حل الدولة الواحدة ام حل الدولتين؟ أين المصلحة الفلسطينية ؟

حجم الخط

بقلم: د. دلال عريقات

 

يكثر النقاش حول شكل الحل، حتى أن رئيس وزراء الأردن الشقيق تحدث عن الأمر علانية قبل أيام، هناك مدرستان، واحدة تنادي بحل الدولتين كخيار أمثل للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي وأخرى تنادي بحل الدولة الواحدة الديمقراطية للشعبين.

لقد قبلت منظمة التحرير الفلسطينية رؤية حل الدولتين وبناءً عليها خاضت تجربة المفاوضات العقيمة، تجربة بدأت منذ ٣ عقود باعتراف فلسطيني بدولة اسرائيل، الا ان التجربة لم تتوج بحل الدولة الفلسطينية حتى اليوم، حتى ان حكومات المجتمع الدولي التي تتبنى وترعى حل الدولتين باستثناء مملكة السويد لم تعترف بالدولة الفلسطينية حتى يومنا هذا لأسباب عديدة لا أراها منطقية، ولكن الخلاصة ان حل الدولتين اليوم يبدو عقيماً تماماً كما المفاوضات. فمنذ بدء العملية السلمية، زادت أعداد المستوطنات لأكثر من ٢٢٠ وتضاعفت أعداد المستوطنين لأكثر من ٧٢٠ الف مستوطن في الضفة بما فيهم ٢٠٠ ألف في القدس الشرقية. مصادرة الأراضي مستمرة، فرض الحقائق والسياسات العنصرية مستمرة، الاعدامات الميدانية ضد الشعب بحجج الأمن الواهية مستمرة، أشكال الاحتلال مستمرة من الإذلال الى الاحتجاز الى الأسر إلى القتل وصولاً لاقتطاع أموال المقاصة والضغط المستمر على القيادة الفلسطينية لترضى بالوضع الراهن مقابل الاستمرار بالوجود!

من المنطقي أن يتجه من يرى كل هذه التفاصيل التي تتعلق بحل الدولتين الى تبني حل الدولة الواحدة، حل الدولتين الذي لم يرَ النور لم يكن خياراً فلسطينياً بل هو التنازل الذي رضي به الفلسطينيون حين قبلوا ب ٢٢٪؜ من فلسطين الانتدابية. وهنا يلجأ هؤلاء للتخلي عن حل الدولتين والدعوة لحل الدولة الواحدة، الديمقراطية حيث الحقوق المتساوية للمواطنين بغض النظر عن الدين او اللون او الاعتقاد!

الدولة الواحدة تمثل السيناريو الحضاري الذي نحلم به ولكن الواقع السياسي Real Politik يعكس غير ذلك، فاإسرائيل دولة عنصرية يقودها مجموعة من مجرمي الحرب على رأسهم نتنياهو، دولة تستمر بسن القوانين العنصرية وآخرها قانون القومية اليهودي وقانون احتجاز جثامين الشهداء وأخيراً خططها في الضم، هذه الدولة لا تعترف بحقوق لغير اليهود، لا يريدون حل الدولتين ولا يريدون دولة واحدة ديمقراطية، يتجهون للفصل العنصري، وهنا هل من مصلحة الفلسطينيين الحديث عن الدولة الواحدة او التمسك بحل الدولتين؟

بما أن اسرائيل أغلقت الباب امام حل الدولتين، فمن المنطقي ان ننظر بإيجابية لحل الدولة الواحدة، فالحديث عن حل الدولتين انعكاس للعواطف او ما نتمنى ان يكون ولكنه تجرد عن الواقع. والحديث عن الدولة الواحدة حضاري ونبيل ويعكس أمنياتنا الفكرية، ولكن باعتقادي ليس من مصلحتنا تركيز الحديث عن شكل الحل !

المصلحة الفلسطينية تكمن بالتركيز على أهمية الحقوق والحرية والكرامة وعدم تضييع الوقت والجهد بشكل الحل، بل بمحتوى الحل الذي يطمح له الشعب الفلسطيني. العنصريّة في جنوب افريقيا لم تكن مشكلة افريقيا فقط ولكنها كانت مشكلة العالم، اذا استمر نتنياهو في سياساته العنصرية، فهو يقدم اسرائيل كمشكلة العالم...

- دلال عريقات: استاذة التخطيط الاستراتيجي وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.