-الجمهور العربي في اسرائيل بقي في هوامش الاحتجاج

حجم الخط

هآرتس – بقلم جاكي خوري

المظاهرات ضد الحكومة تتصاعد في الايام الاخيرة. ولكن في المجتمع العربي ما زالوا يترددون في الانضمام الى الاحتجاج الاجتماعي. ورغم أن الكثير من القرى العربية تعاني من الازمة الاقتصادية الآخذة في التصاعد والاشتداد في ظل وباء الكورونا فان شخصيات رفيعة في المجتمع العربي لا تدعو الجمهور للمشاركة في الاحتجاج. أول أمس جرت مظاهرة احتجاج صغيرة في حيفا بمبادرة من اصحاب مطاعم وشخصيات في المجال الثقافي والسياحي في المدينة. بضع عشرات من الاشخاص شاركوا في الاعتصام والمسيرة في الموشاف الالماني، لكن المشهد كان بعيدا عن المشاهد في شارع بلفور في القدس.

​المؤسسات التي تمثل المجتمع العربي، لجنة المتابعة العربية وحتى رؤساء السلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة وجمعيات المجتمع المدني التي توجه على الاغلب الجمهور نحو المظاهرات امتنعت عن المشاركة في نشاطات الاحتجاج، ومعظم الدعوات للجمهور من اجل المشاركة فيها لا تصل من احزاب وهيئات رسمية، بل من أفراد، منهم رئيس القائمة المشتركة، عضو الكنيست ايمن عودة.

​مؤخرا طفى على السطح في المجتمع العربي سؤال هل يجب الانضمام الى المظاهرات وما هو دور الاحزاب العربية فيها. في المظاهرة التي جرت أول أمس في حيفا شارك نشطاء من حداش، رغم تحفظ عدد من اصحاب المطاعم والمتظاهرين من محاولة تحويل المظاهرة الى سياسية، حسب تعبيرهم. الشيف حسام عباس وهو أحد اصحاب مطعم “البابور” الذي شارك في المظاهرة قال إن المشاركة في الاحتجاج هي ضرورية. ولكنه اضاف بأنه يجب السير في خط اجتماعي فقط من اجل اخراج المتظاهرين الى الشوارع من جميع شرائح السكان. فداء طبعوني، العضوة في سكرتاريا حداش والتي وصلت ايضا الى المظاهرة في حيفا اشارت في المقابل الى أنه لا يمكن فصل العلاقة السياسية عن الاحتجاج. وقالت إن “محاولة الغاء هذا الجانب يؤدي الى أن التأثير على الخطاب والرسائل ما زال غير واضح”.

​في المجتمع العربي يوجد اجمال حول التأثير المدمر للازمة الاقتصادية والحاجة الى اظهار موقف والمشاركة في الاحتجاج. ولكن البروفيسور أمل جمال من مدرسة العلوم السياسية في جامعة تل ابيب يشير الى اخفاقات في تجند العرب للمظاهرات. “الاحتجاجات الاسرائيلية ترفع علم اسرائيل، الامر الذي يمنع مشاركة فعالة للعرب فيها”، قال واضاف “يجب علينا التذكر بأن المواطنين العرب يحتجون على التمييز على اساس قومي وليس على اساس مدني. هذا التأكيد يناقض تماما رغبة معظم المحتجين اليهود للتقليل من اهمية القضايا السياسية”.

​في المقابل، دعا الباحث في شؤون المجتمع العربي، محمد خلايلة، الى الانضمام للمظاهرات من الآن رغم الشعارات التي تثير التحفظات التي توجد فيها، وعدم الانتظار الى دعوة من المنظمين أو من المؤسسات العربية. وحسب قوله فان وجود الجمهور العربي في الاحتجاج هو الضمانة لخلق واقع سياسي مشترك، الذي يناقض ايديولوجيا اليمين. “يجب علينا أن نتعلم مما حدث في الاحتجاج الاجتماعي في العام 2011″، قال واضاف “الموقف المتناقض للجمهور العربي تجاه الاحتجاج انعكس في نتائجه”. خلايلة لا يوجه الغضب على الاحزاب العربية التي حسب قوله لا تؤمن في معظمها بأنه يجب عليها المشاركة في قيادة تغيير سياسي في اسرائيل وتخشى من طمس الاجندة القومية التي تتبناها.

​في المقابل، الاقتصادي د. سامي ميعاري يعتقد أن الاحزاب امتنعت عن التجند للاحتجاج لاعتبارات سياسية، من اجل عدم تخريب احتمالات الدفع قدما ببرنامج اقتصادي للمجتمع العربي. “استراتيجية الاحزاب العربية غير صحيحة”، قال. “يجب عليها المشاركة في الاحتجاج واسماع صوت عدد كبير من سكان الدولة الذين تم اضعافهم اقتصادية، ضد سياسة الرأسمالية المتوحشة”.

​مقابل ذلك، رئيس بلد السابق، جمال زحالقة، قال إن المجتمع اليهودي غير ناضج للدعوة الى مساواة حقيقية في اطار الاحتجاج. “نحن سنشارك فقط اذا لم يفرضوا علينا شعارات واعلام تضر بنا. وللأسف هذا لا يبدو في الأفق الآن”، قال زحالقة واضاف “التجند للاحتجاج يجب أن يكون تحت مظلة العدالة للجميع، دون فرق في الدين أو العرق أو الجنس، وليس تحت المظلة الصهيونية”. وحسب قوله، طالما أن الاحتجاج لا يحمل هذه الرسائل فان “الحل في هذه المرحلة هو الاحتجاج في القرى العربية وفي مفترقات الطرق قرب هذه القرى”.

​إن سلوك المجتمع العربي في النضال غير السياسي في السنوات الاخيرة بشكل خاص كان محدود ومتردد. وقد قالت عالمة الاجتماع الدكتورة مها صباح كركبي “بنظرة الى الوراء يمكن ملاحظة أن العرب رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم، يترددون في أن يكونوا شركاء في أي احتجاج غير سياسي، ويبقون في الخلف”. وحسب قولها “لا يمكن فصل السياسي عن الاجتماعي. لهذا ليس مستغربا أنه لا توجد دعوة من جانب اليهود لمشاركة العرب في النضال الاجتماعي. ويبدو أن الطرف الثاني ايضا غير معني بطمس الحدود القومية. وحتى يمكن للاحتجاج أن يجتاز أي حدود اجتماعية محتملة، يبدو أنه ما زال اقصاء الاقلية العربية من قبل الاكثرية اليهودية لا يستثني نضال كهذا”.

​بين المشجعين والمتحفظين اصبح من الواضح أن اصوات الاحتجاج بدأت تسري في الجمهور العربي. وهذا هو نفس الجمهور الذي خرج الى الشوارع في تشرين الاول الماضي للاحتجاج على عدم الشعور بالامن الشخصي ووحد ايضا قادته. الآن هذه ساعة اختبار لهذه القيادة التي ستثبت كم هي تريد وتستطيع المبادرة الى احتجاج، وكذلك للجمهور الاسرائيلي ومن يقودون المظاهرات يجب عليهم التوضيح اذا كانوا ناضجين لاحتواء المواطنين العرب وطلباتهم في الاحتجاج.