معركتان حاسِمتان … أيهما تسبق الأُخرى .. سِرتْ أم إدلب؟!

حجم الخط

بقلم محمد خروب 

 

قد يكون توقيت الحديث عن معركة إدلب الكبرى غير مناسب في ظل التصاعد الدراماتيكي في المشهد الليبي, بخاصة تواصل الحشد العسكري التركي المصحوب بحملة دعائية تستهدف تضخيم تلك التحضيرات, المترافقة مع اشتراطات مُتغطرِسة تطرحها حكومة السرّاج (اقرأ أنقرة), لا تقف عند «تسليم» مدينة سرت وقاعدة الجفرة العسكرية، بل وأيضاً رفع «الإغلاق» عن المثلث النفطي, والبدء بتسييله تحت طائلة النبذ وعدم الاعتراف بأي صفة تمثيلية للشرق الليبي, سواء شخص حفتر الذي وضعَت عليه تركيا «فيتو» صارماً, أم في دور ومكانة برلمان طبرق ورئيسه عقيلة صالح.



كذلك تصاعد الاستعدادات المصرية, للحؤول دون أي حماقة تركية لتجاوز الخط الأحمر, الذي حدّده الرئيس المصري. حيث «فوّضه» مجلس النواب اتّخاذ ما يلزم للحفاظ على «الأمن القومي» المصري. وهي خطوة تسبق بدرجة واحدة فقط «الحالة جيم» كما تُوصَف عسكرياً, والتي تعني وضع الجيش في أقصى درجات الاستعداد للدخول في حرب لا يعدو اندلاعها مسألة وقت.

رغم ذلك فإنّ ما يجري في إدلب من مواجهات عنيفة, وما يتمّ تبادله من رسائل بـ”النّار» بين موسكو وأنقرة (غارات روسية جوية على مدينة الباب, وأُخرى تركية شمال شرقي الحسكة) يزيد من الاعتقاد بأنّ معركة إدلب الكبرى التي طال انتظارها توشِك على الاندلاع, خاصة بعد التفجير الذي استهدف دورية روسية/تركية مُشترَكة على طريق M4 حيث بدَت موسكو وكأنّها تُحمِّل أنقرة المسؤولية, كون المنطقة بأسرها تحت سيطرة القوات التركية, التي ما تزال تواصل حشد قوّاتها وآلياتها و«شُرطتها», على نحو يُوحي بأنّها تستعدّ لمعركة تعتقد أنّها وشيكة. ناهيك أنّ أنقرة لم تفِ بالتعهّدات التي قطعتها على نفسها عند التوقيع على اتّفاق موسكو في 5 آذار الماضي بين بوتين وأردوغان في أعقاب مواجهات عنيفة وقاسية كادت تُفضي إلى مواجهة روسية/تركية, بعد تجاوز أنقرة كل الحدود وذهبَها بعيدًا في استعراض قوّتها, بهدف منع فتح طريق طريقيّ M4 M5، اللذيْن كان فتحهما ضمن اتّفاق سابق (17/9/ 2018) لكن أردوغان واصلَ المُراوغة.



المقارنة بين إدلب وطرابلس قد لا تكون واردة في ظروف دولية وإقليمية ضاغطة ومتواصلة, وإن التقت الأطراف حول ضرورة استيلاد ميزان قوى جديد بديلاً عن الوضع الراهن, ما استدعى تدخّل أطراف كانت بعيدة (أو مُستبعَدة) عن الانخراط فيها.

وإلّا كيف يمكن تفسير أنّ تركيا غدَت طرفاً رئيساً في الأزمة الليبية, فيما «فرضت» نفسها منذ اليوم الأول (بل قبله) لاندلاع الأزمة السورية بحكم ديكتاتورية الجغرافيا.

هنا يحضر الكباش الروسي/التركي في الأزمتين, وتبدو موسكو قد عيل صبرها, وباتت على قناعة أنّ إهدار مزيد من الوقت تمنحه لأنقرة, لن يكونَ إلّا على حسابها. وبخاصة أنّ مخطط الأخيرة لإقامة «إمارة إسلامية» تحت وصايتها في إدلب قطَع شوطاً مهماً في التنفيذ.

كذلك لعبتها المُتدحرجة في الفضاء السوفييتي السابق (جمهوريات آسيا الوسطَى), كما تندرج عربدتها المُنسّقة مع ترمب في ليبيا, مُوجّهة لروسيا سعياً لتحجيم دورها وربّما إلغائه (إن استطاعَت).



لم يعد السؤال هل تندلع الحرب…بل متى؟