أوقفوا "القمع المزدوج" كي لا يرتبك "جدول الأعمال الوطني"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 فجأة، بدأت حركة "الاختلاط الشاذة" في المشهد الفلسطيني، فلم يعد من الممكن مراقبة الأولويات التي تثير الانسان – مواطنا أم مسؤولا في جناحي "بقايا الوطن"، ولكن الأكثر وضوحا أن القضية التي يفترض انها "مركزية" جدا، لم تعد تمثل "أولوية سياسية – شعبية" واضحة، بل ربما تغيب كثيرا عن الرؤية الميدانية.

نعم، وبلا أي تردد أو خداع، فقضية مواجهة المشروع التهويدي، بكل أبعاده الكارثية على القضية الوطنية، بل وكسر جوهرها، لا تحتل مركزها الذي يجب ان يكون، وربما انتقلت من أولا الى ...دون تحديد رقمي لمكانتها، ولم تعد المسألة التي يراها المواطن محركا لطاقته، بعد ان تم "نهشها" من قبل حكومتي الأمر الواقع شمالا وجنوبا.
ويزداد الأمر سوادا، عندما يصبح الحديث عن "مواجهة حراك الفساد والاعتقالات في الضفة"، مع توازي حملات قمع وإرهاب للرأي، وفوضى اجتماعية في قطاع غزة، الأكثر حضورا في وسائل الإعلام محلية أو عربية ودولية، وبالتأكيد العبرية.

وكي لا يصاب أصحاب "الحكم" برعشة مما يقال، فما عليهم سوى إدارة مؤشر البحث وسيرون أن مشروع الضم والتهويد، تحولت من "قضية رأي عام فلسطيني"، الى حركة تصريحات وموضوع اتصالات هاتفية، دون ان تشهد الأرض دليلا واحدا أنه أمر مركزي للفلسطيني.

والسؤال، هل يخطأ المواطن، الذي وصل الى حد الكفاف، في التعبير وحرية الرأي وبحثا لحل حالة اجتماعية، لم يعد معها قادرا على الضغط الذاتي للهروب منها ليقنع ذاته، ان أولوية مواجهة التهويد ضما وضفقة، يتطلب "تنازلا".

في الضفة "غضبا" ضد التجويع غير المبرر، من خلال وقف الراتب أو مصادرة ما يمنح له نصفا بشكل "قانوني"، وما يرافقها من مظاهر استفزازية لفئة تعتقد ان منصبها يمنحها كل الحق في أن تكون غير المواطن، والذي هو القوة المحركة لأي فعل وطني.

نعم، انتشار مظاهر الفساد المتآخي مع حصار راتب المواطن، أصبح أولوية عقلية وميدانية، وكل مهرجانات الاستعراض السياسي لم تعد تترك به بصمة، بل لربما، وهنا الأخطر أنه لم يعد يثق في أي دعوة تأتي ممن يحاصر الراتب ويعيش فسادا بيٌناً.

أن تخرج كوكبة سياسية وأكاديمية، بعريضة تصبح "حدثا" لإطلاق سراح معتقلي رأي ورافضين للفساد"، في لحظة المواجهة الأخطر، فتلك رسالة إنذار مبكر، ان القادم سيكون كارثيا لو لم يتم إعادة التفكير أولا، وتعديل مسار المشهد ثانيا، لحل أزمة المواطن السياسية – الاجتماعية، وهي لا تتطلب "سحرا وعبقريا"، وحلها باستلام "الحق الوطني" في المال الفلسطيني، ومحاكمة رموز فساد لم تعد الأسماء سرية ابدا، وبدلا من اعتقال نشطاء الحراك، يتم الاستماع الحقيقي لهم.

والحراك "الضفي"، ضد الفساد ومصادرة القانون وحرية الرأي، لا يلغي أبدا أن غياب الحراك الغزي الصريح، غيابا لحالة إرهاب فكري ومصادرة حريات، ونشر ثقافة أكثر خطورة وتدميرا قاعدتها "التخوين والتكفير"، لإخفاء أزمة حقيقية يعشيها القطاع، ولعل حضور صوت عشيرة ما وبقوة يفوق قوة الفصائل تحديا، تكشف أن هناك "خللا" جوهريا في العلاقة الوطنية.

قطاع غزة، قنبلة موقوتة وما يعيشه ليس فقط بسبب الاحتلال، بل هناك أسباب أكثر تأثيرا من ذلك، فالفساد الخاص وغياب القانون أكثر من "شقيقه" الشمالي، وغياب الحراك الصريح، لا يلغي أن هناك حراكا كامنا، قد ينفجر في أي لحظة، وتكون نتيجته ان حماس سترد بالحديد والنار...وتخيلوا المشهد في اليوم التالي...

حالة الإنكار للغليان الاجتماعي في جناحي "بقايا الوطن" لن تكون حلا للأزمة، بل تكثيفا لها لتصبح هي الأزمة الكبرى...دققوا لو كانت فلسطين لا تزال حاضرة بكم!

ملاحظة: كان ملفتا رفض رئيس بلدية النصيرات السابق حفلا لتكريمه من المجلس الجديد... معتبرا التكريم الحقيقي بإعادة حقوق عائلات حريق النصيرات واصفا إياهم بـ "الشهداء"...رفض يجب أن يفتح تحقيقا وطنيا.

تنويه خاص: "محاكمة طفل جنين" من قبل مجموعة مسلحة، وبتحد صريح لأجهزة السلطة، تكشف أن "عناصر الفوضى" لم تعد تقديرا، بل جزءا من واقع ينتظر رصاصة الانطلاق لا أكثر!