حل أزمة "الراتب" جزء من خطة مواجهة "الضم"!

حجم الخط

بقلم حسن عصفور 

منذ خطاب الرئيس محمود عباس مايو الماضي، واعلانه وقف العلاقات مع دولة الكيان، وقبله، يعيش الموظف الفلسطيني أزمة حقيقية بعد ان أصبح راتبه معلقا في الهواء، لا يعرف هل سيكون ام سينتظر، هل هو راتب أم نصف، ما له وما للبنوك أو أهل الدين العام.

بالتأكيد، سيقول البعض أنها ليست الأزمة الأولى التي يتعرض لها الموظف منذ قيام السلطة الوطنية، لكنها بالقطع، هي الأزمة التي يمكن القول إنها الأولى التي لا يرى الناس لها ضرورة وطنية سياسية، بل هناك من يراها "مفتعلة لأسباب غير معلومة، وبعيدا عما يقال، سببا أو "زعما لسبب"، فلا يوجد لها توافق وطني عام، وبالجريرة لا يوجد تأييد شعبي عام.

الأزمة المالية هذه المرة صناعة محلية فلسطينية، عندما قررت "الحكومة"، وبشكل غير مفهوم أبدا، وقف استلام أموال المقاصة، التي هي حق مطلق وليس هبة أو منة من الطرف الإسرائيلي، قرار ربما أثار الارتباك حول "الدوافع" التي أدت لمثل ذلك، ولم تقدم أي تفسيرات لذلك "القرار الغريب".

لا خلاف، ان وقف التنسيق الأمني كان أحد المطالب الضاغطة على السلطة الفلسطينية وحكومتها في رام الله، كما الحد من التنسيق المدني، والذي يتطلب مراقبة حقيقية للجانب الاقتصادي منه، خاصة وجود البضائع الإسرائيلية في السوق الفلسطينية ولها "بديل وطني"، ومع قيمة بعض ما تم تنفيذه في القرار الأمني والمدني، لم يكن مطلوبا أبدا، وضع المقاصة جزءا من تلك الآلية التي يتم التعامل معها.

اعتبار أن وقف استلام المقاصة هو جزء من قرار وقف التنسيق "مدني – أمني"، لا يمكن له أن يمثل حالة اقناع للمواطن قبل الموظف، فتلك مسألة يمكن التعامل معها بطرق مختلفة، واشكال متعددة، لأن المعاناة هنا من يدفع ثمنها ليس "العدو الوطني" بل الحارس الوطني للقضية، ومعها المحرك الحقيقي لأي فعل للحماية المطلوبة.

تجويع المواطن خطر سياسي، أي كانت الذرائع، وبدون "أسباب وطنية مقنعة"، ومع تفاوت معلوم جدا لحياة "فئة من المسؤولين" خارج أي إحساس بما وصل له حال موظف لا يملك سوى ما له راتبا محددا محدودا.

وليس مفاجئا ابدا، أن تشهد الضفة الغربية حراكا ضد الفساد، أي كان حجمه والمشاركين به، لكنه بالتأكيد يجد تعاطفا كبيرا من بين الصامتين، وخاصة مع مواجهته بالقمع والاعتقال، ما يزيد الغضب الشعبي – الاجتماعي، فالتظاهر ضد الفساد حق، وقد يراه أطراف الحكومة والسلطة غير ذلك، بل منهم من يذهب الى محاولة النيل منه بالاختباء خلف معركة "الضم" والمواجهة"، وهم غير ذلك مطلقا لا حضورا في معركة ولا وجودا في ميدان، واستبدلوا "المواجهة الشعبية" بحصار موظف و"بعبعة إعلامية"، غايتها بحثا عن مصالح في حسبة تحالف المحميات والنتوء.

من يبحث مواجهة لمشروع التهويد وهو يعاقب القوة الرئيسية لتلك المواجهة، فهو واهم او مخادع، فلا قدرة لجائع ومصاب بكل أشكال الإحباط العام، من سلوك بلا سبب وطني حقيقي يمكنه أن يكون قادرا على العطاء العملي.

موضوعيا، أول خطوات المواجهة للمؤامرة الجديدة البحث عن حل جدي لأزمة الراتب، وإيجاد سبل للتغلب على أزمة المقاصة واستلامها، ويمكن مناقشة سبل وصولها من خلال مبعوث الأمم المتحدة ملادينوف وممثلي الاتحاد الأوروبي، لو أن الأمر يمثل أولوية للحكومة كما يعلن الناطقون باسمها.

"جاهدوا" لحل أزم المواطن - الموظف، قبل أن تفكروا بـ الجهاد" الآخر، كي لا يصبح المشهد لاحقا "مواجهة بين جائع وحاكم" وليس بين شعب وعدو...فلا تستخفوا بجوع الناس وتذكروا دوما ما قاله الإمام علي والصحابي النبيل أبو ذر الغفاري، "عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه"...فالجوع كافر فلا تدعوا الناس يكفرون بما هم مؤمنين به وطنا وقضية...
ابحثوا حلا قبل الندم الوطني العام.

ملاحظة: هل بدأت بعض أدوات قطر تركيا بتحريك "خلايا إرهابية" ضد مصر، كجزء من النزعة الاستعمارية الأردوغانية الممولة من تميم بن حمد...للبعض الفلسطيني حاذروا ممن يبحث استخدامكم!

تنويه خاص: تربية حماس في غزة نشرت فيديو اعتذار لطفلة ووالدها عن خطأ مرتكب، كان لها علاجه بقانون وليس بفضيحة طفلة...فعل يرتقي لمستوى الجريمة...تذكروا أن "كسر الروح الإنسانية باب مفتوح للخيانة الوطنية"!