مظاهرة  أناس  يقفون امام تحديات اقتصادية غير مسبوقة، ويشعرون بان الحكومة ليست هناك من أجلهم. ولكن السماح بالمظاهرات بطريقة تعرض مشاركيها ومحيطهم للخطر، دون الالتزام بقواعد الكفاح ضد الكورونا، لا يعبر عن نهج ليبرالي بل عن نهج هو أيضا استخفافي وفي نفس الوقت “خرطوي” كاستعارة للتعبير الذي يستخدمه المتظاهرون أيضا.