من الجيد أن العرب لم يخرجوا الى الشوارع

حجم الخط

هآرتس – بقلم عودة بشارات

صحيح أن “الرأس اليهودي” يحدث العجائب والمعجزات. ولكن لا يجب الاستخفاف بالرأس العربي، حتى أنه من الجدير التعلم من معجزاته. ها هم الجميع يسألون: لماذا لا يخرج العرب الى الشوارع وينضمون الى اخوانهم اليهود في موجة المظاهرات التي تغرق البلاد ضد نتنياهو وضد سياسته الاقتصادية – الاجتماعية، اضافة الى ادارته الفاشلة لازمة الكورونا؟، حيث أن العرب هم أول من تضرروا من الضربة الاقتصادية، سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى العام. السلطات المحلية العربية، على سبيل المثال، حصلت على اموال مضحكة في اعقاب الازمة مقارنة مع السلطات اليهودية، بالاساس من يقفون على رأس الهرم الاقتصادي.

​وتفسير ذلك: أولا، العرب يفكرون وبعد ذلك يفعلون. هم يعتقدون أنهم اذا خرجوا في مظاهرات جماهيرية في الناصرة وطمرة ورهط وأم الفحم فانه حسب نسبة الغضب التي نشاهدها في الوقت الحالي، في ميدان رابين في تل ابيب وفي شارع بلفور في القدس وفي المظاهرات الصاخبة على مداخل الاحياء الاصولية، يمكن التخمين بأن خطاب هراوات رجال الشرطة في اوساط اليهود سيتحول بسرعة الى هجوم كبير ضد العرب. مثلا، قوات الامن ستقوم بقنص العرب على بعد عشرات الامتار، وبعد ذلك سيقولون للمراسلين الاعلاميين المجندين، هذه المرة ضد المتظاهرين (العرب كما نعرف) عندما كان هناك خطر يهدد حياتهم. وقد كانت هناك امور مثل هذه في السابق، ويمكن تصفح دفاتر التاريخ المصفرة.

​ومن حسن حظ اخواننا المتظاهرين في ميدان رابين أنهم ليسوا عربا، وإلا فانه من غير الخطأ القول بأنه بدلا من سيارات الشرطة التي نقلتهم الى المعتقل، كنا سنرى جنازات تملأ الشوارع. للأسف، هذا هو الوضع في اسرائيل. إنهم يفتشون كل عربي يريد رغيف من الخبز خوفا من أن تكون لديه مؤامرة قومية لتقويض دولة اليهود، والجميع يصدقون بجدية هذه الكذبة.

​في المقابل، العرب كما هو معروف يفكرون بخطوة أو حتى عشر خطوات الى الامام – لو أن عربي واحد انضم الى المظاهرة في القدس على سبيل المثال، وغريزته القومية سيطرت عليه على شكل الكوفية أو كمامة سوداء أو حمراء، فهذا سيكون العنوان الذي سيخرج بالتأكيد من بلفور أو من مراسلي البلاط: احفاد المفتي مع اصدقائهم في اليسار يقتحمون منزل رئيس حكومة دولة اليهود.

​الآن اذهب واشرح للصحافي بن درور يميني، الذي يتصرف مثل جهاز الأشعة الذي يكشف الافكار الشريرة للعرب، بأن الكوفية وقبعة التمبل كانت ترمز في الاوقات الجيدة الى الاخوة بين اليهود والعرب. وربما سيكون هناك مراسل معين تحلى بموهبة الكتابة ويكتب: “حلف سخنين – هبيما”.

​في المقابل، يمكن الافتراض أن النجم الثقافي الصاعد، افيشاي بن حاييم، سيطلق حملة تحليلات ممتعة عن الحلف غير المقدس بين “اسرائيل الاولى واسرائيل العاشرة” (أي العرب)، و”يديعوت احرونوت” ستنشر في الصفحة الاولى صورة كبيرة لشاب وهو يحمل العلم الفلسطيني ومكتوب عليها شعار “أنا أطالب بالعمل أو بحق العودة”.

​هكذا، في لحظة تأسيسية واحدة في الوقت الذي تملأ فيه الدموع العيون، سيقف يئير لبيد بصمت عند سماعه أي أمر وطني وسيتعامل مع بتسلئيل سموتريتش، شقيق الأخ نفتالي بينيت، وسينطلق نشيد هتكفاه.

​مقابل ذلك سيقول العرب، بعيدا عن كل هذه الضجة، بأن ضمائرهم مرتاحة بشأن محاربة الفساد. فقد لعبوا دورهم على أحسن وجه. نتنياهو وكتلته حصلوا على نسبة صغيرة جدا من العرب في الجولات الانتخابية الثلاثة. ومن يجب عليهم الخروج هم الاشخاص الذين استيقظوا متأخرين وانتخبوا نتنياهو برأس مرفوع مرة تلو الاخرى، قضية تلو الاخرى ولائحة اتهام تلو لائحة اتهام.

​اذا لم يعد الجمهور اليهودي يستطيع التحمل واتخذ قراره بشأن نتنياهو فان العرب قد اتخذوا قرارهم منذ زمن. ومن الجيد أنهم بدأوا يفهمون بأن من بدأ بقمع العرب سيواصل قمع اليهود ايضا. المهمة هي انشاء نظام حكم يقوم على العدالة والتضامن. عندها فان الورقة المصفرة التي تسمى نظام نتنياهو ستسقط من تلقاء نفسها. من الجيد أن يخرج اليهود شوكهم بأيديهم. العرب يوجدون دائما في الطرف الصحيح.