خطر انتهاء الهجمات في ايران بالبكاء والدم

حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي

دولة مجهولة، هويتها غير واضحة، تتحدث في الاشهر الاخيرة ايران كما لم تتحداها في أي وقت مضى. فهي تقوم بتفجير منشآت وتشعل موانيء وتزرع الفوضى والاهانة ايضا. وهي تستغل ضعف ايران الغارقة في الصراع ضد الكورونا التي ضربتها بشدة، اضافة الى العقوبات الدولية الشديدة التي فرضت عليها. ايضا العالم ينشغل بالكورونا، وفي واشنطن يوجد رئيس يحتضر من اجل البقاء. هذا الضعف الدولي تستغله الدولة المجهولة من اجل القيام بهجمات جريئة ومغامرة ومستفزة وخطيرة.

​هذا اللعب بالنار شمل عدد لا يحصى من الاحداث التي ربما حدثت بسبب “مشاكل في البنية التحتية”، كما تم تفسير ذلك. ولكن ربما ايضا حدثت بشكل متعمد ودقيق عن بعد. حادثة تلو الاخرى وايران صامتة. هجوم تلو هجوم وايران تتلقى الاهانة. الى متى ستلعق ايران لعابها؟ من الصعب معرفة ذلك. الى أي درجة هذه الاستفزازات المستمرة خطيرة؟ الامر لا يتجاوز احتمال من احتمالين: إما أن ايران هي حقا تشكل الخطر الوجودي الذي يحلق فوق اسرائيل، التي هي دولة عظمى اقليمية وخطيرة عشية تسلحها بالسلاح النووي، اذا من الواضح أن تحديها هو خطير جدا. وإما أن ايران أقل قوة مما يتم وصفها في حملة زرع الرعب في اسرائيل وهي نمر آخر من ورق، حينها فان تحديها واستفزازها هو أقل خطورة. ولكن لا يمكن الادعاء بأن ايران خطيرة واستفزازها غير خطير.

​هل بالذات ضعف ايران يمكن أن يفتح الباب امام احتمالات اخرى غير القصف والاشعال؟ كما أن الجدوى من الهجمات غير واضحة. هل اشعال سبع سفن في ميناء بوشهر يبعد ايران عن القنبلة النووية؟ أم يقربها منها؟ الهجمات بالتأكيد ستضيف هالة من البطولة للمشعلين عن بعد.

​الجنرال كينت ماكنزي، قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط، قال إنه على قناعة بأن ايران سترد على الدولة التي تهاجمها. وذكر اسم اسرائيل لسبب ما. وفي اسرائيل مرت اقواله بتثاؤب ممل. هل سيهاجمون أم لا – هذا لا يهم. حتى الآن لم تولد عملية عسكرية لاسرائيل لم يتم استقبالها هنا بالهتاف، أو للأسف باستخفاف ورضى عن النفس، طالما لم تجب الثمن بأرواح الاسرائيليين.

​مع ذلك، لا يمكن عدم الاستغراب: هناك دولة خلف هذه الهجمات، في البداية في سوريا وبعد ذلك في ايران، ويبدو أنها منتشية بالانتصار وبنجاحها ويشجعها عدم رد ايران. ربما تفقد الزمام، وتغرس سهم تلو سهم في جسد الثور النازف، وطوال هذه الفترة لا يجري فيها أي نقاش عام حول الاخطار والاحتمالات، وكلاهما أمر مصيري. ايضا احتمالية أن اسرائيل تحاول جر ايران الى حرب مثلما فعلت في السابق مع دول عربية اخرى، لا تعني أي أحد. هل هو مرض اشعال الحرائق أم سياسة محسوبة، السير حتى شفا الكارثة أم لعبة حرب مخطط لها جيدا، عدم مسؤولية كامل أم قصة نجاح مدهشة – في اسرائيل حتى لا يسألون عن ذلك.

​حتى الشك الدائم الذي اصابنا الآن بشكل خاص بأن كل شيء تم اعداده للاستهلاك الداخلي، لا يثير أي علامات تساؤل. هل ربما محاولة لحرف النظر عن امور اخرى أقل راحة؟ وربما استغلال الوقت المناسب لتحقيق الحلم الاسرائيلي بقصف ايران وحتى بدون قصفها حقا، في الوقت الذي فيه لا يعرف أحد بصورة صحيحة أي فائدة سنجبيها ولأي فترة؟ من يعرف. الجميع يصمتون، يتركون الساحة للقلائل الذين يتخذون القرارات. ولكن هؤلاء ربما هم القلائل، رئيس الحكومة ووزراءه، الذين فقدت غالبية الجمهور في اسرائيل الثقة بهم. وهؤلاء ربما هم اجهزة الاستخبارات الذين اشتروا أو سرقوا اجهزة التنفس التي لا حاجة اليها، وكذلك تبجحوا بهذا الامر. ولكن عندما يصل الامر الى ايران فان الجميع يقفون بصمت، صمت متوتر، صمت هاديء. وفجأة نصبح نثق بهم وبتقديراتهم بعيون مغمضة. فجأة هم يعرفون ما هو الجيد لاسرائيل ونحن نستسلم لهم ونحييهم بخضوع وتقدير.

​هناك احتمالية أن ينجح هذا مرة اخرى. كما يوجد ايضا خطر بأن هذا سينتهي بالبكاء والدم. لمن يعنيه الامر.